يضع النرويجيون الكفار اموال النفط في صندوق الأجيال، ويسيرون شؤونهم باموال دافعي الضرائب وفقا لنظام ضريبي مثير لايمكن الإفلات منه.
يضع العرب والمسلمون أموال النفط في جيوبهم، ويبعثرونها على شراء الأسلحة من الغرب، وتكريس سلطانهم، وتوزيع رواتب الموظفين، وهدر ماتبقى في مشاريع عبثية، ويواصلون شتائمهم المقدسة لأعداء لاإله إلا الله، فكثير من المسلمين يرى إن (لاإله إلا الله) تتجاوز العصمة من القتل، وسلب الأموال، وهتك الأعراض، الى الحصانة المطلقة من المساءلة والمحاسبة، بل وتتجسد هذه الرؤية الرعناء في سلوكيات المنظمات الدينية التي تبيح كل شيء بإعتبار إن الرب منح أعضاءها صلاحيات مطلقة، ولعل بعض المنظمات التكفيرية تصلح لتكون مثلا على هذا.
في واقع الحال فإن الناس في البلاد العربية يتعاملون مع (لاإله إلا الله) كما يتعاملون مع الأغاني الهابطة، فهم يعتقدون بها دون القيام بحقها! وحقها هو صيانتها، والحفاظ عليها بأن يكون قائلها والمؤمن الموقن بها عارفا بحقوق الناس، يتوخى الإنصاف ولو من نفسه، لايقتل النفس المحترمة، ولايهتك عرضا، ولايخون، ولايكذب، ولايظلم، ولايفتري، ولايتعدى على الحقوق، وأن يكون مع الضعيف، ولاينحاز الى القوي. فالنبي يقول: القوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه، والضعيف عندي قوي حتى آخذ الحق له.
مابالنا نتسابق على الموبقات، وصرنا نلهو بكلمات القرآن والأحاديث الشريفة، ونفسرها ونأولها على هوانا، فماوافق المزاج صار حسنا، وماخالفه أعمينا أعيننا عنه، فلانراه حتى يكون معنا، أو نرميه في البحر، ولانهتم له.
كثير منا يغش، ومنا من يستلب الحقوق، ودينيونا صاروا يخيفون العوام، وكنا في السابق نطمئن برجال الدين ومنظمات الدين، وصرنا اليوم نسأل عن مسميات تلك الجهات، وعن إنتماءات فلان وعلان خشية أن يكون متعصبا لجهة، ولانؤديها حقها من التبجيل والتطبيل.
أحد أصدقائي يقول لي: نحن أتباع المذهب الفلاني في الجنة حتى لو زنينا، ولو سرقنا وكذبنا وإفترينا وعملنا مانشتهي من عمايل وفعايل، فالجنة خلقت لنا، وهو متوهم لأن الإيمان بشيء لايتحقق يقينا إلا بالعمل الصالح، فإذا أحببت الصالحين عملت بعملهم، وليس لي أن أغدر، أو أفجر، أو أكذب، أو أسيء الى أحد من الناس.
(لاإله إلا الله) ثقيلة فعلا ورائعة، وإشارة كاملة الى الوحدانية، لكن الجنة يمكن أن ندخلها بالأفعال الصالحة، وليس بالكلمات المالحة.
- هادي جلو مرعي