العهد نيوز- خاص- بغداد
د.عمر الخزاعي - باحث اقتصادي
اعلن برلمانيٌ مؤخراً أن ديون العراق تجاوزت 133 مليار دولار، وهو رقم يشير الى أن ديوننا في تصاعد واضح مقارنة بالسنوات القريبة الماضية.
ففي العام 2017 اعلنت عضو اللجنة المالية في مجلس النواب ماجدة التميمي، أن "اجمالي الديون العراقية تجاوز 111 مليار دولار متوزعاً بين 68 مليار دولار ديوناً خارجية و43 مليار دولار ديوناً داخلية، وأن هذه الديون تشمل قروض صندوق النقد العربي والدين غير المعالج وتعويضات الكويت ونادي باريس والدائنين التجاريين ومستحقات شركات النفط العالمية المتأخرة وقروض شركات التمويل الذاتي ووزارة الكهرباء وحوالات تمويل العجز المالي والمزادات".
وفي العام 2012 وحسب التصنيف العالمي للدول المترتب عليها دين خارجي، كان مجمل دين العراق اكثر من50 مليار دولار وفي المرتبة الستين عالميا، وبذلك نرى أن الديون العراقية اخذت تتزايدبشكل ملفت للنظر.
كما نعلم أن الهدف من الاقتراض هو تلبية الاحتياجات العاجلة للدولة كإنشاء مشاريع استراتيجية او تأهيل اخرى، واخرالقروض التي تحصل عليها العراق هو قرض الوكالة اليابانية للتعاون الدولي "جايكا" بمبلغ مليار دولار الذي وقعه عن العراق وزير المالية فؤاد حسين لتطوير مصفى البصرة،..ولكن بالعودة الى تصريحات احد البرلمانيين وهو مقرر اللجنة المالية أحمدالصفار في الجلسة الصحفية لإقرار الموازنة قال :"إن اهم فقرة في موازنة 2019 هي إيقاف الاقتراض الخارجي".. لذا من حقنا امام هذا التصاعد التدريجي أن نتساءل :اين خطط الحكومة لكبح الديون؟.
التوسع في الاقتراض الخارجي هو عبء اضافي اخر،سيما وان الموازنة المالية الحالية تعاني عجزاً بنحو 23 مليار دولار بحسب تصريحات مسؤولين بالاعتماد على سعر بيع محدد لبرميل النفط، ولربما يعتقد بعضهم ان العجز لاعلاقة له بالدين الخارجي، ولكن في وضع العراق فإن المسألتين مشكلتان تواجهاناقتصاد البلاد.
منذ العام 2003 والى الان، نجد أن الدولة العراقية في كل عام تتأمل وتنتظر ارتفاعاً في اسعار النفط العالمية من اجل حل مشكلة العجز وتنظيم مصروفاتها التشغيلية والاستثمارية وهو دليل على ارتباك واضح في ادارة المشهد الاقتصادي،..وهذا يدفعهاالى الاقتراض الذي اصبح مما لايقبل الشك وفقاً لتجارب السنوات الماضية طريقاً تسلكه سنوياً.
إن تنوع العوائد الريعية هو الحل الوحيد لتمويل النفقات الحكومية، وبنظرة منطقية للموازنة المالية للعراق المقدرة بـ 112 مليار دولار نجدها كافية لتغطية النفقات ان تم وضع برنامج عملي لتمويل الخدمات مع اعادة النظر في عمليات صرف الاموال لقوانين فيها هدر للمال العام ومحل سخط ابناء المجتمع العراقي وهي معروفة ولا حاجة لنا في هذا المقال من ذكرها والتوسع في شرحها، وبهذه الخطوات لن يبقى العراق رهيناً للديون الخارجية.
لاشك أن الحكومة الحالية تواجه تحديات مختلفة ابرزها ملفات الفساد المالي والاداري التي دفعت رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الى تأسيس المجلس الأعلى لمكافحة الفساد في العراق قبل اشهر، الامر الذي فرض واقعاً مخيفاً على مستقبل العراق بسبب استنزاف الثروة المالية، الا ان مسالة الديون المتزايدة يجب ان تكون هي الاخرى من اولويات الحكومة.
العراق بشكل عام يعيش الاستقرار الاقتصادي وهذه حالة ايجابية،.. اما ما نتمناه هو أن لانصل الى واقع يجبرنا على تمديد الديون وجعل الاقتراضمنهجاً مستمراً.