غار مثل النجم من خلف البحور
وكذا الإنسان كالنجم يغور
ثارت الدنيا عليه اذ وهى
وكذا الدنيا على الواهي تثور
وكلت صم الجلاميد به
بعد ما هذه تكرار العصور
وذرته بين أنياب البلى
يتلاشى تحت أثقال الصخور
ويح ذا الخلق ولو بعد العفا
ليس ينجو من تصاريف الدهور
يشتكيها في ربى العيش ولم
ينج منها وهو في جوف القبور
إنني أخشى بأن لم يسترح
من عواديها ولو بعد النشور
فتية العلم: عزاء فلقد
ذهب المقدور بالشيخ الوقور
نشب الموت به أظفاره
في رقيم الشيب كالكلب العقور
ما استحى من شبيه النضر ولا
صده عنه من العرفان نور
وإذا الموت من المرء دنا
خار منه كل ما ليس يخور
إنما القوى كالناس لها
أجل يمضي فيعروها الدثور
ليس يبقى بعد إلا قوة
أبدا لم يدر مثواها الفتور
قوة الله التي ما فوقها
قوة تملك ارسان الأمور
قوة الله التي من تحتها
سائر الأكوان ترسو وتمور
قوة الله التي في يدها
محور الأكوان والدهر يدور
قوة الله التي قد اوحشت
غاب " جلواح " من الليث الهصور
ورمته تحت أنياب الردى
من رأى الضرغام تصنيه النسور
أيها الوارد في ليل النوى
موردا لا يرتجي منه صدور
فالي الله اشتكي ما قد غدت
تصطلي الأكباد من تحت الصدور
كاد منك النعي يردي اسفا
ما على الغبراء من خلق ودور
اسف الكل سوى ما بيننا
حال من بيد وأمواج البحور
هكذا الأكوان سوى تقسو وكذا
نوب الدهر على الحر تجور
أيها النازل أطباق الثرى
بعد ما كن على هام البدور
من لتلك الأمة الحيرى ومن
لحماها أيها الندب الجسور
من بذاك الجسد البائس قد
يطرب الآصال فيه ولابكور؟
بدروس وعظات تبتني
أطلم الرشد وتودي بالفجور
من تلك العترة الفضلى ومن
ليتامى من بنات وذكور؟
ظفرت بالسؤل منها بعدما
نابها رزئك اسراب النسور
هكذا الأفلاك في أجوائها
بسعود الناس والنحس تدور
كل مالبعض يجري بالشقا
لسواه راح يجري بالحبور
سنة في الكون يجريها القضا
بين خلق لله من خلف الستور
يبحث الفكر فيكبو دونها
ولذا يتعب ارباب الشعور
أي أبي ما الموت إلا مسلك
أي حي ما له فيه مرور
ليست الأيام إلا سفنا
في خضم العيش تجري والشهور
تتنامى ببني الدنيا إلى
حيث يطويها ععن الدنيا العبور
ما حياة المرء إلا شرر
يكتسبه بين ضفات الغبور
ونسيم يدفع الجثمان في
ما بذى الدنيا لأخرى من جسور
وكؤوس تنعش الإنسان في
ظلم الأكواخ أو ظل القصور
فإذا الموت تجلى استترت
بحجاب الغيب عين الظهور
أي أبي ما المرء إلا فئن
أي غصن ليس يعروه الضمور
حرت ذكرى تملأ القلب اسي
وكذا المحبوب أن مات يحور
ليت اذ روع ذياك الحمى
فيك عادي القدر العادتي الختور
لم يذر فيَّ بهاتيك الربى
أملا تنشده تلك الطيور
اترى أن غاب سلطان الشرى
هبية تبقى لقطان الوكور
أي أبي قدر صرت من تحت الثرى
رمما تزكو برياها الزهور
ورغاما ينضر السرح به
حينما تمتصه منه الجذور
وحديثا بنوادي العظما
يطرب الواعي بذكراه الفخور
وشهابها تتحلى في السما
بسناه الشهب إن رمن الدرور
وخيالا فوق مرآة الحجى
يبعث الأنسة من بعد النفور
ويواسي القلب مما يشتكي
من خطوب العيش ولدهر الغدور
إن كأس العيش شري ملؤها
شعشعث بالأزري في راح الغرور
فإذا مارمتها صافية
لم تجد فيها مذاقا للسرور
فلذا من كان يهوى الجد لم
يحي إلا في شقاء وثبور
ليس يصفو العيش مادمنا نرى
اللباب الغض من تحت القشور
ونرى النبت على الغبراء لم
ينم إلا حسبما يبلي البذور
ونرى الناس تساوى خلقها
فوق هذي الأرض ةغدا وغيور
ونرى الأقمار يكسو ضوؤها
قذر النفس كما يكسو الطهور
كم شجى هوميرا في الغرب به
وبه في الشرق غص بنتهوا
ودهى سقراط منه نا اشتكى
بعده من حيرة العقل صاعورا
فاسألن عنه المعري كيف في
دربه قد كان يكبو ويثور
وأرسطو والغزالي ما الذي
لقياه في ذراه من عثور
واسألن حتى أمير الأنبيا
هل نجا مما حواه من شرور
كيف ترجى لذة في قدرة
أبدا بالسم تغلي وتفور؟
ومن المحزن لا يحيا بما
بات يحويه سواها من قدور
ليس ينجو من أذاها هارب
في حمى المسجد أو ظل الديور
أيها النازل في دار البقا
روضة في كنف الله الغفور
إن خبا نجمك عن هذا الورى
فله في أفق الخلد ذرور
حيث قد تسبح في أنواره
بربى الفردوس ولدان وحور
فتنعم بين هاتيك الربى
بالذي قدمت من أغلى المهور