تَجتاحُنا صَرخَةُ المرأةِ في مَخاضِها
مثلَ كلامِ الأعاصير
المرأةُ التي أمْضَينا العُمرَ في خِدَمتِها
ونَسِينا تأنِيبها الفادح
رأينا في سريرِها جَنَّةَ التحولات
صَريخٌ يَسِبقُ الأنبياءَ ويتبَعُ الآلهة
مَنْ يُصغِي له ويذهبُ إلى النوم
من لديه امرأةٌ نبيلةٌ مثلَ سيدتنا
يتصاعدُ مخاضُها في بخار الأضرحة
تَجِسُّ العناصِرَ و مناجِمَ الروح
وتَتَجاسَرُ مثلَ نَمِرَةٍ تَلِدُ النُمُورَ الغَضّة
وتَذُودُ عنْها مثلَ تاجِ الهيكل
تَـزوَجنا لأجلها خطواتَ النهر
و سمّينا أحجاره المصقولة حريرَ العمل
تَزَوَّجْنَا عَشِيقاتَنا قبل أوانِهنَّّ
وبّذّرنا في فاكهتهِنَّ الفَجّة أجملَ الأجنّة
مَزَجْنا بِزعفَرانِ أخبارِنا تَوابِلَهُنَّ النَفّاذّة
وها هُـنَّ يَتَصاعَدْنَ
في مخاضٍ يَمْتَحِنُ السَيّدة
امرأتُنا مليكَةُ الوِلادات
يَنتابُنا مَخاضُها مثلَ نُمورٍ في المَهدِ
تحتَ غِلالاتٍ مَسْدُولةٍ منذ الخَلقْ .
صَرِيخُ آلهَةٍ تَلِدْ ،
سيدتُنا المُزدَانَةُ بفِتنَةِ الذَهبِ في ليلٍ يَمُوتْ،
نحنُ الذين بَذلنا لها نِعمَةَ البحر
غُصْنا نحو هَداياهُ الخَبِيئَةِ
في مَحارٍ مَحْرُوسٍ بماءِ الرَغْبَةِ ،
يَتَحصّنُ بِزَرَدِ الأقاصِي .
نمدُّ له اليدَ فينالُ الذراعَ حتى الكتف
فنمسكُ الهدايا بالنواجذ
بذلنا الجسدَ يأكل منه المِلحُ وصلافةُ الحِبال
وحنانِ الجُوع بأحلامِه العَلِيلَة.
لماذا ينبغي أن يطيشَ بنا الجنونُ
لكي نعرفَ أسرارَ المعنى في قديمِ الكتبِ
نتدافعُ مترنحينَ في تَجربةِ السَفَر
نستحضرُ مختبرات اللغة،
تمتحننا القواميسُ ،
لكي نقرأ كلاماً في ظلامِ الذاكرة .
لماذا ، ونحنُ نطأُ الجمرَ،
نهتدي بمصابيح مطفأة ؟
امتحانٌ لنا،
نَحِزمُ المدينةَ بنخلٍ
حرثنا له الطينَ بعاجِ عظامنا
ليفيضَ بطلعٍ يقطر الدمَ
ويصبغُ الممرات الطرية لأطفالنا،
فيأخذونَ درسَ اليأسِ بقوة.
امتحانٌ لنا،
نحبُ سيدتَنا إلى هذا الحدْ
فنصاب بمخاضها الملكي
بصراخها، أجراس النحاس الخائف
صراخ ينشأ قبل الحديد و الذهب
صراخٌ يمزِقُ استسلامَنا
وتثاؤبَ صلاتِنا في ليلِ النسيان،
ينتشِلُنا من الآبار
فتتصلّبُ عضلاتُ أعناقِنا مَنْتُورَةً ،
كمَنْ مَسَّتْ جُثمانَهُ مُعجزةُ الآلهةِ قُبيلَ اللحدْ.
نعمَةٌ أنَّ في الثُمالَةِ ما يُضاعِفُ مَرَضَنا
بِعُشقِ النساءِ البعيدات
لئلا يُقالَ إن سيدةَ الأعالي
تَقْصُرُ عن أطفالِها المصابينَ برُهابِ السُفُوحِ
عندما يَحِينُ وقتُ الصواري
ونشرُ الأشرِعَةَ في بَعِيدِ البِحار .
نِعْمَةٌ،
ونحنُ في برزخِ اليأسِ والأمل
لم يبقَ لنا في قَصْعَةِ الحياةِ
غَيرُ غُسَالَةُ المَنادِيلِ بعدَ وداعٍ شَامِخٍ
فحينَ تَفرَغُ المرأةُ من مخاضِها
تِدُبّ رَعشَةُ الماءِ في عِظامِنا المُنْهَكةِ
وتَفِيضُ الأقداحُ بأرواحِنا الطاعِنَة في السفَر .
المرأةُ ذاتُها،
سيدتُنا النبيلة،
تَصُونُ حِصَتَنا في قَصيدةِ النساء .
و إذا كانَ فينا من لَـهَى وبالَـغَ في النسيان
أو تَباطَر َبشَهوَةِ المُكابَرة
أو بادَرَ بالموت ،
فذلكَ من طبيعةِ النومِ في سريرِ الكوابيس.
غير أنَّ المرأةَ،
المرأةُ ذاتُها
سيدتُنا، نبيلةُ الخِصْال،
سوف تَغفِرُ شَطَطَ بعضِنا
وتُشَرِّعُ رَحابَةَ إيوانَها لبعضِنا
وتمنحُ البعضَ الآخر شهوةَ النسيان.
تلك هي نعمةُ العملِ في خدمةِ السيدة
تلك هي نعمةُ المخاضِ الأعظم ،
عندما تَرْفُلُ المَرأةُ في فَصاحَتِها
تُؤَثِثُ أيامَنا بالقصيدة
وتَجعَلُ التآويلَ في خدمَةِ النَّصِ
المكتظِ بالرموز والأساطير.
فلتُصغُوا لها،
سيدتُنا المُضَمَّخَةُ، في مخاضِها الأعظم،
بقناديل أشعارِنا،
يَعْلُو صِراخَها فتنثالُ النيازِكُ
في بهو النَدم الباكر
تشهقُ أرواحُنا في شُرفةِ صراخٍ جارحٍ
وترتد سهامٌ كانتْ في طريقها لحشاشَتِنا .
فتلصغوا لها،
مطهمةً بعُرسِها ومخاضِها في آنْ
تبذل ذهبَها القديم للقابلةِ و وَصِيفةِ العُرس
كأنَّ هزيمُ رعدِها هَدْهَدَةُ مَهدِنا الوثير
كأنها، وهي في وَهْجِ ولادتِها لنا،
تَلِدُنا وتُولَدُ فينا،
كمن ينقلُ خاتمَ العُرسِ مِنْ إصبعه
ليضَعَهُ في الأصابع الفَتِيةِ كلها .
نحن الأصابعُ المتشنّجَةُ بحديدِ سريرها
سيدتُنا جميلةُ الخِصالِ
يَهْتَزُ بنا هَوْدَجُ مَخاضِها الأعظم
تلدنا و تُولدُ فينا
حصتنا في قصيدةِ النساء.