الكتاب المقدّس (The Bible)
الكتاب المقدس (العهد القديم) معروف بالعبرية بالـ "تاناخ"، وتتكوّن الكلمة من الحروف الأولى لمجموعات الكتب الثلاث التي يشملها الكتاب المقدس: الأسفار الخمسة (توراة)، الأنبياء (نفيئيم) والكتب المدونة (كتوفيم). ويشمل الكتابان الأخيران تسعة عشر سفراً، معظمها بالعبرية. ومع ذلك فإن أجزاء كبيرة من الـ "كتوفيم" وردت بالآرامية، وقد تم تأليفها خلال مئات السنين، منذ الفترة التي سبقت دخول بني اسرائيل لأرض اسرائيل (القرن الـ 13 ق.م.) وحتى بعد عودة اليهود من بابل إلى مملكة يهودا وأورشليم (القرن الـ 6 ق.م.).
تشمل أسفار الأنبياء نصوصاً تاريخية تمتد على الفترة ما بين توطّن الشعب اليهودي في أرض اسرائيل وطرده إلى بابل، كما تشمل العِظات الأخلاقية والدينية للأنبياء (بينهم ارميا، اشعيا وحزقيال). وتنطوي هذه النصوص على قطع شعرية دينية وعادية، وقطع من أدب الحكمة والكتابات التاريخية.
والـ "تاناخ" هو مجموعة القوانين اليهودية، التي تمت بلورتها بصورتها النهائية في الفترة الواقعة بين الهجرة إلى بابل والقرن الأول الميلادي. ولم يشمل الحاخامون الذين شاركوا في تحديد المضمون النهائي للكتاب المقدس بعض النصوص التي تُعرف بالكتب الخارجية، أي غير المدرجة في الكتاب المقدس (apocrypha)، إذ لم يعتبروها ذات إيحاء الهي. ويختلف الكتاب المقدس اليهودي (العهد القديم) عن الكتاب المقدس المسيحي (الانجيل) بأنه لا يشمل العهد الجديد، كما أن هناك اختلافاً طفيفاً في ترتيب تقديم الانبياء. وتم تحديد العلامات الصوتية المميزة (لتبيين النطق والإنشاد) في القرن العاشر.
يستعمل الناسخون لنصوص الكتاب المقدس، التي تستعمل لأغراض الطقوس الدينية في الكُنُس، أدوات عتيقة (الرقّ والريشة) ويحرصون أشد الحرص على عدم إدخال أي تغيير على النصوص. وأكثر المخطوطات قِدماً المعروفة لدينا هي مخطوطات البحر الميت، التي كُتبت قبل العصر الميلادي بقليل، وهي مطابقة تماماً للنصوص التي يتم نسخها في أيامنا هذه.
الكتاب المقدس هو الكتاب الذي حظي بأكبر عدد من الترجمات في العالم. فقد تُرجم بأكمله إلى أكثر من مائتي لغة، في حين تُرجمت أسفار معينة منه إلى حوالي ألف لغة لتقرأها شعوب مختلفة. وكانت أول ترجمة للكتاب المقدس "الترجمة السبعينية" في بداية القرن الثالث ق.م.، وهي ترجمة إلى اليونانية قام بها 72 عالماً يهودياً في 72 يوماً، ليستخدمها اليهود في مصر القديمة.
ومع أن أحداً لا يُدخل أي تعديل أو تغيير على نصوص الكتاب المقدس لكونها نصوصاً دينية، فقد نشأ في القرن التاسع عشر فرع أكاديمي جديد يدعى الدراسة النقدية للكتاب المقدس، ينتهج نهجاً تاريخياً نقدياً. وأنتج الدارسون في هذا المجال كمية هائلة من الدراسات والتحليلات.