السؤال: معنى كونه (صلى الله عليه وآله) أول المسلمين

قال الله تعالى في قصة موسى على نبينا وآله وعليه السلام : (( وخر موسى صعقا فلما افاق قال سبحانك تبت اليك وانا اول المؤمنين ))
وقال الله عز وجل عن لسان نبينا صلى الله عليه وآله الأطهار في سورة الزمر آية 12: (( وَأُمِرتُ لِأَن أَكُونَ أَوَّلَ المُسلِمِينَ ))
* لماذا أتى ( أَوَّلُ المُسلِمِينَ ) ولم يأتي أول المؤمنين؟
هل هذا الإيمان الذي ذكر في ( أول المؤمنين ) هو نفسه المذكور في الآية التي تقول, لا تقولوا أمنا بل قولوا أسلمنا, وهل الإسلام المذكور في ( أول المسلمين ) هو نفسه المذكور في الآية السابقة, أم أن هناك درجات أخرى من الإيمان والإسلام, حيث ذكر في قصة السحرة عند فرعون (( إِنَّا نَطمَعُ أَن يَغفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ المُؤمِنِينَ )) , وهل الإيمان أفضل أم الإسلام أيهما أعلى رتبة ؟ ماذا وردت في روايتنا بشأن إيمان موسى على نبينا وآله وعليه السلام ؟ وعن أفضلية الإيمان والإسلام ماذا ورد في رواياتنا الشريفة
ثم سؤال آخر
ماذا يترتب على هذه الحقيقة حيث بعض علمآئنا يذهب بالإستدلال على ( أول المسلمين ) الأول بالخلق, إذ أن الأولية بالإسلام والأمر به ملازم للأولية بالخلق, حيث, (( وله اسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها واليه يرجعون )), لا أعرف إن بينت الأمر بشكل جيد أم لا فإني حاولت أن أوصل لكم مضمون الإستدلال, فعلى ضوء ذلك أسئل ماذا بشأن ( أول المؤمنين ) ما هي النتآئج المترتبة عليه ؟ وكذلك مسئلة ( أول العابدين )
في قوله تعالى (( قل ان كان للرحمن ولد فانا اول العابدين )).

الجواب:

وقع كلام بين المفسرين في المراد من وصف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأنه اول المسلمين في الآية الكريمة: (آية 12 من سورة الزمر), لأننا نعلم أنه إذا كان المقصود من الإسلام هو المعنى الواسع لهذه الكلمة فانه يشمل جميع الأديان السماوية, ولهذا يطلق وصف المسلم على الأنبياء الاخرين أيضاً. فاننا نقرأ حول نوح (عليه السلام): (( وَأُمِرتُ أَن أَكُونَ مِنَ المُسلِمِينَ )) (يونس:72 ), ونقرأ حول إبراهيم (عليه السلام) وابنه إسماعيل أيضاً (عليه السلام): (( رَبَّنَا وَاجعَلنَا مُسلِمَينِ لَكَ )) (البقرة:128), وجاء في شأن يوسف (عليه السلام): (( تَوَفَّنِي مُسلِماً )) (يوسف:101).
على أن (المسلم) يعني الذي يسلم ويخضع أمام الله, وهذا المعنى يصدق على جميع الأنبياء الإلهيين وأممهم المؤمنة, ومع ذلك فإن كون رسول الإسلام أول المسلمين, إما من جهة كيفية إسلامه وأهميته, لأنّ درجة إسلامه وتسليمه أعلى وأفضل من الجميع, وإمّا لأنه كان أول فرد من هذه الأمة التي قبلت بالإسلام والقرآن .
وقد ورد في بعض الروايات - أيضاً - أنه (صلى الله عليه وآله) أول من أجاب في الميثاق في عالم الذر, فإسلامه متقدم على إسلام الخلائق أجمعين (المصدر : الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - للشيخ مكارم الشيرازي - 4: 542).
وأمّا المراد بقوله تعالى حكاية عن موسى (عليه السلام) : (( وأنا أول المؤمنين )), أي أول المؤمنين من قومي بأنّك لاترى . هذا ما يدلّ عليه المقام, وان كان من المحتمل أن يكون المراد وأنا أول المؤمنين من بين قومي بما آتيتني وهديتني إليه, آمنت بك قبل أن يؤمنوا فحقيق بي أن أتوب إليك إذا علق بي تقصير أو قصور, ولكن السيد الطباطبائي قال عن هذا الاحتمال أنه بعيد جداً .
(انظر : الميزان في تفسير القرآن 8: 243).
وعليه, فالمراد من الإيمان في الآية الكريمة هو بالإضافة إلى المقام, أي الإيمان بأنك ياإلهي لا ترى .. وليس معنى الإيمان الوارد في قوله تعالى : (( قَالَتِ الأَعرَابُ آمَنَّا )) (الحجرات :14).
وكذلك ليس المراد بـ ( أوّل المسلمين ) على الاحتمالين المتقدمين الواردين في تفسيره, المعنى الوارد في الآية الكريمة : (( قَالَتِ الأَعرَابُ آمَنَّا قُل لَّم تُؤمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسلَمنَا وَلَمَّا يَدخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُم )) (الحجرات:15).
إذ الإسلام في هذه الآية واضح بأن المراد منه هو النطق بالشهادتين دون التطبيق العملي الذي هو الإيمان والذي هو أعلى درجة من الإسلام بهذا المعنى. فإسلامه (صلى الله عليه وآله) هو في أعلى درجات الكمال, بل هو تلك الدرجة العالية المشار إليها بالتسليم والرضا لما يريده الله سبحانه وتعالى .