تدفــقوا من صخرةٍ تشتعل، لتراكم الأرض بقفطاناتكم القرمزية وتلمس أطرافكم، تحزمون المدن بشكيمة الحجر، تقودون الشجر والدواجن والفراشات والنحل والمناديل مبللةً بالحزن، تحرسون الظلال الهاربة والأحلام المذعورة في نوم الأطفال، تقودون الساحرات بقمصانٍ هلهلتها وحشة الغابة. راياتكم كوفية البيت وثيابكم حزنٌ ثاقبٌ. موشحون ببسالة الذاهب نحو تخوم الخريطة وفجوة الأرض. غزاةٌ أليفون لأوهامنا. نمشي في خديعةٍ سافرةٍ. جرجر الضباع أجسادنا نحو الجب ، في وحشة الصحراء وسفن التيه من سيسعف صخرة النار.
بقفطاناتكم القرمزية، رايات الوقت، تنقذون الماء من السكينة وتكرعون نبيذ الهجوم لتفزع المدن المستسلمة بنواقيس أفراسكم الرشيقة، مدنٌ تجرعت عارها هزيمةً هزيمةً. تذهب عن القتال متدرعةً بالتعاويذ ونصوص السقيفة، مذعنةً لرغبة الموت كأنها تموت. كنا نقول عن الأفق فيما نتضرع للجثث علها تنتصر لنا وتصد عنا الهوام منسولةً من الكبح تتراكم مثل تمائم الوهم نظنها الأوسمة فإذا هي وشم أعضائنا الذاهلة. سقيفةٌ تتفاقم حول الأرض بعرسٍ باذخٍ. نصدق سرادق الفضيحة منصوبةً فوق الضحايا، تنهض كل ليلٍ من الكفن والمراقد الأبدية تـقض شراشف أحلامنا واستسلام رؤانا. جديرون ببشارة الشخص وحنين القرمز وشبق الكائنات. تخرجون على خريطة الأرض. تخبطون مدناً أسلمت قيادها لأكثر الطغاة أناقةً وتيهاً ومباهاةً. تصيرون بريد الفزع لأكثر الشعوب اطمئناناً لسجنها.
شعوبٌ تتناسل مثل الأرانب مذعورةً مثلها، تكـز على السكاكين بجراحها لئلا يستبدلها السفاحون بالسيوف والخوازيق. شعوبٌ تتظاهر بتجرع الماء فيما تسف رمل الصحارى المستفحلة، تطلعون من صخرةٍ مشرفةٍ على الدم الراعف مكنوزةً بسرائر الناس مثل نحيب الجبال وزفير النهر المنصب. تفسدون الكلام. كلامٌ تجر إليه الشعوب رقيقاً في ساحةٍ يتبادل فيها الأشقاء الطعنات النجلاء، حيث الطغاة يرون ويتبادلون أنخابهم بعد كل هزيمةٍ ينتصرونها بنا. نذهب إلى الموت قتلاً بسواعد نتعانق بها ونتمرغ في وحل أرواحنا المهدورة. ذهبنا إلى الساحة بوهم الأعداء لنجد الأحباء في انتظارنا بالنصال المسنونة، لنسقط معاً في احتضارٍ طويل. تسألنا الأرض عن العرسٍ الذي وعدنا به فنتلعثم وتختلج، أفواهنا مملوءةٌ بالتراب. لا نعرف هل كنا نقبل الأرض كي تصفح عن سهونا وغفلة قلوبنا، أم كنا نكبت صرخات الذعر لفرط الحبسة. كنا ذريعتكم لإرتداء أكثر القفطانات خجلاً نحن أحبابكم الخاطئون نسمع نشيجكم ينبعث في صخرةٍ مشتعلةٍ، مثل حممٍ تصعدون من الأقاصي، وتقذفون بقناديلكم نيازك تبغت الغافل والنائم والمأخوذ والشريد والقاطن والمسافر، تبغت العبيد وهم يرفلون في حرياتهم المكبوتة. صمتٌ يخلع الأكباد من نواحها ويفتن الأرض بأزهار القرمز الباهرة، صمتٌ ينهر وهدة المـهد .