جميعا حضرنا ذلك المشهد الأليم حيث السير وسط موكب هؤلاء النائحين والجلوس وسط الباكين الناعين انفسهم وتارة أخري غيرهم،
فوسط كل تلك الاجواء لم يأسرني سوي تلك المقولة المتكررة دائما (رحمة الله عليه/عليها فقد تركوا اثر في جميع من حولهم ولم يكن احداً مثلهم)…
تعجبت من تلك الكلمات المتكررة في كل مرة يرحل أحدهم فهل حقا جميعهم كانوا مؤثرين هكذا، ام انها تلك المجاملات الزائفة وعدم المساس بحرمه هؤلاء الراحلين؟!
لم يشغلني التفكير في ذلك كثيراً الا وقتها؛ ثم شغلتني الحياة بلهوها واخذتني نشوة السعي وروتين الحياة وزحامها
تارةً عمل يومي ينهك العضال وتارةً اخري علاقات احاول التشبث بها خوفا من فقدانها،
حتي اوقفتني لحظة فقدان أخري لأحدهم وجلست من جديد وسط هؤلاء النائحين مرة ثانية ولكن لم تكن هذه المرة الا لحظتي، لحظة ادراك جديدة لمعني (لن يبقي سوي الأثر)…
بطريقة ما نحن نعيش وسط جماعة من البشر تربطنا العلاقات، فعندما تم تعريف الانسان قالوا عنه انه ذلك الكائن الاجتماعي بطبعه
وما سُمي الإنسان بإنسان إلا لأنه يأنس بغيره ويأنس به الاخر فليس متوحشا، فنحن
لا نعيش بمفردنا او لأنفسنا ولكننا خُلقنا لنكمل بعضنا البعض،
ففي كل مرة يرحل احدهم يتجدد بداخلي سؤال لذاتي هل سأكون علي استعداد وقت الرحيل وماذا سيُقال عني في موكب النائحين؟!
هل تركت في حياة
الأخرين ذلك الأثر الذي يُسْكن مرارة الألم لمجرد تَذكُري فيبتسم الجميع؟!
فانا لا أريد لأحد الالم ولكني ارغب بان اترك ذلك الأثر الجميل.
نعم ان هذه الحياة حقا تدهشني وتلك العلاقات الانسانية الصادقة تأسرني فيا روعة هؤلاء الذين يحيون حياة تسودها المحبة عابرين في حياة الاخرين
كنفحات الربيع الرائعة تاركين اجمل الاثر فحين نجتمع بهم نشعر في حضرتهم براحة القلب والأمان،
وفي رحيلهم تنعشنا تلك الذكريات فما اجمل ان تكون صاحب ثأثير فيمن حولك فمن يزرع الخير في كل مكان وفي نفوس الاخرين يحصد الخير والاخره فالله ينظر لتلك القلوب الصادقة
المخلصة الأمينة علي قلوب غيرها، فلنُحسن في ايامنا حتي يحسن الله ختامنا.