يا زمان العكس قلاب الأمور
ما بقت إلا عشيشات النّسور
والهوى بادي وخلخال الخنا
سوقه النّادي وطبّال يدور
كم تبدّى النّصح في ردّ الجسور
ربّنا الدّاري وسمّاح غفور
قل لنسناس الهوى خلّ المزور
بالنا لاهيّ عن كلّ بزور
خلّي ذكراك وأرباب النهى
أين ذاك الدهر من هذي الدهور
ما رأينا الشكر وأفاد النّصب
خلّها ترعى ودع عنك الغرور
قال لطبّال الهوى بعده نزول
خلّ عنك الخدع صيّادك غيور
قد رمتك النّفس في ريح الدّيور
بحرها طامي وغدّاق الأمور
كم سراب ظنه الظّامي سرور
خاب مسعاه على غيّ وزور
كان لي حزم على شيخ الوفا
يسلف الوافي بقولٍ كن حذور
من زمان يملك العزّ النَّفور
صفوه مرّ وغربانه نسور
حقّق الدّهر لنا ماضي السّلف
ورماة الوغد طالت بالزعور
صرت برقاً خلَّباً ماله جنا
وإن محى رسم الهدى تحت الخدور
يا ليالٍ وزّت عبداً بزور
لونها قاني ورؤياها غرور
تدّعي دعوى ودعواها قصور
خاب مسعاها ولمّمات الحجُور
قد بدا نور الهدى منّا وعمّ
وانجلى بحر الرّدى عنّا مرور
وأثني الله مولّينا النّعم
من حيا الأرض بجريان الغدُور