الدرس الثامن: أحكام اللام (لام التعريف، لام الفعل، لام لفظ الجلالة)
أهداف الدرس
على الطالب في نهاية هذا الدرس أن:
1- يتعرّف إلى أنواع اللامات المختلفة.
2- يميّز أحكام لام التعريف ولام الاسم والحرف والأمر ولام الفعل.
3- يتعرّف إلى مواضع ترقيق وتفخيم لفظ الجلالة ويحسن التلفظ بها.

83
للاّم عدة أحكام من حيث موقعها في الكلمة وسنتكلم فيما يلي عن أربعة منها هي:

- لام "ال" التعريف.

- لام الفعل.

- لام الاسم والحرف والأمر.

- لام لفظ الجلالة.

لام "ال" التعريف
هي لام زائدة عن بنية الكلمة ومختصّة بالدّخول على الأسماء النّكرة فقط للتّعريف بها, سواء صح تجريدها عن الكلمة نحو "المؤمنون" أم لم يصح, نحو: "الّذي والّتي", ولمّا كانت لام التعريف ساكنة أدخلت عليها همزة وصل لتسهيل النطق بها حال الابتداء.

والحكم هنا مختص بـ "ال" التعريف التي يصح تجريدها عن الكلمة, فلها حالتان - إذا وقع بعدها أحد حروف الهجاء - هما:

1- الإظهار القمري:
وهـو إبانة "ال" التعريف عندما يأتي بعدها أحد الحروف القمرية المجموعة في الكلمات التالية: (إبغِ حجَّك وخفْ عقيمة) عددها أربعة عشر حرفاً. وسمّيت حروف

85
اللام القمرية بالإظهار القمري لأنَّه يجب إظهار اللام قبلها كما تظهر اللام واضحة من غير تكلف في كلمة "القمر".

ووجه الإظهار أن ينطق بالحرف الأوّل وهو اللام ساكناً ويخفّف الحرف الذي دخلت عليه، نحو: الأوّل, الباسط, الغفور, الحكيم, الجليل, الكريم, الودود, الخبير, الفصل, العليم, القاهر, اليقين, الملك, الهادي.

2- الإدغام الشمسي:
هو حذف "ال" التعريف لفظاً إذا جاء بعدها حرف من الحروف الشّمسيّة الأربعة عشر المجموعة في أوائل كلم هذا البيت:

طب ثم صل رحِـماً تفـز ضف ذا نـعم دع سوء ظنٍّ زر شريـفاً للكـرم
وسُمّي حكم حروف اللام الشّمسيّة بالإدغام الشّمسي لأنّه يجب إدغام اللام من "ال" التعريف فيما بعدها، كما تظهر واضحة في كلمة "الشّمس" حيث لا أثر للّام لفظاً في النطق.

ولا توجد هذه الإشارة على الحروف القمرية، بل يوجد عوضاً عنها سكون (ـْـ) فوق اللام القمرية للدلالة على إظهارها، نحو: الأرض، الحليم، الكافرين، المؤمنين، العدل، الحرث، الخيل، البنين، القناطير، الفضة، الهاوية.

لام الفعل
يجب إظهار اللام الواقعة في الفعل دائماً وهي اللام التي تكون من أصل وبنية هذا الفعل سواء كان الفعل ماضياً نحو: ﴿جَعَلْنَا﴾1, ﴿الْتَقَى﴾2, ﴿أَلْهَاكُمُ﴾3, ﴿وَأَلْفَيَا﴾4.

86
أم مضارعاً, نحو: ﴿يَلْتَقِطْهُ﴾5, ﴿يَلْتَقِيَانِ﴾6.

أو أمراً, نحو: ﴿قُلْ نَعَمْ﴾7, ﴿قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى﴾8.

لام الاسم والحرف والأمر
لام الاسم: وهي لام أصلية وليست مزيدة حكمها الإظهار مطلقاً، نحو: ﴿أَلْفَافًا﴾9, ﴿سُلْطَانٍ﴾10, ﴿أَلْسِنَتُكُمُ﴾11, ﴿وَأَلْوَانِكُمْ﴾12.

لام الحرف: وحكمها الإظهار دائماً، نحو: ﴿هَلْ عَسَيْتُمْ﴾13, ﴿بَلْ أَنتُم﴾14, ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ﴾15, ﴿بَلْ طَبَعَ﴾16, ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ﴾17.

لام الأمر: وهي اللام التي تدخل على الفعل المضارع فتجزْمه, وحكمها الإظهار أيضاً، نحو: ﴿وَلْيَكْتُب﴾18، ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا﴾19.
لام لفظ الجلالة
للام لفظ الجلالة "الله" حالان: التّفخيم والتّرقيق.

1- التفخيم, لغةً: التعظيم. واصطلاحاً: هو سِمَنٌ يعتري الحرف فيمتليءُ الفمُ

87
بصداه وذلك لتضِيُّق الحَلْق، وتصِعُّدِ صوت الحرف إلى قُبَّةِ الحَنَكِ وهو مُستحقُّ الِاسِتعلاء.

وتفخّم لام لفظ الجلالة في المواضع الثلاثة الآتية:

أ - إذا تقدّمها فتح أو ضم، نحو: ﴿قَالَ اللّهُ﴾20، ﴿لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ﴾21، ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾22، ﴿نَصْرُ اللّهِ﴾23.

ب - إذا تقدّمها ساكن بعد فتح أو ساكن بعد ضم، نحو: ﴿إِلَى اللّهِ﴾24، ﴿قَالُواْ اللَّهُمَّ﴾25.

ج - إذا كان مبدوءاً بها، نحو: ﴿اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾26.

الترقيق: هو نُحولٌ يعتري الحرفَ فلا يمتليءُ الفَمُ بصَداه وذلك لعدم تضِيُّق الحَلْقِ، وعدم تصعُّدِ صوتِ الحرفِ إلى قُبَّةِ الحَنَكِ وهو مُسَتَحَقُّ الِاستفِال.

وترقّق لام لفظ الجلالة في المواضع الثلاثة الآتية:

أ- إذا تقدّمها كسر، نحو: ﴿بِاللّهِ﴾27، ﴿بِسْمِ اللّهِ﴾28، ﴿يَفْتَحِ اللَّهُ﴾29, ﴿قُلِ اللَّهُمَّ﴾30, ﴿فِي دِينِ اللَّهِ﴾31.

ب- إذا تقدّمها ساكن بعد كسر، نحو: ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ﴾32.

ج- إذا تقدمها تنوين نحو، ﴿قَوْمًا اللّهُ﴾33، فيكون اللفظ هكذا "قومَنِ الله".

88
أسـئلـة الـدرس
1- متى ترقّق لام لفظ الجلالة؟ ومتى تفخم؟ مع أمثلة توضيحية.

2- عرّف كلاً من الإدغام الشّمسي والإظهار القمري مع ذكر حروف كلٍّ منهما.
تمارين
بيّن أحكام اللام في الآيات المباركة التالية، من سورة الحشر: ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾34.
للمطالعة
العبادة تؤثّر في الشباب35
يتمّ بالقرآن الكريم التأثر القلبي والتحوّل الباطني بصورة أفضل فترة الشباب، لأنّ قلب الفتى لطيف وبسيط وذو نقاء وصفاء أكثر. ولأن وإرادته قليلة، وتضارب الأفكار وتهافتها فيه قليل. فيكون شديد الانفعال والتأثر وسريع التقبّل.

وإن المبتغى من خلال تلاوة القرآن هو ارتسام صورة القرآن في القلب، وتأثير الأوامر والنواهي فيه، وتثبيت الأحكام والتعاليم الإلهية. ولا يتحقّق هذا إلّا في ظل مراعاة آداب القراءة. وليس الهدف من الآداب ما هو المعروف لدى بعض القرّاء من الاهتمام البالغ بمخارج الألفاظ، وأداء الحروف، هذا الاهتمام الباعث مضافاً إلى الغفلة عن المعاني والتدبير فيها، إلى إبطال التجويد بعض الأحيان، فإنّ كثيراً من الكلمات القرآنية نتيجة مثل هذا التجويد، تفقد صورتها الخلّابة الأصيلة، وتتحوّل إلى صورة أخرى، ذات صورة ومادة تختلف عمّا أرادها الله تعالى. إنّ هذا يُعتبر من مكائد الشيطان حيث يتلهى الإنسان المؤمن إلى آخر عمره بألفاظ القرآن، وينسى نهائياً استيعاب سرّ نزول القرآن، وحقيقة الأوامر والنواهي، والدعوة إلى المعارف الحقّة، والخلق الفاضل الحسن، بل ينكشف لديه بعد مضي خمسين عاماً أنّه من جرّاء تغليظ بعض الحروف، والتشديد فيها، قد أخرج صورة بعض الكلمات كلياً عن حالتها الطبيعية وأصبحت ذات صورة غريبة.

بل الهدف المنشود من وراء آداب قراءة القرآن، تلك الآداب التي وردت في الشريعة المقدسة والتي يعدّ من أفضلها وأعظمها التفكر والتدبّر في آيات القرآن كما تقدّمت الإشارة إلى ذلك.

في الكافي الشريف بسنده إلى الإمام الصادقعليه السلام قال: "إنّ هذا القرآن فيه منار الهدى ومصابيح الدجى، فلْيَجْلُ جالٍ بصره ويفتح للضياء نظره، فإنّ التفكر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور"36.

وفي المجالس بإسناده عن أمير المؤمنين عليه السلام في كلام طويل في وصف المتقين: "وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وأبصارهم فاقشعرت منها جلودهم ووجلت قلوبهم فظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم، وإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً وتطلّعت أنفسهم إليها شوقاً وظنوا أنّها نصب أعينهم"37.

ومن الواضح أن من يتمعّن في معاني القرآن الكريم، يتأثر قلبه، ويبلغ مقام المتقين شيئاً فشيئاً. وإن حظي بتوفيق وسداد من الله، لتجاوز هذا المقام أيضاً ولتحوّل كلّ عضو وجارحة وقوّة منه إلى آية من الآيات الإلهية، ولعلّ جذوات خطاب الله وجذباته، ترفعه وتبلغ به إلى مستوى إدراك حقيقة "اقرأ واصعد"38 في هذا العالم وانتهى إلى مرحلة سماع الكلام من المتكلم من دون واسطة، وتحوّل إلى موجود لا يسع الإنسان فهمه واستيعابه.

ومن الآداب اللازمة في قراءة القرآن، والتي لها دور أساسي في التأثير في القلب والتي لا يكون من دونها لأي عمل أهمية وشأن، بل يعتبر ضائعاً وباطلاً وباعثاً على السخط الإلهي. هو الأخلاص، فإنّه ركن أصيل للانطلاق إلى المقامات الأخروية، ورأس مال في التجارة الأخروية.
هوامش
1- سورة البقرة، الآية: 125.

2- سورة آل عمران، الآية: 155.

3- سورة التكاثر، الآية: 1.

4- سورة يوسف، الآية: 25.

5- سورة يوسف، الآية: 10.

6- سورة الرحمن، الآية: 19.

7- سورة الصافات، الآية: 18.

8- سورة طه، الآية: 19.

9- سورة النبأ، الآية: 16.

10- سورة الأعراف، الآية: 71.

11- سورة النحل، الآية: 116.

12- سورة الروم، الآية: 22.

13- سورة البقرة، الآية: 246.

14- سورة المائدة، الآية: 18.

15- سورة طه، الآية: 40.

16- سورة النساء، الآية: 155.

17- سورة المائدة، الآية: 112.

18- سورة البقرة، الآية: 282.

19- سورة الحج، الآية: 29.

20- سورة آل عمران، الآية: 55.

21- سورة الجن، الآية: 19.

22- سورة الإخلاص، الآية: 1.

23- سورة البقرة، الآية: 214.

24- سورة البقرة، الآية: 281.

25- سورة الأنفال، الآية: 32.

26- سورة البقرة، الآية: 255.

27- سورة البقرة، الآية: 8.

28- سورة الفاتحة، الآية: 1.

29- سورة فاطر، الآية: 2.

30- سورة آل عمران، الآية: 26.

31- سورة النصر، الآية: 2.

32- سورة الزمر، الآية: 61.

33- سورة الأعراف، الآية: 164.

34- سورة الحشر، الآيات: 21 ـ 23.

35- من كتاب الأربعون حديثاً للإمام الخميني قدس سره، ص 556.

36- الكليني، الكافي، ج 2، كتاب فضل القرآن، ح 5.

37- الحرّ العاملي، وسائل الشيعة، ج 4، الباب 3، من أبواب قراءة القرآن، ح 6.

38- الكليني، الكافي، ج 2، كتاب فضل القرآن، باب فضل حامل القرآن، ح 4.