الإختلالات البيسيكولوجية
رغم ما يكتسبه البنين والبنات ، خلال مرحلة المراهقة ، من نمو وقوة عضلية متزايدة ، الا أنهم يعانون من إختلالات بيسيكولوجية عديدة تعود أسبابها لعوامل كثيرة منها ظروف الحياة ، وطبيعة النمو ، والبيئة ، ونوع وكيفية التغذية ، وأساليب التربية و ...
لم يتوصل الطب لحد الآن لمعرفة السبب أو الأسباب التي تقف وراء إبتلاء المراهقين بهذه الإختلالات . ومن المشاكل التي نلاحظها خلال هذه المرحلة ، يمكن الإشارة الى مختلف الأمراض والعوامل المقلقة ، وبروز إختلالات في الدورة الدموية ، وفي المزاج ، وحتى قابلية الإصابة بأمراض من قبيل السل ، وبرودة الأطراف ، إنحناء العمود الفقري ، وإعوجاج عظام الساق.
لا يسعنا هنا تناول هذه الإختلالات من جميع جوانبها ، لأن ذلك بحاجة الى دراسة مستقلة بذاتها ، لكننا نشير الى بعض المسائل المهمة فيها بأمل أن يأخذ أولياء الأمور والمربين بنظر الإعتبار ويستفيدوا منها في التعامل مع مثل هذه الحالات.
الإختلال في المزاج
يتعرض المزاج ، في هذه المرحلة من السن ، لإختلالات عديدة ، تصبح أرضية لإبتلاء الشخص بأمراض متنوعة . وبحسب دوريس أولوم ، تشمل هذه الإختلالات الإعتلال في وظيفة الأعضاء ، وأوجاع الرأس ، وسوء الهضم ، والإسهال ، والخدر ، والرجفة ، والخمول والشعور بالتعب و ...
إن مزاج أعضاء فئة المراهقين في تغير وتبدل مستمرين ، بحيث نلاحظ أنهم يعانون من إنعدام الشهية في الأكل تارة ، بينما يقبلون على الطعام بنهم تارة أخرى . وقد يعانون من الام في المعدة على أثر تناولهم شيئا قليلا من الطعام في وقت ما ، بينما يأكلون في وقت آخر الى حد الإمتلاء دون أن يشعروا بأي مشكلة.
كما ومن مميزات هذه المرحلة الإنقباض النفسي الشامل . ومن شأن التساهل مع هذه الحالة أن يؤدي الى الشعور بالمرض والالم . ومن أعراضه إنعدام الشهية ، وإصفرار الوجه ، وحتى الغضب ، وسوء الظن والحقد على الآخرين.
الإختلال في الغدد
إن سن المراهقة هي فترة نشاط الغدد التي تفرز هرموناتها الخاصة في الدم ، وهذه المسالة بحد ذاتها تتسبب في إعتلال المزاج وتأزمه . إن معامل الغدد أحيانا تترك آثارها على الجوانب العضوية ، فعلى سبيل المثال يؤدي النشاط الزائد عن الحد لغدة التيروئيد الى إزدياد دقات القلب ، والى الإنفعال العصبي والتعرق ، وبطبيعة الحال ينبغي الرجوع الى الطبيب المختص لمعالجة هذه الحالة ، كما ويؤدي الإفراز الهرموني من جهة أخرى الى التعرض لإختلالات نفسية من قبيل الإكتئاب والميل الى الوحدة والإنزواء.
وطبقا للتحقيقات الجارية في هذا المجال ، فإن الإفرازات الهرمونية من الغدد الداخلية ، تؤدي كذلك الى تشديد الإنفعالات العاطفية ، لدى أفراد فئة المراهقين ، ويتسبب بعضها في تسريع البلوغ نتيجة عوامل مختلفة وتترك آثارا على سلوك الشخصية . إن الإختلال في الإفراز الهرموني لبعض الغدد ، من الممكن أن يؤدي الى إصابة الشخص بالبهت والدوار وتعكر المزاج أو فقدان التوازن النفسي.
الإصابة بالأمراض
تزداد في مرحلة المراهقة إحتمالات تعرض الأشخاص الى الإصابة بأمراض مختلفة ، منها مرض السل الذي لا نعرف سببا واضحا له وإن كنا نعرف أثر ظروف العمل والبيئة السيئة في الإصابة به.
كما وقد يختل إيقاع النمو لدى المراهق في هذه المرحلة من السن لأسباب مختلفة أيضا وتزداد كذلك إحتمالات تعرضه للإصابة بالأمراض النفسية التي لها جذور في طبيعة الحياة العاطفية . وفي هذه الحالة يجب على أولياء الأمور أن يتعاملوا مع أعراض مثل هذه الإصابات بوعي ودراية من أجل إكتشاف بواعثها والمبادرة الى علاجها.
مسالة السمنة
من المسائل التي يعاني منها الكثير من المراهقين حالة السمنة التي يعود بعض أسبابها ، بحسب التحقيقات التي أجراها كابلن ، الى الصدمات النفسية ، والأحاسيس والأفعال ذات المغزى الرمزي ، والعقد والتوترات العصبية والشعور بالتبعية وعدم الإستقلال.
كما وقد أشار آخرون في تحقيقاتهم الى عوامل أخرى ـ أيضا ـ مؤثرة في حالة السمنة ، ومنها عامل الوراثة ، والإختلال في التمثيل الغذائي ، وإختلال في عمل الغدد الداخلية ، والإعتلال أو التلف في المخ ، والأمراض النفسية و ... ولا شك في التأثير المتزايد لحالة الإفراط في تناول الطعام أيضا في هذا المجال.
آثار وأعراض السمنة
إن السمنة تعيق نشاط الشخص ، وتحول دون إكتسابه للمهارات الضرورية في حياته خلال مرحلة المراهقة ، كما ويعجز على أثرها عن تنظيم
شؤونه والإستجابة لحاجاته ومتطلباته الفردية . ومن شأن السمنة أن تؤدي كذلك الى فقدان الثقة بالنفس ، والشعور بالحقارة نتيجة للإيحاءات النفسية الخاطئة أو بسبب تندر وإستهزاء الآخرين.
ومن الأعراض المهمة لمرض السمنة هو أن أغلب المصابين به يعلنون أنهم يفرطون في تناول الطعام عندما يكونون غاضبين ومضطربين أو متوترين من الناحية النفسية.
الإختلال في الأكل والنوم
طبقا لآراء أطباء النفس ، يشاهد لدى الفتاة أحيانا أعراضا مرضية تتجلى على شكل الإفراط في الأكل ليلا والشعور بالتهوع والغثيان نهارا. وتعود هذه الحالة في أسبابها في الغالب الى الضغوط النفسية والإجتماعية التي تتعرض لها وزوالها رهن بزوال أسبابها.
كما وتوجد إختلالات في النوم أيضا ، وتتجلى على شكل الكلام أو الصراخ أو المشي أثناء النوم وحتى السهاد والأرق في بعض الحالات . وهذه الحالات تنشأ في الغالب نتيجة للقلق والإضطراب ، وتدل على أن الشخص يخفي في داخله شيئا أو أشياء تشغله وتعذبه ويخشى البوح بها.
الإختلالات الأخرى
إن ذكر جميع حالات الإختلال خارج عن مجال هذا البحث لأنها من جهة بحاجة الى دراسة طبية متخصصة ، ومن جهة أخرى قد لا تكون ضرورية بإعتبارها ليست محل إبتلاء الجميع . لكننا نشير الى بعض ما نرى أهمية طرحه منها بإختصار :
ــ زيادة في الوزن تظهر على شكل سمنة . ويمكن أن تكون الزيادة في الوزن طبيعية إذا ما بلغت 16 كيلوغراما خلال سنتين ، لكنها تصل حتى الى 30 كيلوغراما في الحالات غير الطبيعية.
ــ زيادة مفرطة في الطول : الأمر الذي تعتبره الفتيات نشازا وينزعجن منه بشدة.
ــ الإختلال في طريقة الوقوف التي تبدو على شكل الوقوف متمايلا الى جهة معينة أو منحنيا أو بالإستناد الى قدم واحدة.
ــ الإختلال في الجلوس بحيث إذا كان الشخص جالسا على كرسي وكانت أمامه منضدة يستند منحنيا على المنضدة ، الأمر الذي يسبب له الاما في العمود الفقري.
ــ الإختلال في الدورة الشهرية وإضطرابها ، وما يرافق ذلك من أجاع والام في بعض الحالات.
ــ بروز ما يسمى بحب الشباب في الوجه والذي يقلق المراهقين خصوصا في بدايات سن المراهقة.
ــ قصر القامة الى حد الدمامة وطول القامة الى حد النشاز الذي ينشأ نتيجة للإختلال في معامل الغدد الداخلية خصوصا غدة الــ Hypophyse .
المصدر المراهقة والشباب الشيخ عباس محمد