بقلم:اياد السماوي
كلّ شيء في العراق يسير نحو الخراب .. السلطات الثلاث .. الأحزاب والقوى السياسية .. المؤسسات الدينية .. منظمات المجتمع المدني .. الأخلاق والقيم الأجتماعية .. وأخطر أنواع هذا الخراب هو الخراب الذي اصاب المؤسسة القضائية .. فحين يكون القضاء عاجزا عن التصدّي لسرطان الفساد الذي نخر جسد الدولة بكلّ مؤسساتها .. فهذا يعني أننا سائرون نحو الخراب .. ولأننا نؤمن أنّ أهم شرط من شروط مكافحة الفساد أن يكون القضاء مستقلا ونزيها وكفوءا ويعمل بمهنية واحترافية عالية , لأنّ القضاء المستقل هو وحده القادر على تحقيق العدل وحماية الحقوق العامة والخاصة للفرد والمجتمع .. فعندما تتقدّم وسائل الإعلام على القضاء والهيئات الرقابية الرسمية وتتصدّى للفساد والفاسدين من غير أن يرمش جفن للقضاء والمدّعي العام .. فاعلم إننا سائرون نحو الخراب ..
لليوم الثاني على التوالي تقوم قناة العهد الفضائية ومن خلال برنامج بتوقيت العاصمة الذي أصبح منبرا لمحاربة الفساد , باستضافة النائب الغيور كاظم الصيادي ليكشف بالوثائق الرسمية والأدّلة الدامغة عن واحد من أهم ملّفات الفساد التي شغلت الرأي العام في الأيام الماضية , وهو ملّف فساد عقد سيارات الميتسوبيشي الذي فتح باب جهنم على عش الدبابير .. والمثير في هذا الملّف ليس فساد العقد ومخالفته للقوانين والتعليمات النافذة , وهذا ما أثبته تقرير الوكيل الأقدّم لوزارة الداخلية السيد عقيل الخزرجي في 11 / 06 / 2018 المعنوّن إلى مديرية العقود العامة , وقرار المجلس التحقيقي برئاسة المفتش العام في وزارة الداخلية السيد جمال الأسدي في 03 / 03 / 2019 , وتقارير اللجان الفنيّة في وزارة الداخلية التي اثبتت مخالفة هذا العقد للقوانين والتعليمات النافذة , بل المثير في هذا الأمر هي التسوية التي تمّت بين وزارة الداخلية وشركة خيرات المفيد صاحبة هذا العقد .
فبعد أن استكملت كافة التحقيقات في هذا الملّف وصدر قرار المجلس التحقيقي المكلّف بالتحقيق في هذا الملّف , ثمّ إحالة كافة الأوراق التحقيقية المتعلّقة بهذا الملّف إلى المحكمة الخاصة في هيئة النزاهة .. تفاجأ الرأي العام بأنّ أمرا بتجميد الإجراءات القانونية وتشكيل لجنة لدراسة تعديل العقد من جانب وزارة الداخلية بما فيها الجهة الرقابية , قد صدر من مكتب رئيس الوزراء بموجب الكتاب سري وشخصي المرّقم ( 3. ر . و . / د 6 / 9 / 6463 ) في 02 / 05 / 2019 يتضمّن طلب تعديل العقد من الناحية الكمّية والسعرّية .. والسؤال المطروح أمام الرأي العام والقضاء العراقي .. هل يمتلك السيد رئيس الوزراء الصلاحيات القانونية لإصدار أوامر
للقيام بهذه التسوية بعد أن أحيل الملّف للقضاء العراقي ؟ وما هو موقف القضاء العراقي من هذه التسوية ؟ وما مصير توصيات المجلس التحقيقي المكلّف بالتحقيق بهذا الملّف ؟ ومن هي الجهات السياسية النافذة التي مارست الضغوط على رئيس الوزراء بتسوية هذا الملف وغلقه ؟ وهل سيبقى الصمت يلّف موقف القضاء والمدّعي العام العراقي من هذه الفضائح التي باتت تهدد بانهيار الدولة ؟ .. وأخيرا ما هو موقف برلمان الشعب ولجانة الرقابية من هذه التسوية المريبة والتي تفوح منها رائحة التسّتر على الفساد ؟ وأين هو المجلس الأعلى لمكافحة الفساد ؟ وأين هم دعاة الإصلاح مما يجري وهل نحن سائرون نحو الخراب ؟ .