في مطلع القرن السادس عشر , كانت كلٌّ من أوربا وأفريقيا واّسيا تجهل البطاطا . يعود أصلُ هذه النبتة العٌسقول إلى أمريكا الجنوبّية , وبخاصّة إلى منطقة جبال الأندِز المنخفضة من الشيلي والبيرو . وكان سكّان أمريكا الأصليون من الهنود قد جعلوا البطاطا أساس غذائهم , زدْ على ذلك سهولةَ حفظها مدّةً طويلةً بعدَ الجنى . أُعجب فاتحو أمريكا الأوًّلون بهذه التُحفة , كما أُعجبوا بالتبغ والشوكولا والذرة . ولمّا كانوا من أبناء إسبانيا , ففي إسبانيا زُرِعَت رؤوس البطاطا الأولى , حوالي سنة 1534 . وكان لهذا البلد الخاضع آنذاك للبيت النمساوي فضلُ نقلها بدوره إلى سكّان أوربا الوسطى وألمانيا الذين اعتمدوا هذا النوعَ من الخضار إٍنتقلت زراعةُ البطاطا إلى إنكلترا حوالي سنة 1585 , وزرعتها بلجيكا ابتداءً من سنة 1620 إلا أنَّ اعتماد زراعتها في فرنسا كان صعباً . فسنة 1772 , أسَّست أكاديميا مدينة (( بيزنسون)) جائرةً قَّمة لمن يكتشف نباتات جديدةً صالحة لتغذية البشر . ففاز بالجائزة سنة 1773 , الصيدليّ العسكريّ ((بَرمَنتييه)) , تقديراً لاقتراحة البطاطا .
ولم يكن ذلك كافياً لفرض تلك النبتة في فرنسا . ممّا دفع (( بَرمنتييه )) , بعد مجاعة 1785 , وبدعم من الملك , إلى اللُجوء إلى إلى حيلة تحمل الناس والفلاحين منهم بخاصّة على تغير رأيهم في تلك الخُضرة المحتقرة. فإوعز يزرع البطاطا في سهل ((سَبلُون )) غربيّ باريس على أن تُترك الأغراس في الليل , وعن قصد , نهباَ حلالاً للشعب الجائع ..... وهكذا تيسَّر للبطاطا أن تعتمد أخيراَ كطعام .