المهلب بن ابي صفرة
المهلب بن أبي صفرة وكنيته أبو سعيد هو أحد ولاة الأمويين على خراسان ، وقد عينه القائد العسكري حجاج بن يوسف الثقفي عاملًا على خرسان وذلك عام 78 هـ من قبيلة الأزد ، وقد قام المهلب بن أبي صفرة بمجموعة حملات واسعة في بلاد ما وراء النهر ، وأستولى من خلال تلك الحملات التي قام بها على إقليم الصغد وغزا خوارزم وأفتتح جرجان وطبرستان ، وساعد في امتداد الدولة الأموية في الكثير من البلاد وأنتشرت الحضارة الإسلامية وظهر علماء ونبغاء في تلك البلدان التي استولى عليها المهلب بن أبي صفرة ومنهم البخاري وعالم الرياضيات الخوارزمي .
سمات شخصية المهلب بن أبي صفرة
تميز المهلب بن أبي صفرة منذ صغره بالحنكة والذكاء والشجاعة ، وقد أعُجب به الخليفة عمر بن الخطاب عندما رآه مع والده ، كما تميز بالبلاغة والشجاعة والكرم والذكاء منذ صباه ، له تسعة أخوة هو أصغرهم ، وساعدت سمات شخصية المهلب بن أبي صفرة أن يشارك في المعارك الإسلامية مثل معركة القادسية والجهاد ضد الفرس ، وأشترك المهلب مع والده ضمن جيش عبد الرحمن بن سمرة على مدينة سجستان .
ولاه علي بن أبي طالب رضي الله قيادة أحد الجيوش في موقعة الجمل عام 26 هـ ،أصبح المهلب بن أبي صفرة قائدًا في المعارك وذلك في عهد الخليفة علي بن أبي طالب ، حيث كانت لديه إمكانية قيادة المعارك بمهارة وكفاءة ، كما مهد المهلب بن أبي صفرة لفتح كلًا من السند وخجندة على نهر سيحون ، وتمكن من فتح ( كابر ) بعد معارك كبيرة مع الأتراك .
وقد أثني عليه الصحابة ، لما وجدوا فيه من كريم الخلال فقد قال عبد الله بن الزبير عن المهلب ( هذا سيد أهل العراق ) ، وقال عنه قطري بن الفجاءة ( المهلب من عرفتموه ، إن أخذتم بطرف ثوب أخذ بطرفه الآخر ، يمده إذا أرسلتموه ويرسله إذا مددتموه ولا يبدؤكم إلا أن تبدؤوه ، لا أن يرى فرصة فينتهزها فهو الليث المبر والثعلب الرواغ والبلاء المقيم .
أستمرت معاركه وحروبه مع الخوارج لمدة 19 سنة حتى قضي عليهم ، والخوارج هم فرقة إسلامية ظهرت في عهد الخليفة علي بن أبي طالب نتيجة الخلافات السياسية التي بدأت في عهده ، وتتصف هذه الفرقة بأنها أشد الفرق دفاعًا عن مذهبها وتعصبًا لآرائها ، ويؤخذ عليها تمسكها بالألفاظ وظواهر النصوص ، كما انهم كانوا يدعون بالبراءة والرفض للخليفة عثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، والحكام من بني أمية .
كما عُرف المهلب بن أبي صفرة بكرمه وحُسن ضيافته ، وكان المهلب يوصي خدمه أن يقللوا من الماء ويكثروا من الطعام عندما يكون ضيوفه على مائدته ، حتى لا يملأ الضيوف بطونهم بالماء وحتى يملأها من الطعام .
وعندما حضرته الوفاة أوصى أولاده قائلًا لهم : فأوصيكم بتقوى الله وصلة الرحم، فإن صلة الرحم تنسئ في الأجل وتثرى المال وتكثر العدد، وأنهاكم عن القطيعة فإن القطيعة تعقب النار وتورث الذلة والقلة، فتحابوا وأجمعوا أمركم ولا تختلفوا وتباروا تجتمع أموركم.
وقيل إن المهلب قلعت عينه على الطالقين ، ولم يزل المهلب والياً على خراسان حتى أدركته الوفاة هناك ، ولما حضره أجله عهد إلى ولده يزيد وأوصاه بقضايا وأسباب ، ومن جملة ما قال له: يا بني ، استعقل الحاجب ، واستظرف الكاتب ، فإن حاجب الرجل وجهه وكاتبه لسانه .
ثم توفي في ذي الحجة سنة 83 هـ ، بقرية يقال لها زاغول من أعمال مرو الروذ من ولاية خراسان .
أهم أقوال المهلب بن أبي صفرة
– الحياة خير من الموت والثناء خير من الحياة ، ولو أعطيت مالم يعطه أحد لأحببت أن تكون لى أذن أسمع بها ما يقال في غدا إذا مت .
– عجبت لمن يشترى العبيد بماله، ولا يشترى الأحرار بأفضاله .
وأنشد فيه المغيرة بن حبناء قائلًا :
أمسى العباد لعمري لا غياث لهم ، إلا المهلب بعد الله والمطر
هذا يجود ويحمي عن ديارهم ، وذا يعيش به الأنعام والشجر .
ومر يومًا بالبصرة ، فسمع رجلاً يتحدث عنه قائلاً : هذا الأعور قد ساد الناس ، ولو خرج إلى السوق لا يساوي أكثر من مئة درهم ، فبعث إليه المهلب بمئة درهم ، وقال: لو زدتنا في الثمن زدناك في العطية ، يعجبني في الرجل خصلتان أن أرى عقله زائدًا على لسانه ، ولا أرى لسانه زائدًا عن عقله .