فؤادي من الآمال في العيش مجدب |
وجوى مسود الحواشي مقطب |
تمر بي الأيام وهي كأنها |
صحائف بيضٌ للعيون تقلب |
كأن لم يخط الدهر فيهن أسطرا |
يبيت لها الإنسان يطفو ويرسب |
شغلت بماضي العيش عن كل حاضرٍ |
كأني أدركت الذي كن أطلب |
وما كلت الأيام من فرط عدوها |
ولا عطل الأفلاك خطبٌ عصبصب |
وما فتئ المقدار يمضي قضاءه |
وما انفك صرف الدهر يعطي ويسلب |
وما زلت ظهر الأرض في جنباته |
مراحٌ لم يبغي المراح وملعب |
ولكن قلباىً خالجته همومه |
ترى أي ملهى طيب ليس يجنب |
وكيف يسري عنه ملهى ومطرب |
وما يطبيه غير ما بات يندب |
لقد كان الدنيا بنفسي حلاوةٌ |
فأضجرني منها الأذى والتقلب |
وقد كان يصيبني النسيم إذا هفا |
ويعجبني سجع الحمام ويطرب |
ويفتنني نوم الضياء عشيةً |
على صفحة الغدران وهي تسبسب |
فمالي سقى اللَه الشباب وجهله |
أراني كأني من دمائي أشرب |
وما لي كأني ظللتني سحابة |
فها من مخوفات الأساود هيدب |
وليلٍ كأن الربح فيه نوائحٌ |
على أنجم قد غالها منه غيهب |
تجاوبها من جانب اليم لجةٌ |
نزاءر فيها موجها المتوثب |
كأن شياطين الدجى في أهابه |
تغنني على زمر الرياح وتغرب |
لقيت به ذا جنةٍ وتدلةٍ |
له مقلةٌ عبرى وقلبٌ معذب |
فقلت له ويلي عليك ولهفي |
ترى أين يوميك السرى والتغرب |
ركبت الدجى والليل أخشن مركبٍ |
فهل لك عند الليل ويبك مطلب |
فقال وفي عينيه لمعٌ مروعٌ |
وفي شفتيه رجفةٌ وتذبذب |
ليهن ترابٌ صم حسنك أنه |
سيرويه منه عارضٌ متصبب |
سقاها ورواني من المزن سمحةٌ |
فإني في ملحودها سأغيب |
كفاني إذا ما ضم صدري صدرها |
تحية سحب قلبها يتلهب |
أأنت معيني إن قضيت بدمعة |
يحدرها عطفٌ علينا ويسكب |
فقلت له ما لي لدى الخطب عبرةٌ |
تراق ولا قلبٌ يرق ويحدب |
سكنت فما أدري الفتى كيف يغتدي |
تجد به الأشجان طوراً وتلعب |
ولكنني إن لم تعنك مدامعي |
سأستهول الموت الذي بت تخطب |
سأصرخ أما هاجت الريح صرخةً |
تقول لها الموتى ألا أين نهرب |