عزّ التأسّي وفاض الدمع هتانا
والصبر أدبر والسلوان أعيانا
إن تبك يا طير إلفاً نازحاً ونوى
سهم الفراق الذي أضناك أضنانا
رحماك ربي ما مرج لنا وطن
وما مرابعها ترتاد كثبانا
لكنما الدهر ألقانا بساحتها
رغماً علينا فلا كانت ولا كانا
هذا هو الدهر لاتصفو عواقبه
إن سرّ حيناً فقد يبكيك أحيانا
بالله يا نسمات قد سرت سحراً
هل تحملين من الملتاع أشجانا
إلى الذين استعضنا بعد فرقتهم
مر الصبابة أشواقاً وأحزانا
وخبّريهم بحال قد غدوت به
مضنًى وحيداً كئيب القلب ولهانا
أقضي الليالي وأنّاتي تسامرني
فلا عزاء ولا أهلٌ واخوان
قد كان لي أمل أودى بنضرته
طول الزمان ومرّ السقم أحيانا
يا نفس هذا قضاء الله فاصطبري
هذي الحياة وما سالوك تبيانا
ما لي وللدهر كم أضنت نوائبه
قلبي ومن عجب ألقاه جذلانا
هذا أنا إن تكن يا دهر تجهلني
أرى المصائب والأفراح سيانا
نفسي ترى الخطب سهلاً من سجيتها
أهوى وأهون شيء عندها كانا
لو كابد الصخر ما كابدت من كمدٍ
لدك من ثقله رضوى وثهلانا
لو صادف الماء من همّي ومن هممي
شيّاً لأشعل وسط الماء نيرانا
مهما فعلت من التبريح يا زمني
أعلى وأشرف أن أرضاك معوانا
يكفي زماني بأني فقته جلداً
وصلته بجميل الصبر ألوانا
إن الذي عارك الأيام في ثقة
ذاك الفتى لا الذي أولته اذعانا
كنز تركنا وعين الله تحرسه
إن ساعد الحظ نلقاه ويلقانا
كان العزاء لنا والصبر إن عبثت
حوادث الدهر عزّانا وسلانا
خلفان بن مصبح