كتب / سالم سمسم مهدي…
على موقع الحرة الحدث

خونة بلادنا سبب مأساتنا
مع أنني واثق من أن هنري كيسنجر هو مهندس الإطاحة بالأنظمة العربية وإذلال وإهمال شعوبها إلا أن الغطرسة عندما تصل إلى مراحلها العليا فأن المصاب بها لا يتوانى عن الاعتراف ببعض الحقائق لعدم خشيته من أي رد فعل لتأكده من ضعف الطرف المقابل البعيد تماما عن اليقظة والغيرة المطلوبة …
وهو ما دعى هذا المُخطط الاستراتيجي لتطبيق ما يؤمن به ضد المعارضين وحتى الذين رهن إشارته لأن من شأن ذلك نشر المزيد من الفوضى في بلداننا العربية وقطع الطريق أمام احتمال حدوث تغيير يسهل من لملمة الجراح والعودة الى ركب الدول السائرة في طريق البناء الحقيقي المُنتج …
لذا فأنه ( هنري كيسنجر ) أعترف أمام العالم ومن ضمنهم إمعات العرب أن أمريكا كانت تبحث عمن يخونها في الداخل لتصفيته وعمن يخونون بلدانهم في الخارج ليستعملونهم في تنفيذ مخطط تفتيت الدول وتحطيم معنويات الشعوب …
لم يخفي كيسنجر مخطط تدمير العراق عندما كان وزيرا للخارجية بعد أن لعب دوراً كبيراً في عقد مفاوضات بين مصر وإسرائيل بالخيمة 101 في سيناء عام 1973 حيث أعترف في مؤتمر صحفي عقده بعد نجاح فض الاشتباك بين القوات المتحاربة وأمام عدد كبير من ممثلي الاعلام العالمي أعترف بتخوفه من الشعب العراقي عندما بادرت صحفية المانية الى طرح سؤالا عليه : ماذا تخشون مستقبلا ؟؟ أجاب بلا تردد نخشى من العراق حصراً فردت الصحفية باستغراب !! العراق دولة متخلفة ولا تجرأ على خوض حروب وجيشها فقير وأنهم لا يملكون صاروخاً واحد مداه عشرة كم …
رد هنري كيسنجر نحن لا نخشى من السلاح العراقي ولكننا نخشى من الشعب العراقي الذي يطيع بصورة عمياء مرجعيته الدينية وتقاليده وأصوله القبلية وكلاهما لا ينظران بود لإسرائيل ويحققان وحدة النسيج العراقي وتماسكه طول الوقت …
كررت الصحفية سؤالها وكيف ستبعدون ذلك الخطر ؟؟ أجاب : نحن جادون في ذلك وستكون الأيام القادمة حبلى بالنتائج الجيدة لنا …
ومن حينها وضعت المخابرات الأمريكية وحليفاتها مقادير العراق بين يدي من جاؤوا بقطار أمريكي لتنفيذ هذا المخطط ومن ثم التخلص منهم لأن لا عميل يؤتمن جانبه حتى من قبل المستفيدين منه …
لم يمضي الوقت طويلا حتى نشبت الحرب العراقية الإيرانية ليبدأ معها مخطط تفتيت اللحمة الاجتماعية للشعب العراقي عندما أُستنفر ضمن صفوف القوات المسلحة والجيش الشعبي لفترة امتدت لمدة ثمان سنوات سقط فيها مئات الالاف بين شهيد وجريح ومعاق وتكبيل البلدين بالديون الضخمة جداً وهو ما أدى الى ضعف الروابط الاجتماعية والعشائرية وبرز جيل جديد لا يؤمن بها كما كانت الأجيال السالفة …
لقد اختارت المخابرات الغربية أفرادا مهزوزة متقطعة الجذور فقدت نخوة الحريص على تراب وطنها بعد عانت الإملاق وشظف العيش في بلاد الغربة وسلكت طرق خسيسة للبحث عما يسد رمقها وأصبح لديها الاستعداد لفعل أي شيء من أجل كسب المال مهما كانت هذه الطرق قبيحة وفي المقدمة منها السرقة الخفية أو المعلنة وسلوك دروب الفساد التي تقود ألى تهريب الأموال الضخمة خارج الحدود وكل ذلك يدخل ضمن استراتيجية هنري كيسنجر التي رسم خطوطها لتحطيم معنويات الشعب العراقي …
ركزت القوى التي أرادت للإنسان العراقي أن يبقى في حضيض الدرك الأسفل على استبعاد الكفاءات من مراكز القرار ومن ثم اغراءها بالهجرة للبلدان الاخرى واستيعابها وصهرها ضمن مجتمعات غريبة ولم تكتفي بذلك بل ساعدت العناصر الجاهلة المتخلفة والرديئة وسلمتها مقادير الامور …
لذا فأن مخطط تفتيت العراق وتقطيع أوصاله وزرع الشقاق بين مكوناته من خلال تحريك هذه العناصر الهزيلة التي تحكمت بمصيره ومستقبل ابناءه رُسم من حين أبدى هنري كيسنجر مخاوفه التي لم تنجح تماماّ حيث أعادت الهبة الشعبية تنفيذاً لنداء المرجعية الأمور لنقطة البداية لمواجهة خطر داعش التي طرقت أبواب بغداد وليظل خونة بلادنا هم سبب مأساتنا .