انيس الأنصاري
لمظاهرات السلمية الحضارية حق من حقوق المواطنين كفلهُ الدستور ولا خلافَ على هذا الأمر
. ولكن أن تصل المظاهرات الى مستوى من الغضب المدمّر فهذا الشيء مرفوض بكل تفاصيله ولا مبرّرَ له على الاطلاق .
ومن يحاول تبريرَ بعض التصرفات المرفوضة فهو يسعى بشكل غير مباشر امّا لتأجيج الوضع وخلق فوضى عارمة تأكلُ الأخضر واليابس معاً ،
أوْ لركب الموجة و اظهار نفسه كأنه ابن الشعب البار . لا أنكرُ أن الوضع المأساوي في العراق وصل الى الحدّ الذي لا يطاق بعد أن طفح الكيلَ ونفد الصبرُ .
ولا أنكر أن أغلب المسؤولين لا همّ لهم سوى تحقيق مصالحهم ومصالح أحزابهم ، ولا أنكرُ أن الخدمات الأساسية وصلتْ الى أدنى مستوياتها ،
ولا أنكرُ أن فرص العمل باتت حلماً من الأحلام التي يصعبُ تحقيقها ، ولا أنكرُ أن مسرح الفاسدين والمفسدين صار من أقوى المسارح على الاطلاق دون خوف أو ذرة حياء .
كما لا أنكرُ أن نسبة كبيرة من العراقيين يعانون معاناة قاسية ولا يستطيعون تأمين معيشتهم بكرامة . ولكن السؤال المنطقي :
ماذا سنستفيدُ لو قمنا بالاعتداء على الممتلكات العامة وعلى القوات الأمنية ؟ وهل مثل هذه الأساليب ستعود علينا بالفائدة ؟
أليس الوطن ملكَ الجميع والحفاظ عليه واجبٌ شرعي وأخلاقي ؟
ربّما البعض من المتظاهرين يرون أن المظاهرات فرصة لهم للتمرّد وللتنفيس عمّا بدواخلهم من أمراض نفسية ( مع جلّ احترامي للكثير من المتظاهرين الشرفاء )
وكان على العقلاء أن يدركوا هذه النقطة بالذات وأن يمنعوا حصولَ مثل هذه التصرفات الرعناء الهوجاء ،
لا أن يتركوا كلّ من هبّ ودبّ يفعلُ كما يشاء وكما يحلو له . على الجميع أن يفهموا بشكل جيد أن أيّ تصرف أحمق سيؤدي الى نتائج عكسية وسيقضي على مظلومية المظلومين ،
لأن المطالبة بالحقوق لا تبيح الانتقام من الوطن واعطاء الفرصة تلو الأخرى للمتربصين بهذا الوطن .
ستجعلُ وعليهم أن يدركوا أن التصرفات الحمقاء المشينة ضدّ الوطن وضدّ القوات الأمنية وضدّ الحشد الشعبي البطل
أعداءنا على أهبة الاستعداد لسحب البساط من تحت أقدامنا ومن ثم تنفيذ المخططات والأجندات الخبيثة ،
ولوْ تحقق هذا الأمر ( لا سامحَ الله ) فلن ينفعَنا عضّ الأصابع ندماً .
أقول لكم بمنتهى الوضوح والصراحة أن قادة الولايات المتحدة الأمريكية وبالتنسيق مع الكيان الصهيوني
يسعون بكل جهودهم لجعل العراق أقرب جبهة للتصدّ ي للجمهورية الايرانية ،
وهذا لا يمكن تحقيقه الاّ بعدَ أن يتم القضاء على المقاومة الاسلامية العراقية وعلى الحشد الشعبي بالذات .
والطامة الكبرى أن بعضنا لا يعي ولا يفهم ما يجري خلف الكواليس ،
وانمّا يردّدُ ما يسمعه هنا وهناك مثل الببغاء . كما أن محاولة ارجاع العراق الى المربع الأول ستتيح للرئيس الأمريكي ( دونالد ترامب )
التدخل المباشر بالشأن العراقي بحجة حمايته واعادة ترتيب أوراقه .
وفي الحقيقة أن ترامب يريد تنفيذ تصريحاته السابقة بالاستيلاء على نفط العراق باعتباره تعويضا عن الحروب التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق .
والمنطق يقول أن الطريق الى نفط العراق يحتاج الى تأزيم الأوضاع في العراق وتأجيجها .