في عام 2006 قامت شركة دوف خلال حملتها الإعلانية بنشر فيديو تحت عنوان evolution، الفيديو يصور فتاة للإعلانات قبل وبعد عملية التجميل، حيث تقوم أدوات التجميل بتحويلها من فتاة عادية كجميع الفتيات إلى فتاة بلا عيوب ومن ثم يتم إدخال التعديلات على الصورة عن طريق برنامج الفوتوشوب لتطل علينا فتاة الإعلانات كأيوقنة للجمال المثالي الذي لابد أن تبحث عنه جميع الفتيات، وفي نهاية الفيديو تم كتابة تلك الجملة “ليس غريباً أن مفهومنا عن الجمال مشوهاً”.
كان هذا الفيديو جزء من الحملة الدعائية التى أقامتها شركة دوف لمنتجاتها.. لم تأتي تلك الحملة بالصدفة، لكنها كانت تبحث في المفاهيم الأصلية عن الجمال والتى لعبت إعلانات منتجات التجميل دوراً مؤثراً فيها، حيث تهتم دائماً بإظهار نموذج للجمال المثالي الخالي من العيوب العادية التى توجد لدى كل إنسان، هذا النموذج على مدى كثير من الأعوام لعب على تزويد شعور عدم الرضا لدى السيدات، هذا الشعور يؤدى دائماً إلى محاولة التخلص من العيوب من خلال أدوات التجميل وهذا يعني دائماً زيادة في مبيعات الشركات، لكن كانت حملة “الجمال الطبيعي” نموذج مختلفاً.
*أول دراسة حول مفهوم الجمال:-
بدأت شركة دوف فكرة حملتها من خلال دراسة أجرتها على مايقرب من 300 إمرأة من عشر جنسيات مختلفة، وكان السؤال الأهم في هذه الدراسة يدور حول “هل ترين نفسك جميلة؟” وكانت المفاجأة أن أكثر من 98% من السيدات لا يعتبرن أنفسهم جميلات، وذلك ليس لانهم غير جميلات لكن لأنهم دائماً مايقارنون انفسهم بفتيات الإعلانات وممثلات السينما الذين يظهروا دائماً بكامل رونقهم.
*بداية حملة الجمال الحقيقي:-
قررت شركة دوف بعد هذه الدراسة تبني حملة “الجمال الحقيقى” وهنا بدأت تنشر لافتات الدعاية على مختلف الطرق السريعة، وكانت لافتات الدعاية مختلفة هذه المرة، فهي لاتحمل صور فتيات فائقات الجمال، لكنها تحمل صورمختلفة لمجموعة من السيدات المتطوعات وليسوا العاملين في مجال الإعلان، تجد في تلك اللافتات السيدات بأجساد مختلفة الأوزان وتحت كل صورة تجد سؤال “هل ترى هذه السيدة ممتلئة أم مناسبة؟” وصورة أخرى لسيدات في اعمار متقدمة وتحتها سؤال “هل هذا الوجه مجعد ام جميل؟” وبدأ حول هذه الفكرة نقاش مجتمعي كبير، نقاش ذهب إلى أن الجمال الحقيقي يكمن في تقبل الإنسان لتفاصيله، وان المرأة لا يجب عليها أن تكون كفتاة الإعلانات حتى نقول عليها إمرآة جميلة..فلو ذهبنا لمفهوم الجمال الحقيقي لقلنا أن كل النساء جميلات. امتدت هذه الحملة خلال كندا والولايات المتحدة الأمريكية كذلك المملكة البريطانية.
وإكمالاً للحملة قدمت دوف العديد من التجارب المجتمعية لإثبات نظرية الجمال الحقيقي كان منها.
*تجربة رسم الجمال الحقيقي.
في خطوة أخرى من خطوات حملة الجمال الحقيقي، قامت شركة دوف بنشر تجربة إجتماعية حول مفهوم الجمال، كانت التجربة تعتمد على وصف الناس لملاحهم لرسام دون أن يراهم، ثم يقوم شخص ثالث بوصفهم للرسام، الغريب في الأمر أن الصورة الأقرب لملامح أي شخص لم تكن تخص وصفه لنفسه بل وصف الأخرين له، واثبتت التجربة اننا دائماً نميل إلى خلق صور غير حقيقة حول ملامحنا.. وكان شعار هذه التجربة، “انتِ اجمل مما تظنين”.
*تجربة “إختاري كلمة جميلة”.
إعتمدت هذه التجربة على وجود بابين للدخول لمبنى ما، الباب الأول مكتوب عليه “جميلة” والاخر مكتوب عليه “متوسطة الجمال” وكالعادة كانت النسبة الأكبر من السيدات تختار الباب المكتوب عليه “متوسطة الجمال” وتنكر على نفسها ان تصنف كإمرأة جميلة.
وبالرغم أن الأمر يبدو مثالياً من الناحية الإنسانية،يظل هناك سؤالً مهماً يطرح نفسه وهو كيف لشركة تقوم على بيع منتجات التجميل أن تحاول نشر مفهوم معاكس لمنتجاتها، ولكن من الناحية التسويقية فإن الشركة إستطاعت خلق حالة عاطفية بين الناس وبين منتجها، وصارت هي الراعى الأساسى للجمال لذا ليس من المستغرب معرفة أن أثناء الحملة إرتفعت نسبة مبيعات دوف من 2.5 مليار دولار إلى 4 مليار دولار.
سقطة مفهوم الجمال:-
وبالرغم من الحملة التي تبتنها شركة دوف طوال سنوات عدة، إلا أن كل ذلك تعرض لزلزال كبير، حينما نشرت دوف على صفحتها على فيس بوك إعلاناً ترويجياً لأحد منتجات تفتيح البشرة الخاص بها، وكان الإعلان يصور فتاة سمراء تتحول إلى فتاة ببشرة فاتحة وبيضاء بمجرد إستخدام الكريم، اعتبر الناس هذا الإعلان عنصرياً وتم الهجوم عليه، مما دفع الشركة إلى حذفه وتقديم إعتذار رسمى عنه.