وحين رأيتُ صاحبي بعد الحب عرفتُه شخصًا آخر، عرفتُ عينين جديدتين مترقرقتين رقيقتين، أقرب إلى الدموع كلما كشف الضحك ثناياه، عرفتُ لسانًا جديدا عذبًا معذبًا، أقرب إلى الشعر كلما مسَّ الطيفُ قلبه، عرفتُ أذنين مطرقتين مطرَبتين، أقرب إلى الإنصات كلما همس أحدٌ باسمه، عرفتُ وجهًا يحمرُّ رغم سمرته، أقرب إلى التورُّد كلما ورد ماءَ عينيه امرأةٌ تذود عنه، عرفتُ أنفًا أقرب إلى التطلع كلما طلع البدر علينا معبَّقًا بالياسمين، عرفتُ ذقنًا تتوسطها غمازةٌ، وما رأيت بوجه صاحبي طوال عمره غمازات...
رأيتُ في صاحبي قدرة الله بالرفق، وكيف يرق القلبُ للقلب، وما يفعل الحب بالحرب، وما يداوي اللين من عطَب، وما تشفي الرقةُ من نصَب، وما ترفع البراءةُ من وصَب، وما يمحو الجمال من كُرَب، وما يطفئ البرَد من لهب، وما يبطلُ الصمتُ من خُطَب.
..
في عينيْ صاحبي قرأتُ القصة كاملة، قال لي دون أن أسأله عن التفاصيل: يحيي العظام وهي رميم، قلت: بل يُنشئ خلقًا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين!
..