علي حسين
أحاول قدر طاقتي وتحمّلي، الابتعاد عن سِيَر معظم السياسيين ومن شابههم. وما لا يعرفه بعض القراء أنني، قدر استطاعتي،
أحاول أن أشغلكم بالحديث عن الكتب وتجربة سنغافورة،
وأصدّع رؤوسكم بمقولات غاندي ومانديلا. لكنني ياسادة أعود مرغماً لكتابة عمود عن زعماء هذا العصر .
بالأمس، وبدافع الفضول لا غير تابعت تصريحاً مثيراً للضحك للنائب كاظم الصيادي يقول، وبثقة كاملة، إنه لن
يوافق على ترشيح علي عبد الأمير علاوي لمنصب محافظ البنك المركزي.. لماذا ياسيدي الكريم؟.. يخبرنا وبثقة أيضاً : لأنه لم يخدم في الدولة العراقية يوماً واحداً..
تخيل مصير دولة لا يعرف فيها نائب يجلس داخل قبة البرلمان منذ عام 2010 ، أن علي عبد الأمير علاوي كان وزيراً للتجارة ووزيراً للمالية بعد عام 2003
يقول نهرو لابنته أنديرا في واحدة من رسائله التي ترجمها الى العربية أحمد بهاء الدين: "هناك ما هو أخطر من الفساد في السياسية، إنه الجهل، فهوغطاء لكل أنواع الخراب."
هل هناك أخبار من هذه العيّنة التي وصفها نهرو بغطاء الخراب، نعم ياسادة :مجلس النواب ينجز مناقشة مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا ويبصم بالعشرة على خبراء الشريعة..
ربما يقول قارئ عزيز : يارجل لماذا تستسبق الأحداث والمحكمة لم تشكَّل بعد. لكن ياعزيزي ليس مستبعداً أن نفاجأ جميعاً بأن المحكمة الاتحادية قد صارت،
وبقدرة بعض الكتل السياسية، محكمة شرعية.
عندما لا يجد رئيس كتلة سياسية حرجاً في الحديث عن الطوائف والمذاهب، ويصدر الى الناس خطاباً طائفياً،
من أجل أن يحصل على كرسي إحدى الوزارات، فإننا بالتأكيد نعيش عصر الخراب.. أرجوكم اقرأوا تغريدة "المجاهد" جمال الكربولي عن أهمية الاستحقاق الطائفي.
السياسي الفاشل عادة ما ينتقم من جمهور يرفض تصديق خطاباته "العظيمة"، هكذا يخبرنا نهرو في واحدة من رسائله،
في صفحات مثيرة من الكتاب يحدثنا نهرو عن مفهومة لمصطلح الإرادة: "إرادة التغيير شيء آخر ،
ميدانها ليس المؤتمرات السياسية، إنها في الحقول والشوارع والأسواق".
ما يزال ساستنا "الأفاضل" مصرّين على أن يتعلموا فن "الإرادة" من ميكافيللي، لا من نهرو: "لا تفكر في عقول الناس فهي دائماً تنشدّ لإرادة الحاكم"،
هذا هو الدرس الذي يعطيه صاحب كتاب "الأمير" لكل الذين
يلعبون على "إرادة" البسطاء. وأتمنى على القراء أن يعذرونني لأنني شغوف بمتابعة إنجازات حركة "إرادة" في بلاد الرافدين
وكيف أنها ستحمل لنا السرور والحبور حالما تشتري زعيمتها إحدى الهيئات المستقلة.
وفي فرصة الاقتراع الحقيقية الأولى، تختار الشعوب ساسة مثل ميركل، ،
مثلما اختار الهنود رجلاً أنيقاً قادماً من جامعة كيمبريدج اسمه نهرو،
وأهل هذه البلاد اختاروا في القرن الحادي والعشرين، أشخاصاً غامضي المصادر، خفافاً عائمين فوق بحر من الجهل.