السؤال: رسائله إلى ملوك العالم
هناك سؤال يحيرني
موسى عليه السلام ارسله الله الى فرعون ليدعوه الى الايمان فاعطاه الله برهان يقيني ومرئي ليس فيه أي شبهة ليكون حجة بالغة وهو العصا التي تتحول الى حية ويده التي تخرج بيضاء للناظرين
ولكن في دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام الى ملوك العالم من كسرى الى هرقل والمقوقس وغيرهم,فما هي الحجة او الآية البالغة التي اتى بها الصحابة الذين ارسلهم الرسول, ",اسلم تسلم يؤتك الله اجرك مرتين الى آخر الرسالة... ثم تلاوة بعض الايات من القرآن...فهل هذه حجة كافية شافية واضحة كاملة عليهم, بصراحة شخصيا لا اراها كذلك وفي رايي كان لا بد من اية حسية يقينية واضحة تكون حجة عليهم
وشيء اخر, الاسلام فتح بغزوات كثيرة سواء في عهد الرسول او بعد وفاته, هل كان المسلمون يدعون اهل هذا المكان او اهل هذه البلاد الى الاسلام قبل غزوها قبل غزوها بالسيف وان كان هذا يحدث فكيف تكون هذه الدعوى واذا كانت هذه الدعوة الى ملك او امير او قائد هذا المكان ورفض الدعوة فما ذنب الجنود الذين يحكمهم ويقاتلون المسلمين ويقتلون على الشرك والكفر و هم لم ياخذوا حظهم من الدعوة
ثم شيء اخر انا ارى ان أي فكرة تعرض على الانسان ليقتنع بها لا بد ان يدرسها من جميع الجوانب و لكي يدرسها من جميع الجوانب لا بد له من وقت كاف وبذلك فقط يكون الاقتناع الكامل بهذه الفكرة وهو عكس ما يحدث من دعوة شفاهية جافة
الجواب:

يمكن الاجابة بعدة نقاط:
الاولى: إن اولئك الملوك والجبابرة كانوا على علم ببعثة الرسول (صلى الله عليه وآله) من قبل وإلا لا يمكن التصديق بعدم معرفتهم به (صلى الله عليه وآله) واخباره وعلومه وغزواته قد طبقت الآفاق، خاصة مع كونهم اصحاب مواقع مهمة توجب المتابعة والمعرفة.
الثانية: ان تلك الرسائل بمثابة صعقة كهربائية منبهة لهم بوجوده الشريف (صلى الله عليه وآله) وبدينه الجديد ومسؤولية تبليغهم وانذارهم وتبشيرهم.
الثالثة: ان الرسول الذي ارسله رسول الله (صلى الله عليه وآله) برسالته كان مهيئاً للاجابة على اسئلة الملوك وجميع ما يوجه اليه من اشكالات، وان طريق البحث لا تقطعه الرسالة بل تفتحه، ولا يحول دونه الرسول بل يعززه.
الرابعة: ان هرقل تفاعل نسبيا مع الرسالة والمقوقس تعاطف معها بوضوح وارسل مع الرسول هدايا كثيرة للنبي (صلى الله عليه وآله) مما يدلك ان تلك الفرصة كانت مناسبة لايصال مفهوم الرسالة بشكلها الاجمالي واتضاح تلك المفاهيم فيما بعد.
وإن تلاوة بعض الآيات يكفي في مقام التبليغ ولا يشترط ان يعرض جميع القرآن حتى تتم الحجة به على القوم، فقد اكتفى اوائل المسلمين ببعض الآيات النازلة على النبي (صلى الله عليه وآله) آنذاك ودون الحاجة الى المزيد.
الخامسة: إن امر الرسائل التي بعثها الرسول(صلى الله عليه وآله) الى اصحاب الامبراطوريات انما كان بامر من الله تعالى لأنه (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِن هُوَ إِلَّا وَحيٌ يُوحَى )) (النجم:4-5)، والله تعالى اعلم بأمر عباده واعرف بما يناسبهم وهو تبارك وتعالى احرص عليهم من ان يضلوا او ينحرفوا او يعرضهم لمسؤلية دون اقامة الحجة عليهم.
أما سؤالكم عن الفتوحات الاسلامية في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) والخلفاء فهذا ما تجدون الاشارة اليه في موقعنا/ الاسئلة العقائدية/ الفتوحات الاسلامية/ ليس الاسلام دين السيف والدم. ولا بأس بمطالعة كل الباب لتحقق الفائدة فيه.
وسؤالكم عن ضرورة اخذ الوقت الكافي لدراسة فكرة ما في مقام اعتناقها او رفضها فهذا ما نؤيدكم به ونقول ان الاسلام عمل بهذا النمط فقد قال تعالى (( قُل إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِن هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَينَ يَدَي عَذَابٍ شَدِيدٍ )) (سبأ:46). وقال تعالى (( أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيفَ خُلِقَت )) (الغاشية:17). او قوله تعالى (( سَنُرِيهِم آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِم حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُ الحَقُّ أَوَلَم يَكفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ )) (فصلت:53) وغير هذه الآيات الكثير مما يعني ان الاسلام يعتمد الطريق العقلي في منهجه بالدعوة الى الله وهو نفس الاسلوب الذي اتبعه الرسول (صلى الله عليه وآله) مع قومه علما انه لا يوجد فتح في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) سوى فتح مكة والبقية غزوات وسرايا لها ما يبررها شرعا وعقلاً.