أبحث عن كلمة أصف بها ما أشعر به ، لكنني أتوقف عن المحاولة بعد عدة دقائق ، ما الفائدة من ايجاد الكلمة المناسبة ؟ هل سيخفف هذا ما أشعر به من حزن؟ أو سيضيء شيئاً من عتمتي ؟ أو سيَسُدُ ثقوب روحي ، ويخدر أوجاع قلبي ! لا شيء سيفعل فما الفائدة ؟ مع ذلگ ، ها أنا أكتب لأدّعي فيما بعد أنها مجرد كلمات صففتها بجانب بعضها لتعجبكم ، فأشعر بالرضا ! هل مللتم ؟ أهناگ من لديه استعداد ليكمل قراءة هكذا كلمات تقطُر تعباً ، تشهق إرهاقاً ، تتخبط في عُمق فوضى ساخنة !
متعب أنا ، كعجوز في الستين من عمره أُجبِرَ على المشاركة في ماراثون ، يرى جميع من حوله يركضون ، يتخطونه ، يريد التوقف لكنه لم يعد يشعر بقدميه ، يحاول مدّ يديه لأحدهم ، لا أحد يلتفت ، يحاول الصراخ ، لكن أوتاره الصوتية قد صدأت ، جفّت ، فيبدو كمن يودع روحه وهي تخرج من صدره !
حزين أنا ، ! أشعر بالكلمات تتربع على صدري ، تتجسد على هيئة شيطان صغير يشعل النار بداخلي ، يسند رأسه على رئتيّ فيشعرني بالاختناق ، ويمدّ قدميه براحة فيدوس على قلبي فأشعر بنبضاته ثقيلة كوخزات مؤلمة مع كل نَفَس هارب مسروق .
لا استطيع إفهام أحدهم بما أشعر به ، فاختار الصمت ، ثم بعد فترة أجدني اعتدت الصمت ، فهو أكثر راحة من بذل أنفاسي المسروقة في كلامٍ مصبوغٍ بسوادٍ حارق لن يفهمه أحد ، فأصمت . عيناي مفتوحة ، أرى الجميع يمرّ بجانبي ويتخطاني ، ثم بعد فترة بدا المشهد مألوفاً ، فبدأت العتمة بالانتشار ، كمن يطيل النظر إلى الشمس فتبدو له سوداء حين تحرق خلايا عينيه ! أشعر بكيانٍ باردٍ يستريح على جسدي ، اعتدتُ على الشياطين الصغيرة وحرارتها الحارقة ، حتى بدت ليَ البرودة شيئا غريباً ، أمعقولٌ أن هذا ملاگ قد جاء ليُخَلصني ؟
اعتذرُ يا أصدقائي ، خذوا نفساً عميقاً ، أغلقوا عيونكم ، ولكم الحرية في لعني سراً أو علانية ، على ما زرعته كلماتي من سوادٍ في نفوسكم .
ليتَ لدي وقت أطول لاعتذر لكم بشكلٍ لائق ، لكنني أشعر بأنفاسي المسروقة تنفذ ، يبدو أن الشيطان الصغير قد اكتشف أني كنت أحصل على البعض منها سراً ، لكنني وأخيراً تخلصت من حرارته ، جسدي بارد ، بدأت مفاصل يدي بالتجمد فتمنعني من إكمال اعتذاري لكم ، يبدو أن الوداع قد حان ! عليّ أن أعترف أنني أحببت النهاية جاءت باردة على روحي بعد جحيمٍ عشته طوال حياتي ، أهي الجنة أم أنه الدرگ الأسفل من الجحيم