قبل الرسالة قل لي من هم العرب
وأي مجد بنت أم لهم وأب
تعال فاستقرى التاريخ أمثلة
تر الحقائق فيما تحمل الكتب
كان التفاخر بالأنساب رائدهم
في كل ناد فماذا حقق النسب
هل استطاعوا به توحيد أمتهم
كلا ففاقد أمر الشيء لا يهب
أبناء لخم لكسرى الفرس تابعة
وآل جفنة بالرومان تعتصب
وذو النباهة فيهم من له وثن
إليه يجأر بالشكوى وينتحب
واشرف القوم من وأد البنات له
يعد فخرا ومن يقتات ما نهبوا
وما البسوس وما جرته من فتن
إلا دليل بأن الفكر مضطرب
نعم وإلا فما مقدار ناقته
حتى عليها دم الحيين ينسكب
وكان أول قتلى القوم سيدهم
كليب : ثم توالت بعده النوب
فأربعون من الأعوام إن خمدت
نار الحروب فنار الحقد تلتهب
إن كنت في مرية من أمر سيرتهم
فابحث عن الصدق في أخبار من ذهبوا
سل داحسا والغبيرا عن رهانهم
وكيف عبس وذبيان به نكبوا
خمسون عاما ونار الحرب ما فتئت
تصلى الفريقين لم يخمد لها لهب
وسل بين قيلة عن داء باقعة
فيها تحكمت الهندية القضب
وعن بعاث ومالاقوه من محن
فيه تمخض عنه الحقد والغضب
فراح يحصد بعض بعضهم سفه
وما أفادتهم القربى ولا الحسب
هذا مثال من التاريخ أنقله
كما روته لنا الأخبار والكتب
ولو أردنا له حصراً لأعجزن
فهم على مثل هذا الحال قد دأبوا
لكن من يتولانا... برحمته
لم يترك الحال فوضى سعيها شعب
وإنما الله بالإسلام نظمه
شريعة همها الإصلاح لا السلب
فطوفت في رحاب الأرض حاملة
إلى البرية منهاجا بما يجب
تاريخهم من رسول الله مبدؤه
وما عداه فزيف كله كذب
فقد أطل على الدنيا ببعثته
وليس فيها لأمر صالح سبب
فوحد الله بالإسلام فرقتهم
على يديه وفي توحيدها العجب
وإذ بتلك البطولات التي جنحو
بها إلى الشر نحو الخير تنقلب
فلا ترى صفحة بالعدل مشرقة
إلا وجدت بأيديهم لها كتبوا
ولا روت كتب التاريخ مكرمة
إلا وفيها بسهم الفوز قد ضربوا
مكارم سيظل الدهر يذكره
بالفخر ما شيد في بيدائنا طنب
سل عابد النار هل أغنت عبادته
عن عرشه حين جاء الجحفل اللجب
وهل حتى تاجه الإيوان حين أتى
سعد ومن خلف سعد قادة نجب
كتائب بتعاليم الهدى انطلقت
لنشرها حيث ساد الشك والريب
فما دعوا لولاة الفرس ذاكرة
عن المجوسية الرعناء إذ وثبوا
والشام حيث غزوها فر قيصره
وفر من خلفه الرومان والعرب
وحينما نزل الإسلام ساحتهم
لاذت دمشق به واستسلمت حلب
أتوا إلى القدس باسم الله فانتصرو
ولو أتوا باسم قحطان لما غلبوا
حقائق لذوي الألباب أذكره
كما توالت بذكراها لنا الحقب
أتى الكنانة عمرو وهي كافرة
وللطواغيت في أرجائها نصب
فراح يدعو لدين الله متبع
نهج الرسول وفي منهاجه الأرب
فآمنت مصر بالإسلام وانتظمت
في عقده وتبنت كل مايجب
وبعد مصر مضى ركب الهدى قدم
بكل ندب إلى العلياء ينتدب
مضوا من النيل غربا يحملون إلى
تلك البقاع ضياء دونه الشهب
فبارك الله مسعاهم ومكنهم
من كل طاغية للظلم يرتكب
فحكموا العدل فيهم حينما حكمو
والناس لا شكل نحو العدل تنجذب
ومقتضى الدين إعلاء لمبدئه
فكان من أمرهم ما كان وانتدبوا
منهم رجالا أقاموا صرح مملكة
يشدو بأمجادها التاريخ والأدب
حتى تذكر ناسيهم أبا لهب
عروبة فأضاعوا الملك وانسحبوا
فليت طارق لم يبرح حليلته
وليت من معه في الفلك ما ركبوا
ولا غزوا في سبيل الله أندلس
ولا فدوا حين عز المال والطلب
وليت صقر قريش ظل مختبئ
يلهو به الهم أو يلهو به الطرب
فلو أعيدت لهم أرواحهم ورأو
ماتوا من الغم مما يفعل العقب
لعل من قرأ التاريخ يخبرن
ففي مقالة أم لابنها عجب
رأته يبكي فقالت إبك مملكة
أضعتها وعليها اليوم تنتحب
يا شعر قف بي أقارن جاهليتهم
قبل الهدى ثم ماذا بالهدى كسبوا
وجاهلية أقوام تعيش على
سبعين نهجا وللإسلام تنتسب
كان الألى رغم ما في الجهل من نكد
لا يصبرون على ضيم إذا سلبوا
وقادة اليوم لا شيء يحركهم
حتى ولو مرغوا في الوحل واختضبوا
موزعون بأمريكا لها عرب
من العبيد وروسيا لها عرب
منافقون ولكن من سيردعهم
وأكثر القوم من صهبائه شربوا
بالأمس سيقت إلى الإعدام أندلس
قسرا ونفذ فيها الحكم مغتصب
واليوم يذبح أهل العجل قدسكم
ويستبيحون ما شاءوا متى رغبوا
ولو يهب أبو جهل لنجدتكم
ألا ترون أبا جهل هو السبب
يا شعر قف بع أن طوفت بي حقب
فق حيث أنت فقد أضناني التعب
وما وجدت بغير الدين معركة
للعرب فيها على أعدائها الغلب
إن العروبة بالإسلام عزته
فإن تولت فلا عز ولا عرب