السلام عليكم




تعود أقدم المؤشرات التاريخية على نشوء الشعائر الحسينية إلى ما كان يقوم به المناصرون لأهل البيت بالذهاب إلى كربلاء والتجمع حول قبر الإمام الحسين رضي الله عنه؛ وخاصة يوم العاشر من محرم من كل عام لإظهار الندم وطلب المغفرة لتقاعسهم عن نصرة الإمام الحسين في واقعة كربلاء ضد يزيد بن معاوية.

وبحسب مصادر تاريخية موثقة، فإن المختار بن يوسف الثقفي الذي قاد حركة التوابين، ورفع شعار «يا لثارات الحسين» كان أول من أقام احتفالا تأبينيا في داره في الكوفة بمناسبة يوم عاشوراء، وأنه أرسل بعض النادبات إلى شوارع الكوفة للندب على الحسين.
أما ابن قتيبة الدينوري فقد أشار إلى مثل هذه الاحتفالات التي أقيمت يوم عاشوراء، والتي جاءت على شكل ندب ونياحة على مقتل الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وعلى أبنائه من بعده، وقام بها الشيعة الأوائل عند تجمعهم حول قبور الأئمة من أبناء علي بن أبي طالب.
ويجب ألا ننسى تجمعات الشيعة الأوائل في بيوت أئمتهم في مجالس صغيرة يعقدونها كل عام لرثاء الحسين والبكاء عليه.
من التلقائية إلى الطقوس
غير أن تلك الاحتفالات والتجمعات لم تكن عادات راسخة ذات شعائر وطقوس دينية ثابتة، وإنما كانت مجرد تجمع عدد من الأتقياء من الشيعة الأوائل لقراءة الفاتحة والترحم على الحسين، حيث ينشد أحد الشعراء قصيدة في رثائه وتقديم العزاء والسلوى لأهل البيت.

وقد ذكر ياقوت الحموي وابن خلكان في وفياته، أن الشاعر المعروف «الناشئ الأصغر» كان يعقد «مجالس النياحة» على الحسين بعد أن انتشر التشيع وخفت وطأة السلطات الحاكمة على العلويين. وخلال القرن السابع للهجرة أصبحت قراءة المقتل عادة متبعة يوم عاشوراء.
وكان المستنصر بالله العباسي قد أمر المحتسب جمال الدين بن الجوزي عام 640هـ= 1223م بمنع الناس من قراءة المقتل في يوم عاشوراء والإنشاد في سائر المحال بجانبي بغداد سوى مشهد موسى بن جعفر.

وقد ذكر ابن الجوزي أن اللطم جرى يوم عاشوراء في المشهد، وذلك بحدود منتصف القرن الخامس للهجرة/ الحادي عشر الميلادي، وهي أول إشارة في ذكر اللطم يوم عاشوراء في العراق.
تاريخيا في العاشر من محرم (353هـ= 963م) جرت ولأول مرة احتفالات فريدة في بغداد في ذكرى استشهاد الإمام الحسين حيث أغلقت الأسواق وسارت النادبات في شوارع بغداد، وقد سودن وجوههن وحللن شعورهن ومزقن ثيابهن وهن يلطمن وجوههن ويرددن مرثية حزينة. وقد أشار بعض المؤرخين إلى أن الشيعة كانوا يلبسون السواد، وقد زاروا قبر الحسين في كربلاء.
وفي كربلاء خرجت النساء ليلا وخرج الرجال نهارا حاسري الرؤوس حفاة الأقدام لمواساة الحسين.
وبحسب ابن الجوزي، كان معز الدولة البويهي قد أمر بغلق الأسواق، حيث عطل القصابون أعمالهم، وتوقف الطباخون عن الطبخ، وفرغت الأحواض والصهاريج مما فيها من الماء، ووضعت الجرار مغلقة باللباد في الشوارع والطرق لسقي عابر السبيل والعطشان، وكانت النسوة يمشين بشعور منثورة وأوجه مسودة وملابس ممزقة، يلطمن ويولولن حزنا على الحسين الشهيد.
من خلال تلك الأحداث التي رواها المؤرخون يمكن أن نعد فترة الحكم البويهي في العراق من أهم الفترات في تاريخ نشوء وتطور الشعائر الحسينية.
دور الدولة الصفوية
أما الشكل الشائع لعاشوراء على النحو المعروف لنا في الوقت الحاضر (أي رواية سيرة الحسين في محافل شعبية) فتعود جذوره -على الأرجح- إلى القرن العاشر للهجرة/ السادس عشر للميلاد، عندما اعتلى الصفويون سدة الحكم في إيران، واتخذوا من التشيع عقيدة رسمية لدولتهم.. وكان لهم دور في انتقالها إلى الهند وأذربيجان التركية والأناضول وبعض مناطق سيبيريا.
ومع الوقت، تطورت هذه الشعائر بنوعيها المعروفين لنا في الوقت الحاضر، أي رواية سيرة الحسين في تجمعات شعبية حافلة، تليها المواكب، وكانت حصيلة الدمج بين هذين النمطين في إيران إبان القرن الثامن عشر ولادة ما يعرف في هذا البلد بمسرح التعزية.
لم تقتصر تلك الشعائر على العراق وإيران، بل امتدت إلى بلدان أخرى، فالمقريزي في خططه يذكر أن شعار الحزن يوم العاشر من المحرم كان أيام الإخشيديين، واتسع نطاقه في أيام الفاطميين، فكانت مصر في عهدهم بوقت البيع والشراء تعطل الأسواق، ويجتمع أهل النوح والنشيد يكونون بالأزقة والأسواق، ويأتون إلى مشهد أم كلثوم والسيدة نفيسة وهم نائحون باكون.
وتروي تواريخ الدولة العبيدية بمصر، اهتمام الملك المعز الفاطمي بأمر إقامة عزاء الحسين في خارج البيوت أيضا، فكانت النساء يخرجن في أيامه ليلا كما يخرج الرجال نهارا.
التحول إلى طقوس رسمية
وقد اتخذ الاحتفال بهذا اليوم -في مصر- شكلا رسميا وأصبحت الدولة تحتفل به وتعتبره عيدا من أعيادها الرسمية.. ولكن على العكس من الأعياد الأخرى كلها كان عيد حزن وبكاء، ففي هذا اليوم كانت تعطل الأسواق وتقفل الدكاكين ويخرج الناس ومعهم المنشدون إلى الجامع الأزهر وتتعالى أصواتهم بالنحيب والبكاء والنشيد، وعندما بني المشهد الحسيني في أواخر الدولة كان خروج الناس إلى هذا المشهد لا إلى الجامع الأزهر.
وإذا اتجهنا إلى الأندلس، نجد إشارة ذات أهمية كبرى في إحدى النسخ الخطية الفريدة من المؤلف التاريخي «إعلام الأعلام فيمن بويع بالخلافة قبل الاحتلام» للسان الدين ابن الخطيب أحد أعلام المفكرين في القرن الثامن الهجري، والنسخة محفوظة في خزانة جامعة القرويين بمدينة فاس، حيث ذكر عادات الأندلسيين وأهل شرق الأندلس خاصة في ذكرى مقتل الحسين من التمثيل بإقامة الجنائز وإنشاد المراثي...
ووصف إحدى هذه المراسم وصفا حيا شيقا حتى ليخيل لنا أننا نرى إحياء هذه الذكرى في بلد شيعي.. وذكر أن هذه المراثي كانت تسمى (الحسينية) وأن المحافظة عليها بقيت ما قبل تاريخ عهد ابن الخطيب إلى أيامه...
وننقل هنا بعض هذا الوصف على لسان صاحبه: «ولم يزل الحزن متصلا على الحسين والمآتم قائمة في البلاد يجتمع لها الناس ويحتفلون لذلك يوم قتل فيه، فكانوا على ما حدثنا شيوخنا من أهل المشرق -يعني شرق الأندلس- يقيمون رسم الجنازة حتى في شكل من الثياب خلف سترة في بعض البيت، ويحتفل بالأطعمة والشموع، ويُجلب القراء المحسنون ويوقد البخور ويتغنى بالمراثي الحسينية».
وفي عهد ابن الخطيب كان ما يزال لهذه المراثي شأن أيضا، فإنه في سياق حديثه السابق زادنا تفصيلا وبيانا عن الحسينية وطقوسها فقال: «والحسينية التي يستعملها إلى اليوم المستمعون، فيلوون لها العمائم الملونة ويبدلون الأثواب كأنهم يشقون الأعلى عن الأسفل، بقية من هذا لم تنقطع بعد وإن ضعفت، ومهما قيل الحسينية أو الصفة لم يدر اليوم أصلها».
احتفالات مختلفة ليوم واحد
أما في شمال أفريقيا فيحتفل المسلمون في مفتتح العام الهجري، وهو اليوم الأول من شهر محرم، باعتباره يوم فرح وسرور. كما يحتفل المسلمون بيوم عاشوراء بشكل مختلف ومتناقض أحيانا. فالبعض منهم يحتفل به باعتباره يوم فرح وسرور، ولا يعلم سبب ذلك، مثلما يحتفل البعض باعتباره يوم عيد وانتصار، وهي سنة أموية ما زالت بقاياها موجودة حتى اليوم.
ففي تونس مثلا يتجمع الأطفال في الأزقة فيجمعون الحطب والأخشاب ويشعلون فيها النار بعد أن يشكلوا دائرة حولها وهم يرددون على إيقاع طبلة أو دف أو أي إناء «عاشورا، عاشورا» وفي البيوت يذبح الدجاج ويطبخ ليقدم في الغداء. وإذا سألت أحدهم عن معنى «عاشورا» فسوف يحييك «إنه عاشورا». وفي الجزائر والمغرب يقوم البعض بتوزيع «هريسة عاشورا» على الفقراء والجيران، ولا يعلم أحد عن معنى «عاشورا» سوى أنها مناسبة دينية كان الأجداد يحتفلون بها.
في لبنان، وخصوصا جبل عامل إبان الحكم العثماني، كانت الذكرى تعاش في جو من الضغط والخوف، وكانت تقام ولو بالشكل الشفوي الذي كان يقتصر على جلسات تروى خلالها سيرة الإمام الحسين وأهله في كربلاء.
عاشوراء.. تداخل الفن والسياسة
وبدأت الأمور تتحرك مطلع القرن العشرين، حيث كان يوجد في النبطية عدد من التجار الإيرانيين يتعاطون عمليات الوساطة التجارية بين مرفأي صيدا وحيفا والعمق العربي والفارسي.. وكان هؤلاء الإيرانيون يحتفلون بذكرى عاشوراء على طريقتهم الخاصة، حيث كانوا يقدمون تمثيلية يؤديها شخصان باللغة الفارسية، تروي واقعة كربلاء. كان الإمام الحسين يتواجه مع الشمر بن ذي الجوشن (قاتل الحسين) في إطار تمثيلية بسيطة لم تكن تدوم طويلا.
كانت هذه التظاهرة المسموح بها للجالية الإيرانية في النبطية، باللغة الفارسية فقط، وبإذن خاص من الباب العالي.. وفي 1917 حضر إلى النبطية إبراهيم ميرزا وهو طبيب إيراني واستقر في عاصمة جبل عامل حيث بدأ مزاولة مهنته.. وعمل هذا الطبيب على ترؤس الشعائر الشعبية لذكرى عاشوراء، حيث كان يتقدم حلقات المؤمنين اللاطمين صدورهم والضاربين رؤوسهم.. ومعه -وإبان انسحاب الحكم العثماني من لبنان- وضع أول حوار بالعربية لتمثيلية عاشوراء.. هذا الحوار الذي كان يدور أثناء مبارزة الحسين مع الشمر والذي نسقه آنذاك الدكتور إبراهيم ميرزا هو الذي أعطى تمثيلية عاشوراء النسق المسرحي الذي عرفت به فيما بعد.

احتفالات في أنحاء العالم
وتقام في شهر محرم وبخاصة يوم عاشوراء احتفالات عديدة وبصورة مختلفة في أغلب دول الخليج العربي.
فقد عرفت البحرين إقامة المجالس الحسينية منذ زمن مبكر، حيث كان البحرانيون يقيمون المآتم في بيوتهم ومساجدهم.
ويستخدم البحرانيون مصطلح «التحاريم» المتداول في الأوساط الشعبية. وهو مصطلح أطلقه أهل البحرين على ذكرى ولادة الأئمة من أهل البيت وكذلك على وفياتهم، حيث تتوقف الأعمال وتغلق الأسواق يومي التاسع والعاشر من شهر محرم من كل عام بمناسبة ذكرى عاشوراء، ويعتبران عطلة رسمية تعطل فيها دوائر ومؤسسات الدولة وكذلك دوائر القطاع الخاص والمتاجر.
وفي صبيحة اليوم العاشر من محرم، وهو يوم عاشوراء، تبدأ مواكب العزاء بمسيرتها في العاصمة وفي المدن الأخرى للاحتفال بذكرى استشهاد الحسين. وترتبط بهذه الاحتفالات مصطلحات شعبية، فيدعى النائح الذي يتصدر مجموعات العزاء وينشد مرثية حزينة حول الإمام الحسين «شيالا».
كما تقام المآتم الحسينية في عدد كبير من مدن عُمان خلال العشرة الأولى من شهر محرم. وقد شيد العمانيون لذلك «حسينيات» يجتمع فيها عدد كبير من الناس مكونين حلقة كبيرة يتوسطها منشد يقرأ مرثية على الإمام الحسين، ويقوم المشاركون بترديد مقطع من مقاطع المرثية ويقومون بحركة دائرية في ضمن الحسينية وهم يلطمون بأيديهم على صدورهم بضربات رمزية خفيفة، وفي إيقاع متواصل مع صوت المنشد الذي يقود حركة المشاركين الكبيرة بصوته الجهوري الحزين.
أما في الهند فيتفق أغلب المؤرخين على أن بداية الاحتفالات بذكرى استشهاد الحسين في الهند تعود إلى زمن تأسيس الدولة المغولية في بداية القرن السابع عشر. وكانت في البدء على شكل مجالس عزاء «نوحخاني» و«روضخاني».
وإلى جانب «نوحخان» و«روضخان» هناك مراسيم وشعائر وطقوس أخرى يدعوها الهنود بـ«زيارت» وهي مواكب عزاء وعروض مسرحية شعبية بسيطة تقام بصورة خاصة، يوم عاشوراء ويوم الأربعين، حيث ينصب مسرح شعبي يبنى من خشب البامبو، وتنصب أمامه أعلام كثيرة وبأشكال وألوان مختلفة ترمز إلى رايات الحسين وأهل البيت.
وقد يوضع أحيانا كف ذهبية أو نحاسية تدعى «پنجه» وترمز هذه الكف إلى يد العباس بن علي الذي قطعت يداه حينما ذهب لجلب الماء من نهر الفرات. وهناك الضريح وهو حجرة صغيرة لها قبة مدورة، وترمز إلى القاسم بن الحسن.. ثم يأتي «فرس الحسين» المدعو «ذو جناح» وهو أبيض اللون ذو سرج ثمين وملون بألوان زاهية.
وخلال الاحتفالات بعاشوراء تقدم «تبريكات» وهي أنواع من المأكولات والمشروبات الباردة التي توزع على الناس مجانا.
ويحمل «الضريح» في موكب يخترق شارع المدينة الرئيسي مع مجموعة من الخيول المطهمة والأعلام السوداء ومجموعات من الجنود.
وفي المساء تقام مجالس التعزية في الحسينيات «إمام برا» ويتبعها عزاء الزناجيل «شيني زاني» ثم عزاء الغرباء «شامة غريبان».
أما في باكستان، فقد بدأت تلك الاحتفالات في القرن الرابع عشر الميلادي، وخصوصا في منطقة «بلتستان» المعروفة باسم «التبت الصغرى» حيث أقيمت الحسينيات في كل بقعة من بقاعها وتسمى هناك «مأتم سرائي» ويسمى القارئ «سوز خوان» وأكثر ما تبدأ المجالس بعد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثم بقراءة شيء من شعر الشاعر الإيراني الشهير «وصال».
ويعرض الشعراء في مراثيهم لصبر الحسين وأصحابه وثباتهم وتبيان مبادئهم وأثر المأساة في النفوس الإنسانية السليمة. كما أن المرثية على العموم تبدأ أول ما تبدأ بأبيات تمهيدية في وصف الدنيا وغدرها، ثم في عرض موقف من مواقف كربلاء.
ومن أكبر وأهم مواكب العزاء في باكستان موكب «الزناجيل» الذي يتكون من مجموعات عديدة، كل فرد منهم يحمل في يده مجموعة من السلاسل الصغيرة التي تنتهي بسكاكين حادة الجانبين.. وعلى صوت «النوحخان» يضرب حاملو السلاسل الحديدية على ظهورهم وتسيل منها الدماء.. وترفع في بداية المواكب أعلام عديدة وملونة. ومن أهم تلك الأعلام «راية العباس» وهو علم أخضر اللون يرفع عاليا في المواكب أو «الإمام برا» وقد كتب عليه «يا عباس».
أما في إندونيسيا فإن ذكرى استشهاد الحسين في شهر المحرم، لها حرمة كبيرة لدى المسلمين هناك بوجه عام، ويسمى شهر المحرم «سورا». ويطلق على المأتم الحسيني في سومطرة ذكرى «التابوت». وفي اليوم العاشر من المحرم يقام تمثيل رمزي لاستشهاد الحسين. أما في جزيرة جاوا، فلهذا اليوم تقدير خاص وعادات خاصة؛ إذ تطبخ الشوربا فقط على نوعين من اللونين الأحمر والأبيض.. ثم يجمع الأولاد وتقسم الشوربا عليهم. وهذا رمز للحزن العميق بجمع الأولاد الصغار والأطفال وذلك تصويرا لليتم والحزن.. أما اللون الأحمر فهو رمز للدماء الطاهرة المراقة، واللون الأبيض رمز للخلاص والتضحية.. وإلى اليوم يعتبر شهر محرم وصفر من كل سنة عند الكثير من الإندونيسيين شهرين محترمين لهما مكانتهما في القلوب.. فلا يقيمون فيهما أفراحا، ولا يعقدون زواجا ولا يجرون زفافا.. فالمعتقد السائد أن من أقام أفراحا في هذين الشهرين قد يصيبه نحس.. أما في مقاطعة «أجيه» بسومطرة الشمالية فيسمى شهر المحرم «شهر حسن وحسين».
أما في بورما فيحتفل الشيعة بذكرى استشهاد الحسين من أول محرم، ثم تخرج مواكبهم في اليوم العاشر منه وتستمر حتى شهر صفر، وقد تسربت إليهم بعض التقاليد الهندية فيقوم فيهم خلال المواكب من يمشي على الحجر، ويقيمون رمزا لمقام الحسين في كل بلدة وهو عبارة عن صورة مصغرة للمقام في كربلاء ويطلقون عليه اسم كربلا.. ففي خارج رانغون «كربلا» وفي خارج مانيلا كذلك «كربلا».
أما في تايلاند فالعزاء الحسيني يقام على أتم مظاهره في بانكوك وبعض أنحاء تايلاند ويشترك الشيعة كلهم في هذه المراسم العزائية التي تقرأ فيها فاجعة الطف بتفاصيلها، كما يلبس المشتركون في هذه المناحات، بهذه العشرة الحزينة وخاصة يومي التاسوعاء والعاشوراء اللباس الأسود.. كما أن تقليد توزيع الخيرات وإطعام المساكين في هذه العشرة الحزينة، قائم بأتم وجه بين مختلف الطبقات هناك.
أما في بريطانيا، فإن أول مجلس عزاء حسيني أقيم هناك كان في العام 1962 وذلك في حي «ريجنت موسك» القديم.. ويذكر أن أول من قرأ واقعة الطف هو البريطاني عبد الله لبنس هوبت، الذي كان «كولونيل» في الجيش البريطاني وعاش في العراق لمدة خمس سنوات. وفي أثناء إقامته هناك تعرف على مراسم العزاء الحسيني التي كانت تقام في المدن العراقية. ولاحظ أن كثيرا من الشيعة يذهبون لزيارة المشاهد المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية، مما أثار حب الاستطلاع لديه، الأمر الذي دفعه لدراسة الإسلام، وانتهى إلى اعتناقه على المذهب الإمامي الإثني عشري، ولذلك عندما عاد إلى بريطانيا حرص على إقامة هذه المجالس وكان أول من قرأ رواية مصرع الحسين في العاصمة البريطانية.
وتقام في لندن سنويا مسيرة حسينية في اليوم العاشر من المحرم وتنطلق من الهايد بارك وتنتهي بالمجمع الإسلامي، ترفع خلالها الأعلام والرايات السود التي تعبر عن الحزن في هذه المناسبة.. ومن المثير للانتباه قيام احتفالات وطقوس بيوم عاشوراء في جزر الكاريبي.. فقد نشر الصحفي بهجت منصور ريبورتاجا حول يوم عاشوراء هناك.. ففي مدينة «بورت أوسباني» عاصمة جزيرة تريننداد في البحر الكاريبي قرب كوبا، يقوم المسلمون كل عام بإعداد هودج كبير مطعم بالذهب والفضة وملون بألوان زاهية، ويحملونه في مسيرة كبيرة يوم عاشوراء، حيث يشارك في تلك الاحتفالات كثير من الهنود مع الكاريبيين.. ويسير الجمهور المحتشد وراء «الهودج» تحف بهم الطبول والآلات الموسيقية، وهي تعزف أنغاما حزينة وتطوف شوارع العاصمة.. وينتهي الموكب بهتافات المحتفلين بحياة الحسين ثم إلقاء «الهودج» في البحر لتحمله الأمواج الصاخبة إلى الأعماق.