شبهه قرآنية (النسيان ونسبته لله تعالى عن ذلك)
بعض الاشكالات الواردة حول القرآن الكريم مقتبسة من كتاب {شبهات وردود حول القرآن الكريم } تأليف العلامة المتبحر آية الله الشيخ محمد هادي معرفة (قدس سره الشريف) :-
-
التناسي او النسيان /
سؤال :
قال تعالى { فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا} [الأعراف : 51]. وقال تعالى { نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة : 67]. كيف يتلائم ذلك مع قوله تعالى {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم : 64] وقوله تعالى {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه : 52].
جواب :
النسيان في الايتين الاوليتين هو التناسي والتغافل . اما المنفي في الايتين الاخيريتين فهي الغفله والنسيان حقيقة.
والنسيان – بمعنى التناسي – في القرآن كثير , كما في قوله تعالى {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه : 115] أي تناسى العهد ولم ياخذ بجدٍّ. إذ لو كان نسي حقيقة لكان معذورا , إذ لامؤاخذة على التناسي عقلا ولا لوم عليه.
وقوله تعالى {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر : 19] أي تغافلوا حضوره تعالى في الحياة ومن ثم تغافلوا انفسهم ولم ياخذوا كرامة الانسان بجدّ.
فقوله تعالى {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه : 126] يعني نبذت آياتنا وراء ظهرك ولم تأخذها بجدٍّ , فكذلك اليوم تنسى ولا تشملك العناية الالهية .
كما في قوله تعالى { فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران : 187] أي استهانوا بشأن الكتاب واستعاضوا به متاع الحياة الدنيا القليل. وهو التغافل في الامر والتساهل فيه وليست حقيقة الغفله.
وهكذا ) قال :uجاء في الجواب فيما نسب الى الامام امير المؤمنين (
((
اما قوله {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة : 67] فإنما يعني : نسوا الله في دار الدنيا , لم يعملوا بطاعته , فنسيهم في الآخرة أي لم يجعل لهم في ثوابه شيئا , فصاروا منسيين من الخير. وقد يقول العرب : قد نسينا فلان فلا يذكرنا , أي انه لا يأمر لنا بخير ولايذكرنا به .
واما قوله تعالى {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم : 64] فإن ربنا تبارك وتعالى ليس بالذي ينسى ولا يغفل بل هو الحفيظ العليم))