العهد نيوز- خاص- بغداد
محمود المفرجي الحسيني
سقطت حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، بفضاءات الجدل في الاوساط السياسية، وخاصة في طريقة تعاملها في كثير من الملفات، منها ملفات استكمال الكابينة الوزارية، وطريقة التعامل مع ملفات الفساد، وكذلك مع الوجود الامريكي في العراق، والنهج السياسي بالتعامل مع مجلس النواب، الذي يراه البعض ضعيفا، والبعض الاخر حكيما.
هذا الجدل افرز اليوم عن تحركات جادة لتغيير رئيس الحكومة، مع تسويق اسماء اخرى لتبوء منصبه مثل رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.
ورغم ان هذه التحركات لم تكن موجودة في وسائل الاعلام، الا انها موجودة فعلا في الاوساط السياسية، وبشكل كثيف في الاونة الاخيرة مثلما كشف عن ذلك مصدر مطلع.
وكشف مصدر سياسي معتد به، عن وجود مطالبات بين الكتل السياسية لتغيير رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، والدعوة لشخصية معينة (دون ان يفصح عنها)، لتسنم المنصب بدلا عنه.
وقال المصدر لـ "العهد نيوز"، ان "هناك تحركات تحاول التحشيد ضد عبدالمهدي من اجل تغييره، بحجة عدم كفاءته وقدرته على ادارة بعض الملفات وخاصة فيما يخص استكمال الكابينة الوزارية".
ورفض المصدر عن الكشف عن هذه الجهات، مكتفيا بالقول، انها "جهات تسعى للعودة لادارة البلاد من جديد".
ورغم ان المصدر رفض الافصاح عن الشخصية او الجهة التي تتبنى هذه التحركات، الا ان تحالف البناء اتهم رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي بتبنيه وبالتعاون مع الامريكان، فيما نفى ائتلاف النصر الذي يتزعمه العبادي قيامه بهذا التحرك.
ونفى تحالف النصر الذي يتزعمه العبادي، الاتهامات الموجهة اليه بالتحرك لاسقاط حكومة رئيس الوزراء الحالي عادل عبدالمهدي.
وقال مصدر في التحالف (رفض الكشف عن هويته)، لـ "العهد نيوز"، انه "لا يوجد إلى الآن أي مشروع أو حراك بهذا الاتجاه فلازال عبد المهدي يحظى بدعم الفتح وسائرون ".
واضاف، ان "هناك كتل سياسية تستخدم سياسة الابتزاز الحكومي مع عبدالمهدي، وهو ايضا يجيد سياسة البيع والشراء معهم".
واوضح، ان "هذه الكتل لا يوجد عندها أي مشروع واقعي للاضرار بحكومة عبد المهدي".
وكان النائب عن تحالف البناء حامد الموسوي، اتهم الامريكان والعبادي بالوقوف وراء دعوات اقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي.
- فرص إسقاط حكومة عبدالمهدي؟
ان الاجواء السياسية الحالية، غير مؤهلة لتغيير عادل عبد المهدي، ليس لان الكتل السياسية لا تستطيع تغييره، بل لانها لا تريد ان تدخل نفسها في دوامة قد يستغرق الخروج منها وقتا طويلا، قد تتحول الى أزمة ترمي بنتائجها السلبية على الكتل أنفسها ... هذا من جهة
ومن جهة اخرى، ان عدم رغبة تغيير عبدالمهدي او اسقاط حكومته، لا يعني ان هذه الكتل لا تلوح به، لكن التلويح ليس لإسقاطه، انما لإعلامه –أي عبدالمهدي- بان مصيره بيد الكتل السياسية، وهذا الأمر لا يفسر إلا بان الكتل تريد إيصال هذه الرسائل لعبدالمهدي من اجل غاية معينة تريد من خلالها الحصول على امتيازات معينة.
ولا يوجد غاية اكبر من غاية الحصول على الدرجات الخاصة في حكومة عبدالمهدي، وخاصة ان هذه الكتل تدرك جيدا بأنه لا توجد أي منافسة على الوزارات المتبقية التي ذهبت كحصص لجهات سياسية معينة، مثل الداخلية للفتح، والدفاع للوطنية، والتربية لتحالف المحور الذي يتزعمه خميس الخنجر، والعدل للكرد، الذين ما يزالون يعيشون في دوامة التفاوض على مرشح لتسنم حقيبتها.
هذه الرسائل تدعمها مسألة في غاية الاهمية تشجع الكتل السياسية على ايصال هذه الرسائل لعبدالمهدي، وهي ان عبدالمهدي اول رئيس وزراء في العراق بعد عام الفين وثلاثة، لا يملك كتلة نيابية يمكن ان تدعمه وتدافع عنه في البرلمان، وهذا الامر يضعه بموقف ضعيف جدا أمام الكتل السياسية التي تتعامل معه بأريحية مفرطة لضمانها عدم قدرة عبدالمهدي على مواجهتها.
وواحدة من التعامل الضعيف الذي ينتهجه عبدالمهدي بالتعامل مع الكتل السياسية، هو رفضه تقديم أسماء مرشحين من عنده لشغل الوزارات الشاغرة، بعد ان طلبت منه الكتل السياسية ذلك، على خلفية فشلها بتقديم مرشحين لهذه الوزارات بسبب المشكلات السياسية التي تعيشها في داخل كتلها.
وهذا ما اعلنه عضو تحالف البناء نسيم عبدالله، الذي كشف عن عجز الكتل السياسية تقديم أسماء مرشحين للوزارات المتبقية، مشيرا الى، ان "الكتل طلبت من رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي هو من يقدم الاسماء".
وقال عبدالله لـ "العهد نيوز"، ان " الكتل السياسية بعد ان عجزت بتقديم مرشحين بدأت هي من تطالب رئيس الوزراء بتقديم أسماء لمرشحين للوزارات المتبقية، بالمقابل فان عبدالمهدي يصر على ان الكتل هي من تقدم الاسماء".
وأعلن، عن "عدم وجود مفاوضات جدية بين الكتل السياسية بشأن هذا الموضوع، فالكل يرمي الكرة بملعب الاخر".
وعد، ان "دعم الكتل لرئيس الوزراء غير حقيقي، وخاصة ان رئيس الوزراء لا يملك ثقل في مجلس النواب، فضلا عن، ان "كل وزارة من الوزارات المتبقية توجد فيها مشكلة فالشيعة غير متفقين ولا السنة ولا الاكراد".
واشار الى، ان "عبدالمهدي ليس همه إرضاء الكتل إنما إرضاء شخصيات معينة".
- الدور الامريكي في التحركات لتغيير عادل عبدالمهدي
لن نشهد لحد الان أي اصطدام بين الامريكان وعبدالمهدي في أي ملف، فعبدالمهدي يتعامل بدبلوماسية مفرطة مع الجميع، وهذا التعامل هو نفسه مع الجانب الامريكي، لانه لا يريد ان يدخل العراق في صراع أمريكي مع أي جهة أخرى وخاصة إيران.
ورغم ان هذا النهج الذي تبناه بالتعامل مع أمريكا هو ايجابي من اجل إبعاد العراق عن دوامات الصراعات الإقليمية، الا انه لا يعني سيعجب الأمريكان، الذين يمتعضوا من هذا النهج، لإدراكهم مدى تعاطف نسبة كبيرة من العراقيين مع ايران، وإدراكهم درجة كرههم لهم.
ولو قام عبدالمهدي بالانحياز لامريكا ضد ايران (مثلا)، الا ان الأمريكان يعلموا بان الامور لن تنتهي الى هذا الحد، لان عبدالمهدي لا يستطيع ان يخالف رأي الشارع العراقي بخصوص هذا الامر.
وهذا الامر يمكن ان يكون مبرر للأمريكان بالبحث عن شخصية أخرى يدعم خططها بالعراق، لكن ستكون نسبة نجاحهم ضئيلا جدا لوجود كتل سياسية تتعامل مع هذا الأمر بثقافة الخطوط الحمراء، وبالتالي فإنها
ستتمسك بعبدالمهدي وستقف معه ضد الأمريكان مثل القوى الشيعية النافذة التي تتعاطى مع محور المقاومة المسلحة بشكل فعلي وتتبنى مشروعه.
وهنا يمكن التوصل الى نتيجة بان عملية تغيير عبدالمهدي امر مستبعد تماما حتى لو كان هناك تحرك فعلي لتغييره.