تواصل منطقة عسير – جنوب غربي السعودية - استقبالها قوافل الزوار والمصطافين الذين حطت بهم الرحال منذ مطلع شهر رمضان الماضي، على بساط من الطبيعة الخضراء التي تلفها الأجواء المعتدلة والأمطار المنهمرة بشكل شبه يومي.
وعاشت مدينتا أبها وخميس مشيط، ومحافظات ومراكز المنطقة الساكنة على قمم سلسلة جبال السروات شمالاً، امتداداً من مركزي بللحمر وبللسمر ومحافظتي تنومة والنماص، وصولاً إلى محافظة بلقرن، أجواء لم تهدأ من استقبال ضيوفها وزوارها الذين قدموا من مدن مختلفة، لقضاء أجمل الأوقات وسط جمال الطبيعة وسحرها الجذاب، فضلاً عن توفر الخدمات والمقومات السياحية الطبيعية والإمكانات التي قامت عليها الجهات المختصة على السياحة في المنطقة، بمتابعة وإشراف صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير، الذي يقف على استعدادات السياحة منذ وقت مبكر، في الوقت الذي وجه سموه بمبادرة حسن الوفادة لأكثر من 40 جهة حكومية وخاصة، تلتقي أعمالها في الشأن السياحي ما بين تقديم خدمات للزوار وتنظيم فعاليات وبرامج سياحية، وعلى ضوء ذلك تفاعل عدد من محافظي منطقة عسير مع مبادرة حسن الوفادة، وتم تدشين المبادرة تحت شعار "مرحباً ألف في عسير"، تضمنت الترحيب بالزوار والمصطافين في المحافظات واستقبالهم بباقات الورود وتقديم الخدمات وتزويدهم بالمواقع ذات الجذب السياحي لكل محافظة.


وذكر تقرير وكالة الأنباء السعودية "واس"، أن عسير استقبلت زوارها عبر منافذها البرية الرابطة مع عدد من المدن الرئيسية، فيما شهد مطار أبها الدولي حركة لم تهدأ للمسافرين القادمين إلى جمال الطبيعة منذ بداية الموسم السياحي لهذا العام، ويعـد مطار أبها الدولي الذي افتتح في نوفمبر 1977م ، على مساحه تقارب 3.547 مترا مربعا، من أهم المنافذ التي تسّهل الوصول إلى منطقة عسير، وقد بدأ العمل برحلاته الدولية في يونيو من عام 2006م، ويستقبل مطار أبها أكثر من 222 رحلة اسبوعياً منها 188 رحلة داخلية و34 رحلة دولية.
وكشف تقرير الربع الأول لعام 2019م لحركة الطيران بمطار أبها الدولي، إذ بلغ أعداد المسافرين من خلاله 1,069,161 مسافراً ما بين رحلات دولية وداخلية.

من جانبه أشار مدير عام فرع هيئة السياحة والتراث الوطني بمنطقة عسير المهندس محمد العمرة في حديثه لـ "واس" إلى أنه بحسب مركز المعلومات والأبحاث السياحية "ماس" التابع للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني فإن عدد زوار عسير يتجاوز المليوني زائر في كل موسم سياحي، مبيّناً أن عسير تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق مفهوم السياحة الحقيقية، مشيدا بتضافر الجهود من كافة القطاعات الحكومية والخاصة التي ساهمت وبشكل كبير في بناء المسيرة السياحية، وما وصلت إليه المنطقة من مكانة جعلتها من أولى الوجهات السياحية.

وأوضح أن عدد الحاصلين على التراخيص في مجال الإيواء بمنطقة عسير بات يشمل 544 منشأة إيواء سياحي، منها 37 فندقا، و4 وشقق فندقية ونزل سياحي، موضحاً أنه يوجد بالمنطقة 125 مكتب وكالة سفر وسياحة، و12 مكتب تنظيم رحلات سياحية، و25 مرشدا سياحيا، مبينا أن جميع هذه المعطيات تساهم في دعم المنظومة السياحية في منطقة عسير، في حين تحرص الهيئة على تقديم كل الخدمات والتوجيهات للمستثمرين، بجانب دراسة مخططات للمنشآت الجديدة وتوجيههم بالشكل السليم لكي لا يتعارض مع المعايير والمواصفات المعتمدة في هيئة السياحة والمعايير الخاصة بالبلدية والدفاع المدني.
وهناك العديد من المواقع السياحية التي تحتضنها منطقة عسير بجمالها الطبيعي ومناظرها الخلابة وجوها الربيعي الممطر، والتي وثقت عدسة "واس" جانب من جمالياتها، حيث لا يكاد زائر يصل إلى المنطقة، إلا وقد جعل في أولويات برنامجه زيارة كل من مدينة أبها وخميس مشيط ورجال ألمع ومرتفعات السودة والفرعاء ودلغان والحبلة والجرة ومتنزه السحاب وتمنية ومتنزه أبوخيال ومتنزه الأمير سلطان ومتنزهات النماص وتنومه وبللحمر وبللسمر وبلقرن، إضافة إلى غيرها من مواقع الجمال الطبيعي المتناثرة على امتداد ربوع عسير الخضراء بتراثها المميز وطرازها المعماري والأثري، وبساتينها ومروجها الخضراء وأوديتها الدائمة الجريان، وغاباتها المتشابكة الأغصان ومظلاتها وروابيها الوادعة، ولعل ما يميزها عن غيرها من المناطق أجواؤها الربيعية الممطرة ذات الطبيعية الخلابة، التي تميزت بها من جبالها الشامخة وسهولها المنبسطة وسواحلها البحرية وصحرائها الذهبية.


وتتميز مدينة أبها بالعديد من عناصر الجذب السياحي، إضافة إلى ما تمتلكه من المواقع السياحية التي تحيط بها من كل اتجاه، ويعـد جبل ذره "الجبل الأخضر" من أبرز المعالم في المدينة لارتفاعه وإطلالته على معالم أبها وسهول ووديان تهامة، وعلى ضفاف سد أبها غرباً تقع مدينة أبها الجديدة التي تحتضن أول فندق سياحي بالمنطقة وعددا من الفلل السكنية، وكذلك مدينة ألعاب مائية وحدائق عامة موصولة بالعربات المعلقة.
غابة من أشجار العرعر
وعلى ارتفاع 2800 متر تقريباً تقع مرتفعات السودة، وهي تبعد من مدينة أبها (20) كم، وتتميز بغطائها الكثيف من أشجار العرعر وطبيعتها الخضراء طوال العام وتحتضن متنزه الملك عبدالعزيز، وتضم مشروع العربات المعلقة الذي يحتوي على عدد (14) عربة بطول (7) كم وبعمق 2000 متر، وتصل منطقة تهامة بجبال السروات لخدمة الزوار والمقيمين والمصطافين، وعلى بعد 55 كلم جنوب شرقي أبها تقع الحبلة التي تعتبر من أهم مناطق الجذب السياحي، لما تتميز به من قطوع في الجبال بشكل عمودي، وتضم منتجعا سياحيا متكاملا، إضافة إلى العربات المعلقة، وعلى بعد 30 كلم جنوب أبها تقع الفرعاء وهي منطقة منبسطة تغطيها غابة من أشجار العرعر.
ولم يعد الزائر لعسير يقتصر بالتمتع بما حبا الله المنطقة من تباين بالتضاريس، بل أصبح يدرك أيضاً أن منطقة عسير انفردت بسياحة الموروث وذلك بما تكنزه من إرث للإنسان والمكان، مما زاد التقدير لقيمتها التاريخية في ضوء استيعاب متطلبات الصناعة السياحية التي تتنامى سنوياً، حيث تحتضن العديد من القرى الأثرية والأحياء القديمة، إضافة إلى أكثر من 35 متحفاً تقدم دورًا فاعلاً في التعريف بالتراث الثقافي والحضاري للمنطقة، وقد عززت هذه المتاحف من مكانة المنطقة سياحياً واستثمارياً.