الدرس العاشر: المـــدّ
أهداف الدرس
على الطالب في نهاية هذا الدرس أن:
1- يتعرّف إلى المد وحروفه.
2- يعدّد أقسام المد الأصلي والفرعي.
3- يطبّق المدود المختلفة في تجويد القرآن الكريم.تعريف المد
105
المدّ لغة: مطّ الصّوت أو الزيادة أو الإكثار أو التطويل، واصطلاحاً: هو إطالة الصّوت بحرف من حروف المد واللِّين أو حرفي اللِّين.
وحروف المد واللِّين: الألفُ والواوُ والياءُ السواكن، المجانس لها ما قبلها، نحو: ﴿نُوحِيهَا﴾1.
حروفها ثلاثة فعيها من لفظ "وايٍ" وهي في "نوحيها"
أقسام المد
ينقسم المد إلى قسمين: أصلي ويسمى المدّ الطبيعي، وفرعي وهو حالة سبب من همزٍ أو سكون.
1- المد الطبيعي:
هو إطالة الصوت مقدار حركتين بحرف من حروف المد الثلاثة (ا ـ و ـ ي) مع شروطها دون أن يليه همز أو سكون. نحو:
﴿وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾2.
﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾3.ويسقط المد الطبيعي في الحالات الثلاث الآتية:
107
أـ إذا أتى على أحد حروف المد الطبيعي همز، نحو:
﴿ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾4.
﴿يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ﴾5.
﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ﴾6.
ب ـ إذا أتى على أحد حروف المد الطبيعي سكون ظاهري، نحو:
﴿وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾7.
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا﴾8.
﴿وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى﴾9.
ج ـ إذا أتى بعد أحد حروف المد الطبيعي همزة وصل، نحو:
﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾10.
﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾11.
﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾12.
2- المد الفرعي:
المد الفرعي يتوقف على الهمز أو السكون، وينقسم إلى قسمين:
أـ مد بسبب الهمز (هو أن يأتي بعد حرف المد همز) ينقسم إلى ثلاثة أقسام هي:1- المد المتصل.
108
2- المد المنفصل.
3- مد البدل.
ب ـ مد بسبب السكون (هو أن يأتي بعد حرف المد سكون) وينقسم إلى ثلاثة أقسام أيضاً هي:
1- المد اللازم.
2- المد العارض للسكون.
3- مد اللّين.
ما هو المد المتصل؟
المد المتصل هو أن يأتي أحد حروف المد الطبيعي ويأتي من بعده همز في كلمة واحدة، ومقدار مدة أربع أو خمس حركات (4 - 5) نحو: ﴿مَّلَائِكَةً﴾13، ﴿سِيئَتْ﴾14، ﴿لِيَسُوؤُواْ﴾15، ﴿قَآئِلُونَ﴾16، ﴿طَّآئِفَةٌ...﴾17.
وإذا جاءت الهمزة آخر الكلمة وقبلها حرف المد، نحو: ﴿سَمَاء﴾18، ﴿سُوءُ﴾19، ﴿السَّرَّاء﴾20، ﴿الضَّرَّاء﴾21 فيجوز مدها مقدار أربع أو خمس أو ست حركات (4 - 5 - 6) حالة الوقف لا حالة الوصل، لأنّها تتّبع في هذه الحالة المدّ العارض للسكون.أمثلة توضيحية:
109
﴿وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾22.
﴿قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ﴾23.
﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾24.
ما هو المد المنفصل؟
المد المنفصل هو أن يأتي أحد حروف المد الطبيعي في آخر أول كلمة والهمز في أول الكلمة الثانية، ومقدار مدّه حركتان أو أربع أو خمس حركات (2 - 4 - 5). ويمد المنفصل حالة الوصل لا حالة الوقف، نحو: ﴿إِنِّي أَخَافُ اللّهَ﴾25، أما إذا وقفنا على كلمة ﴿إِنِّي﴾ ولم نصلها بكلمة ﴿أَخَافُ﴾ فيجب المد عندئذ مقدار حركتين لأنّه يكون في هذه الحالة مدّاً طبيعياً.
أمثلة توضيحية:
- ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾26.
- ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ﴾27.
- ﴿انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ﴾28.
- ﴿قَالُوا إِنَّكُمْ﴾29 ﴿يَا أَيُّهَا﴾30 ﴿أَنبِئُونِي﴾31.ما هو مدّ البدل؟
110
مد البدل هو عبارة عن همزتين إحداهما متحرّكة والأخرى ساكنة فنقوم بإبدال الهمزة الساكنة بمدّة للأولى نطيل بها الصوت مقدار حركتين.
ومد البدل لا يأتي عادة إلا في أوائل الكلمات ﴿آيَةٍ﴾32، ﴿الْآخِرَةَ﴾33، ﴿آدَمَ﴾34، ﴿إِيمَاناً﴾35، ﴿أُوتُوا﴾36، ﴿آزَرَ﴾37 كما أنّه يأتي في آخر الكلمات، نحو: ﴿اللَّائِي﴾38، ﴿جَآؤُوا﴾39.
ويبقى مدّ البدل مدّاً بدلاً في الكلمات المزيدة (المزاد عليها لام التعريف أو الضمير وغيرهما...) وحينها يمكننا القول أنَّ مدّ البدل يأتي في وسط الكلمة نحو: ﴿جَاءُوكُمْ﴾40، ﴿لَآتَوْهَا﴾41، ﴿وَلَلْآخِرَةُ﴾42، ﴿الْأُولَى﴾43، ﴿سَآوِي﴾44.
توضيح: (﴿آدَمَ﴾ أصلها أَأْدم) - (﴿أُوتُوا﴾ أصلها أُؤْتو) - (﴿إِيمَاناً﴾ أصلها إِئْماناً) - (﴿آزَرَ﴾ أصلها أَأْزر) - (﴿آمَنُواْ﴾ أصلها أَأْمنوا).أمثلة توضيحية:
111
﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾45.
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا﴾46.
﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾47.
112
أسـئلـة الـدرس
1- عرّف المدّ الطّبيعي وما هي الحالات التي يسقط فيها المدّ؟
2- عرّف كلاً من: المدّ المتّصل - المدّ المنفصل - مدّ البدل.
تمارين
إقرأ النص القرآني (الآيات العشر الأولى)، من سورة الجن واستخرج أحكام المدّ الطبيعي، مد البدل، المد المنفصل، المد المتصل.
﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا * وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا * وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا * وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا * وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا * وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا * وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا * وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾48.
للمطالعة
التعرّف على لغة القرآن49
يتصوّر البعض أنّ الغرض من تلاوة القرآن، ينحصر في قراءة القرآن لأجل الثواب، دون أن يدرك شيئاً من معانيه. وهؤلاء يقرؤون القرآن باستمرار, ولكن، إذا سئلوا مرة واحدة: إنكم هل تعرفون معنى ما تقرؤون؟ يعجزون عن الإجابة.
إن قراءة القرآن من هذه الناحية، وهي أنّها مقدمة لدرك معاني القرآن، ضرورية وحسنة، ولكن ليس فقط لأجل اكتساب الثواب.
لذا يجب للمطالعة القرآن بهدف دراسته وتعلّمه، حيث يصرّح القرآن في هذا المجال بقوله: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾50.
إحدى مسؤوليات القرآن هي التعليم والتذكير, ومن هذه الجهة يخاطب القرآن عقل الإنسان، ويتحدث معه بالاستدلال والمنطق, غير أن الإنسان، ويتحدث معه بـ الاستدلال والمنطق, غير أن للقرآن لغة أخرى، والمخاطب فيها ليس العقل، بل المخاطب هو القلب, وهذه اللغة الثانية تسمّى: "الإحساس".
وإن الذي يريد أن يتعرّف على القرآن ويأنس به, عليه، أن يتعرّف على هاتين اللغتين ويستفيد منهما معاً، وأن تفكيك هاتين اللغتين يؤدي إلى بروز الخطأ والاشتباه ويسبب الضرر والخسران. إن ما نسميه بالقلب، عبارة عن شعور عظيم وعميق جداً في باطن الإنسان، ويسمونه أحياناً إحساس الوجود, أي إحساس رابطة الإنسان مع الوجود المطلق.
فالذي يعرف لغة القلب ويخاطب الإنسان بها، يحرك الإنسان من أعماق وجوده، وعندئذٍ لا يبقى الفكر الإنساني تحت التأثير فحسب, بل ويتأثر كل وجوده.
إن الشعور الديني والفطرة الإلهية من أسمى الغرائز والأحاسيس لدى كل إنسان، وأن علاقة القرآن مع هذا الإحساس الشريف علاقة أسمى وأعلى...
القرآن بنفسه يوصينا أن نقرأه بصوت حسن لطيف... وبهذا النداء السماوي يتحدث القرآن مع الفطرة الإلهية للإنسان ويسخرها51.
القرآن عندما يصف نفسه يتحدث بلسانين: فتارة يعرّف نفسه بأنّه كتاب التفكر والمنطق والاستدلال، وتارة أخرى بأنه كتاب الإحساس والعشق. وبعبارة أخرى فالقرآن ليس غذاءً للعقل والفكر فحسب، بل هو غذاء للروح أيضاً.
يؤكّد القرآن كثيراً على الموسيقى الخاصة به. الموسيقى التي لها تأثير أكثر من كل موسيقى أخرى، في إثارة الأحاسيس العميقة والمتعالية للإنسان.
يأمر القرآن المؤمنين بأن يقضوا بعض أوقات الليل بتلاوة القرآن، وأن يرتلوا القرآن في صلواتهم عندما يتوجهون إلى الله, وفي خطاب للرسول يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾52.