تشكّل مدينة "الحلّة" مركز محافظة "بابل"، واول من بدا بتأسيس مدينة "الحلة" هو الامير العربي "سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الاسدي" 495 هـ سنة 1109 ميلادية، ويرجع نسبة الى قبيلة "بنو اسد" من اجيال "عرب مضر" واليها ينتمي "بني دبيس ابن عقيف الاسدي الناشري" الذين توطنوا الحلة الواقعة قرب "الحويزة" من ميسان بين البصرة وواسط.
نبذة تاريخية محافظة بابل
وهي امارة عربية ذات نفوذ واسع تابعة الى الدولة "البويهية" ضمن استقلال داخلي محدود واليها يتبع في النسب "بنو مزيد الاسدي" ولاة "الحلة" الحالية، وكان السبب في نزوحهم من "البصرة" الى منطقة "النيل"، وهي القرية القائمة حالياً قرب اثار "بابل" وهو حدوث نزاع مسلح رهيب مع الدولة "البوهيميّة" مما ادى الى السيطرة على الامارة.
فاجبرت الامير العربي "ابي الحسن علي بن مزيد على" النزوح الى النيل التي كانت سابقاً بلدة كبيرة مأهولة واقعة على نهر النيل، الذي حفره "الحجاج بن يوسف الثقفي" سنة 82هـ.
وبعدها حدثت بين الامير "صدقة" الذي تولى "إمارة النيل" بعد ابيه "إبي الحسن" سنة 1806 وبين السلطان "بركيارف" ملك "السلاجقة" غفوه ادت به الى مغادرة "النيل" وتأسيس مدينة "الحلة" حيث اقامها على الضفة اليمنى من "نهر الفرات" في ارض تعرف بـ"الجامعين".
وكان هذا الموضع غابة تختبئ بها الحيوانات حيث اختطها وشيد فيها القصور والمنازل الانيقة والحدائق الغناء حتى اصبحت جنة من جنة الفردوس فسكنها بجيشه وحاشيته واتباعه وسميت بـ"الحلة" ودام حكمة 22 سنة وهو اول من لقب بـ"سيف الدولة" وكان جل اهتمامه بالعلم والعلماء.
كانت |الحلة" في بعض ادوارها الكعبة التي يحج اليها طلاب العلوم والفلسفة والادب والفقة حتى اصبحت المدينة الثانية بعد بغداد في تقدمها الثقافي والعلمي، بل استطاعت منافسة "بغداد" حتى سلبت منها الاولوية في منتصف القرن السابع الهجري بعد حملة "هولاكو" على بغداد سنة 656هـ المصادفف 1285م، تلك الحملة الظالمة التي اغرقت مجد العباسيين بالدماء والماء.
فبعد ان تعرضت بغداد بعد تلك الحملة الى مجاعة شديدة لضطر سكان العاصمة الى مقايضة تجار "الحلة" بالكتب النفيسة بالمواد الغذائية فانتقلت بسبب ذلك اغلب مكتبات بغداد الى "الحلة" بالاضافة الى احترام الامارة "المزيدية" للعلم وتشجيع العلماء .
سلمت "الحلة" من نكبة التتر بقيادة "هولاكو" وذلك بارسال وفد الى "هولاكو" لمقابلته واقناعة بطاعتهم، وطلب الامان لأهل "الحلة" حيث وافق على طلبهم مقابل الطاعة له وبذلك سلمت "الحلة" من الخراب والدمار والقتل.
وحافظت على الكتب العلمية والمخطوطات والمكتبات، وقد ازدهرت "الحلة" في القرن الثالث عشر حيث اشتهرت بكبراء الشعر راء وامراء الفضل والادب والخطابة منهم "جعفر الحلي" الذي تولى امارة الحلة وهو من ذوي العلم والفقه والزعامة و"صالح التميمي" و"احمد النحوي" وغيرهم.
الموقع الجغرافي
تقع محافظة بابل الى الجنوب من العاصمة بغداد حيث تتوسط جغرافيا مجموعة من المدن الاثرية وقبور الصالحين ويستمر اسم مدينة بابل حتى الوقت الحاضر اشهر اسم في العالم القديم والحديث وبلغت مدينة بابل من الشهرة بحيث صارت عنوان حضارة العراق القديم وينسب اليها العراق باجمعه فيقال بلاد بابل واهله البابليون .
لذا تعد بحق وجها ناصعا من اوجه التراث الانساني فقد كانت مركزا للعراق والعالم القديم للفتره الاكثر اشراقا ، مؤسسة بذلك عاصمه مهمه للحضارة الاسلامية وبقي اهلها اوفياء لمدينتهم متمسكين بتاريخهم المضي والجميل ولقد احب الله هذه المدينة بمواصفات عديدة منها مناخها المعتدل ووفرة مواردها وموقعها الهام وسط العراق وحضارتها كل ذلك جعل لهذه المدينة خصوصية تميزها عن بقية مدن العراق .
وتضم محافظة بابل عدد من الاقضية والنواحي :
اولاً: قضاء الحلة
وهو مركز المحافظة، حيث تبلغ مساحته 167كم وعدد نفوسها 466،586 نسمة وعلى بعد 10كم شمال المركز تقع مدينة بابل الاثرية، والذي يشمل في تشكيلته الادارية ناحيتين:
ناحية الكفل
والذي يتقع الى الجنوب الغربي من مركز القضاء حيث تتمتع بموقعها المتميز على ضفاف نهر الفرات، وتضم اثار مهمة من ابرزها "جامع الكفل" ومجموعة من الخانات والاسواق التراثية، وتعتمد الناحية في نشاطها الاقتصادي على الزراعة والسياحة الدينية .
ناحية ابي غرق
وتقع الى الشمال الغربي من مركز القضاء الحلة، ويمر بها الطريق الرئيسي الذي يربط "الحلة" بمحافظة "كربلاء" وتكتاز بنشاطها الزراعي والصناعي حيث تبلغ مساحتها 314 كم، وعدد نفوسها 80،694.
ثانياً: قضاء الهاشمية
ويفع الى الجنوب من مدينة "الحلة" وسميت بـ"الهاشمية" نسبةً الى العلويين الهاشميين الذين سكنوها قديماً وتشير المصادر التاريخية على وجود مدينة ذات عمارة اسلامية مميزة على ضفاف نهر "الجربوعة" زمن الدولة العباسية.
ولاتزال هذة المدينة قائمة في الوقت الحاضر، وتعتبر "الهاشمية" من المراكز المهمة تجارياً في تسويق الحاصلات الزراعية والتمور، حيث تبلغ مساحتها 292 كم وعدد نفوسها 207،604 نسمة ويربط بالقضاء اربعة نواحي وهي:
ناحية المدحتية
وتقع الى الشمال الشرقي من القضاء والاسم الذي اشتهرت به هو ناحية "الحمزة الغربي" نسبة الى قبر "الحمزة" (رضي الله عنه) وتعد مركزاً مهما للوافدين من داخل القطر وخارجه مما ادى الى نهضة كبيرة في الانشطة الاقتصادية والحرفية التي دخلت في مجال الصناعات التراثية كصناعة السجاد البسيط المتنوعة وتعتبر من اهم الصناعات الشعبية التي تمتد جذورها الى ازمنة الحضارات "السومرية" و"الأكديّة" حيث تبلغ مساحتها 628 كم وعدد نفوسها 119،573 نسمة.
ناحية الشوملي
وتقع شرق قضاء "الهاشمية" وتعتمد على الانتاج الزراعي، وقد اشتهرت في زراعة الحبوب بمختلف انواعها، وان الزائر سيجد هناك مواقع اثرية تعود الى فترات تاريخية متفاوته وتشمل "بابل" و "الحضارة الاسلامية"، حيث تبلغ مساحتها 432كم وعدد نفوسها 66،101 نسمة.
ناحية القاسم
وتقع الى الجنوب الغربي من قضاء "الهاشمية" يمر بها الطريق الرئيسي الذي يربط محافظة "بابل" بمدينة "الديوانية" وتبلغ نساحتها 325 كم وعدد نفوسها 118،830. تعتبر من المدن المقدسة فهي تحتضن قبر القاسم بن الامام موسى بن جعفر ( عليهم السلام) يقصدها الزوار من الداخل والخارج.
ناحية الطليعة
تقع الى الجنوب الغربي من قضاء الهاشمي ويمر بها الطريق الرئيسي الذي يربط محافظة "بابل" بمدينة "الديوانية" واشتهرت بانتاجها الزراعي المتميز ويبلغ عدد نفوسها 31,399
ثالثا: قضاء المحاويل
تقع الى الجنوب الغربي من القضاء ويمر بها الطريق الرئيسي الذي يربط محافظة "بابل" بالعاصمة "بغداد"، ولقضاء "المحاويل" اهمية كبيرة بوصفه يمثل المناخ استراحة للمسافرين حيث تبلغ مساحته 593 كم وعدد نفوسها 101،510 نسمة ويرتبط بالقضاء ثلاثة نواحي:
ناحية الامام
وتقع الى شرق قضاء "المحاويل" وتعتمد الناحية الاقتصادية على الزراعة بشكل رئيسي.
ناحية المشروع
وتقع شمال شرق قضاء "المحاويل" وتشتهر بزراعة الفواكة والتمور وتضم مشاريع اراوئية كبيرة وفي مقدمتها "مشروع المسيب" الذي تمت على ضفافة مشاريع زراعية كبرى، وتعد الناحية عبارة عن مدينة صغيرة متكاملة من كل الخدمات، حيث تبلغ مساحتها 897كم وعدد نفوسها حوالي 100،981 نسمة .
ناحية النيل
وتقع جنوب شرق القضاء وهي ذات طابع زراعي وتشتهر بزراعة النخيل بكافة انواعه، وتتواجد فيها مجموعة من المواقع الاثرية المهمة المتمثلة بـ"آثار كيش" وهو موقع تاريخي مهم جدا وكذلك "تل الأحيمر" و"تل ابو سريدة" وهذه الاثار مرتبطة بمرحلة "فجر السلالات".