الدرس الخامس عشر: همزتا الوصل والقطع
أهداف الدرس
على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يتعرّف إلى همزة القطع وموارد ثبوتها ويطبِّقها.
2- يتعرّف إلى همزة الوصل ومواضعها في الأفعال والأسماء ويطبِّقها.
3- يميّز بعض الموارد الخاصَّة في تتالي همزة القطع والوصل.همزة القطع
155
هي التي تثبت وصلاً وبدءاً، وتقع في أول الكلمة وأوسطها وطرفها.
1- الهمزة في أول الكلمة:
ترسم الهمزة في أول الكلمة ألفاً, سواء تحرّكت بكسر أو فتح أو ضم، نحو:
﴿إِبْرَاهِيمَ﴾1, ﴿أَمَرَ﴾2, ﴿أُنزِلَ﴾3.. وكذلك إذا اتصل بها حرف دخيل زائد, نحو: ﴿فَبِأَيِّ﴾4، ﴿لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ﴾5، ﴿فَلأُمِّهِ﴾6، ﴿سَأُنزِلُ﴾7, ﴿لأَقْعُدَنَّ﴾8, ﴿سَأَصْرِفُ﴾9، ﴿أَفَأَنتَ﴾10.2- الهمزة في آخر الكلمة:
157
إذا جاءت الهمزة في وسط الكلمة وكان الحرف الذي يسبقها ساكناً سوى الألف ـ لم ترسم خطّاً، نحو: ﴿يُسْأَلُ﴾11, ﴿يَجْأَرُونَ﴾12, ﴿جُزْءًا﴾13, ﴿سَوْءةَ﴾14, ﴿شَيْئاً﴾15, ﴿بَرِيئًا﴾16.. ولا عبرة لحركتها البتّة.
أمّا إذا كانت الهمزة والحرف الذي يسبقها متحرِّكين (أو كان الذي يسبقها ألفاً) لوحظ في الرسم ما يلي:
إذا كان أحدهما مكسوراً، رسمت الهمزة ياءً, نحو: ﴿جِئْتَ﴾17, ﴿سُئِلَ﴾18, ﴿يَئِسَ﴾19.
وإذا كان أحدهما مضموماً (والآخر غير مكسور), رسمت الهمزة واواً، نحو: ﴿يَذْرَؤُكُمْ﴾20، ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾21.
وإذا كانا مفتوحين رسمت الهمزة ألفاً، نحو: ﴿سَأَلْتُمْ﴾22, ﴿رَأَوْكَ﴾23، ﴿لِتَقْرَأَهُ﴾24.3- الهمزة في آخر الكلمة:
158
الهمزة في طرف الكلمة: إذا وقعت الهمزة متطرّفة في آخر الكلمة، لوحظت حركة ما قبلها، وترسم الهمزة تبعأً لحركة الحرف الذي يسبقها:
فإذا كان ما قبلها مكسوراً رسمت ياءً, نحو: ﴿قُرِىءَ﴾25، ﴿شَاطِئِ﴾26.
وإذا كان قبلها مضموماً رسمت واواً، نحو: ﴿إِنِ امْرُؤٌ﴾27.
وإذا كان ما قبلها مفتوحاً رسمت ألفاً، نحو: ﴿بَدَأَ﴾28, ﴿مِن سَبَإٍ﴾29.
وإذا كان ما قبلها ساكناً تكتب على السطر, نحو: ﴿الْخَبْءَ﴾30, ﴿دِفْءٌ﴾31، ﴿مِّلْءُ﴾32.
همزة الوصل
هي التي تثبت في الابتداء وتسقط في الدرج33, ومن المعلوم أنَّ العرب لا تبدأ بساكن ولا تقف على متحرّك ولا تصل إلّا بحركة، فأوّل الكلمة إن كان ساكناً يحتاج إلى همزة وصل لنتمكّن من لفظها، وتتحوّل همزة الوصل إلى همزة قطع عند الابتداء، وترسم على هيئة ألف "، وتحذف عند دخول عليها الأحرف المزيدة، نحو: ﴿وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ﴾34، ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى﴾35، ﴿لَلَّذِي﴾36، ﴿لِلْإِسْلَامِ﴾37. وهمزة الوصل تكون في الأسماء والأفعال.1ـ همزة الوصل في الأسماء:
159
فالأسماء لا تخلو إمَّا أن تكون معّرفة بـ "ال"، إمّا منكّرة بدون "ال":
فإن كان الاسم معرّفاً بـ "ال" فتفتح الهمزة دائماً عند الابتداء، نحو:
﴿الْحَمْدُ للّهِ﴾38, ﴿الرَّحْمنِ﴾39, ﴿الرَّحِيمِ﴾40، ﴿اللّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾41، ﴿عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾42، ﴿خَلَقَ الإِنسَانَ﴾43، ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾44, ﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ﴾45.
إن كان الاسم منكّراً بدون "ال" فتكسر الهمزة دائماً عند الابتداء، وقد وردت في الأسماء السبعة التالية في القران الكريم: ابن، ابنة، امرؤ، امرأة، اثنان، اثنتان، اسم.
2ـ همزة الوصل في الأفعال:
- تكون همزة الوصل في الأفعال باستثناء المضارع لم ترد فيه مطلقاً ولا في الماضي الثلاثي والرباعي، وقد وردت في المواضيع التالية:
- في ماضي الخماسي والسداسي (المبنى للمعلوم) وأمرهما ومصدرهما, نحو: انتقَل، انتقِل, انتقَال, استغفَر, استغفِر، استغفَار، انطلق، انطلاق، استخلف، استخلاف، استكبار... فتلفظ همزة الوصل همزة قطع مكسورة دائماً عند الابتداء.
- في فعل الأمر الثلاثي: فانظر إلى عين الفعل (أي ثالث حرف منه) إن كانمكسوراً أو مفتوحاً فيُبدأ بهزة الوصل همزة قطع مكسورة دائماً، نحو:
160
اذهَب، اضرِب، ارجِع، اعلَم... أمّا إذا كان عين الفعل مضموماً ضمّاً لازماً (أصلياً) فيُبدأ بالهمزة مضمومة، نحو: انظُر، اعبُد، اخرُج...
- أمّا إذا كان عين الفعل مضموماً ضمّاً عارضاً فيُبدأ بالهمزة مكسورة، نظراً لأصل الفعل، نحو: امشوا، ابنوا، اقبضوا... لأنّك إذا أمرت الواحد أو الاثنين، نحو: امشِ، امشيا... فتجد عين الفعل مكسورة فيهما، فالضمة إذاً عارضة.
في ماضي الخماسي والسداسي المبنيّين للمجهول، نحو: اجْتُثَّت، اسْتُخْرِج، اضْطُرَّ، امتُحِن، استُهْزِىء... تُبدل همزة الوصل إلى همزة قطع مضمومة عند الابتداء.
3ـ موارد خاصة:
المورد الأول: إذا دخلت همزة الاستفهام (وهي همزة قطع) على همزة الوصل في غير لام التعريف حذفت همزة الوصل وبقيت همزة الاستفهام المفتوحة، وقد ورد ذلك في القرآن الكريم في سبعة مواضع هي:
1- ﴿قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا﴾46 أَآتَّخذتم أصلها أَآتخذتم.
2- ﴿أَاطَّلَعَ الْغَيْبَ﴾47.
3- ﴿أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾48.
4- ﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾49.
5- ﴿أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا﴾50.6- ﴿أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾51.
161
7- ﴿سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ﴾52.
المورد الثاني: إذا انتهت كلمة بحرفٍ سـاكن وجاء بعدها همزة وصل، حُرِّك الحرف الساكن للتخلّص من التقاء الساكنين, ويكون التحريك:
1- بالكسر:
﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾53، تلفظ قلِ الحمد لله - ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ﴾54, تلفظ أحدُنِ الله الصمد...
2ـ بالضم:
إذا كان الحرف الساكن ميمَ الجماعة المتَّصلة بضمير، نحو: ﴿حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ﴾55, ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى﴾56, ﴿وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾57...
إذا كان الحرف السّاكن واو الجماعة المفتوح ما قبلها، نحو: ﴿وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾58.
3ـ بالفتح:
حال وصل ﴿الم﴾59 بـ ﴿اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾60 (وصل الميم بلفظ الجلالة).حالة وصل ﴿مِنَ﴾ بـ ﴿المُنتَصِرِينَ﴾61 (مِنْ الجارَّة وجاء بعدها أل التعريف).
162
حال وصل ﴿وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ﴾62.
المورد الثالث: إذا وقعت همزة الوصل وجاء بعدها همزة قطع ساكنة في الفعل, فلها حالتان:
1ـ الوصل:
وصـل الكلمة التي تبدأ بهمزة وصل بالتي قبلها، فتسقط همزة الوصل وتلفظ الهمزة ساكنة كما هي، نحو:
﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾63.
﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾64، وكذلك وردت في سورة يوسف آيات: 50، 54، 59، 93، وفي سورة النمل آية 31، وفي سورة الأحقاف آية 4.
2ـ الابتداء:
فحينئذٍ لا تبقى الهمزة الساكنة على حالها بل تبدّل حرفاً يوافق جنس حركة همزة الوصل المُبْتَدَأْ بها، فإن كانت همزة الوصل مكسورة65 أبدلت الهمزة السّاكنة ياءً، نحو: ﴿ائْتُونِي﴾66، وإن كانت همزة الوصل مضمومة67 أبدلت الهمزة الساكنة واواً, نحو: ﴿اؤْتُمِنَ﴾، فيصبح اللفظ في كلتا الكلمتين ابتداءً هكذا: إِيتوني، أُوتمن.
163
أسـئلـة الـدرس
كيف نبتدئ بهمزة الوصل في الاسم النّكرة.
الاسم المعرفة.
فعل الأمر الثلاثي.
فعل الأمر المضموم عينه ضمّاً عارضاً.
تمارين
اقرأ النص القرآني من سورة الانفطار المباركة كاملة مستخرجاً أحكام همزتي الوصل والقطع؟
﴿إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ * يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ * كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ * إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾
للمطالعة
القرآن في كلام الإمام الخامنئي دام ظله
الحمد لله الذي منّ علينا بالأنس بالقرآن وإذا ما استطاعت أمّة ما أن تحيي الأجواء القرآنية وتتنعم بالمعارف القرآنية عبر الأنس بالقرآن فإنّها ستستطيع التغلب على مشاكلها68.
إنّ الأنس بالقرآن وتلاوته وحفظه كلها من الضروريات، غير أن الهدف النهائي هو التمسّك بالقرآن في صلب الحياة69. فالتمسّك بالقرآن لا ينحصر بتلاوته، فلا بدّ أن يتجلّى القرآن في أفعالنا وحياتنا وسلوكياتنا وأخلاقنا وفي المسيرة العامة للأمة الإسلامية70.
هل يكفي أن نضع القرآن في جيوبنا؟ وهل يكفي العبور من تحت القرآن عند السفر؟ وهل يكفي اليوم المشاركة في جلسة للقرآن فقط؟ أو هل يكفي أن نرتّل القرآن أو نسمع ترتيله بصوت حسن ونلتذّ به؟ كلا، بل هناك حاجة إلى شيء آخر، فما هو هذا الشيء؟ إنّه التدبّر في القرآن، فلا بدّ من التدبّر في القرآن، والقرآن بنفسه يدعونا في موارد عديدة إلى التدبّر. فإن عرفنا - أيها الأعزّة - كيف نأنس بالتدبّر في القرآن، كسبنا كل ما قلناه71.
فالقرآن مصدر عزّة المسلمين، والقرآن لا يقتصر معناه على تلاوته والاعتقاد به فحسب، وإنّما هو نظام متكامل للحياة الاجتماعية، وفيه تعاليم تضمن توفير حياة سعيدة ومقرونة بالعزّة. وهذه الحقيقة غير خافية ولا مستعصية اليوم على المفكّرين المسلمين. كما وأنّ أبناء الشعوب الإسلامية يعرفون الكثير من الحقائق.
حاولوا تلاوة ما تتيسّر لكم تلاوته من القرآن يومياً، ويجب أن لا يمرّ عليكم يوم لا تقرؤون فيه ولو شيئاً قليلاً من القرآن بتدبّر حتى وإن كان عشر أو خمس آيات, تلاوة القرآن تضفي عليكم نورانية72.
فكم هي قيمة تلاوة القرآن وختمه وتمرير معارفه في الذهن ولو لمرة واحدة، إنّ فضيلة قراءة جزءين من القرآن دون تأمل وتدبّر أقل من سورة سطرين منه بتدبّر وإمعان73.
إنّ القرآن ليس للتلاوة في الزوايا، بل هو للعمل والعلم والمعرفة.
إنّ جلسات القرآن وتلاوته ما هي إلّا مقدّمة لمعرفة المفاهيم القرآنية74.
إنّ القرآن نور ينير الروح والقلب، فلو أنستم بالقرآن لرأيتم أن قلوبكم وأرواحكم منيرة، فببركة القرآن تزال الكثير من الظلمات والمبهمات من قلب وروح الإنسان.
فتلاوة القرآن بصوت حسن، بآدابه الخاصة، بأسلوب ونغمة وطريقة خاصّة حسن ويقرّب الإنسان إلى الله، لكنها غير كافية. التلاوة الجيدة شيء لازم، وإنّني أشجّع وأقدّر وأبجّل الذين أذاقونا حلاوة القرآن بتلاواتهم الجيدة.
علّموا الأطفال الأمور اللازمة والمفيدة التي تقرّبهم إلى فهم معاني القرآن، لتترسخ في أذهانهم كالنقش على الحجر، وتعود عليهم بالبركة إلى آخر العمر75.