الدرس الثالث: صفات الحروف (1)
أهداف الدرس
على الطالب في نهاية هذا الدرس أن:
1- يتعرّف إلى نوعي صفات الحروف وأقسامهما.
2- يميّز الصفات المتضادة (الجهر والهمس الخ..).
3- ينطق بالحروف على طبق الصفات الخاصة بها.

35
الصفات
لغة: الصفات جمع صفة، والصفة: لغة، ما قام بالشيء من المعاني كالعلم، أو البياض أو السّواد وما أشبه ذلك.

اصطلاحاً: الحالة التي تُعرض للحرف عند النطق به.

والصفات نوعان:
1ـ صفات لها ضد، وهي:
أ- الجهر وضدّه الهمس.
ب- الشدّة وضدّها الرَّخاوة وبينهما البينيَّة.
ج- الإستعلاء وضدّه الإستفال.
د- الاطباق وضدّه الانفتاح.

أما صفتا الإذلاق والإصمات فليس لهما أثر في النطق لأنّهما من علم الصرف.

2ـ صفات ليس لها ضد:
أ- الصفير.
ب- القلقلة.

37
ج- اللين.
د- الانحراف.
هـ- التكرير.
و- التفشّي.
ز- الاستطالة.
ح- الغُنّة.

الصفات المتضادّة
1ـ الهمس:

لغةً: الخفاء، واصطلاحاً: جريان النّفس عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على المخرج، فيكون الصوت ضعيفاً خفيفاً، والمقصود بالنّفس هو الهواء الخارج من داخل فم الإنسان بدفع الطبع من غير أن يسمع، وحروف الهمس عشرة، جمعت في قول: (فحثّه شخص سكت) وهي الفاء والحاء والثاء والهاء والشين والخاء والصاد والسين والكاف والتاء.

وبعض هذه الحروف أقوى من بعض كالصاد والخاء، فإنّهما أقوى من باقي الحروف لاشتمالهما على بعض الصفات القوية، ثم الكاف والتاء بعدها، وأضعف حروف الهمس (الهاء) إذ ليس فيها صفة قوية، ثم الفاء والحاء والثاء.

وحروف الهمس يشترط فيها أن تكون ساكنة، وتأتي في منتصف وآخر الكلام.

مثال:
﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ﴾1.

﴿وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ...﴾2.

38
2ـ الجهر:
لغةً: الإعلان والإظهار، وفي القول إعلاء الصوت به، واصطلاحاً: انحباس جريان النّفس عند النطق بالحرف من قوّة الاعتماد على المخرج، وحروفه تسعة عَشَر وهي الباقية بعد حروف الهمس، يجمعُها قول (عَظُمَ وَزْنُ قارئٍ ذيغَضٍّ جِد طَلَبَ).

وبعض هذه الحروف أقوى من بعض في الجهر، وذلك بقدر ما يجمع في الحرف من صفات قوية كالطّاء لما فيها من استعلاء وشدّة.

مثال:
حرف الباء: ﴿بِالصَّبْرِ﴾3، ﴿بِرَبْوَةٍ﴾4.

حرف الجيم: ﴿اجْتُثَّتْ﴾5، ﴿الْحَجَّ﴾6، ﴿الْفَجْرِ﴾7.

3ـ الشدّة:
لغةً: القوة، واصطلاحاً: انحباس جريان الصّوت عند النّطق بالحرف الشديد نتيجة غلق المخرج، وحروفها ثمانية مجموعة في قول: (أَجدُ قَطٍ بَكَتْ) أو في قول (أجدك تطبّق) وهي الهمزة والجيم والدال والقاف والطاء والباء والكاف والتاء. وأقوى هذه الحروف الطاء لما فيها من إطباق واستعلاء وجهر.
مثال:
﴿الْجُبِّ﴾8.

﴿وَالطَّارِقِ﴾9.

39
ملاحظة: يجب أن نلاحظ الفرق بين النّفس والصّوت، فالنّفس هو الهواء الخارج من الرّئة إن خرج بطبعه دون احتكاك بالأوتار الصوتية من غير أن يسمع, أما بالنسبة للصوت فهو النّفس المسموع الخارج بالإرادة الذي يحتك بالأوتار الصوتية وعرض له تموّج يسمع بسبب تصادم جسمين.

4ـ الرخاوة:
لغةً: اللين، واصطلاحاً: جريان الصوت مع الحرف لضعف الاعتماد على المخرج وحروفها، خمسة عشر حرفاً ما عدا حروف الشدّة والبينية (التوسّط) وهي: (ح، خ، ذ، ز، ث، س، ش، ا، ص، ض، و، غ، ف، هـ، ي).

وهناك حروف التوسّط: وهي ما بين الرّخاوة والشدّة والتوسّط لغةً: الاعتدال، واصطلاحاً اعتدال الصوت عند النطق بالحرف لعدم كمال انحباسه كما في الشدّة وعدم كمال جريانه كما في الرّخاوة، وحروفها خمسة مجموعة في قول: (لِنْ عُمَرُ) أو (عن رمل) وهي اللام والنون والعين والميم والراء.

إذا انحصر صوت الحرف في مخرجه انحصاراً تاماً فلا يجري جرياناً أصلاً، سُمّي شديداً، فإنّك لو وقفت على قولك (الحجّ) وجدت صوتك راكداً محصوراً حتى لو أردت مّدَّ صوتك لم يمكنك.

أمّا إذا جرى جرياناً تاماً ولم ينحصر أصلاً فإنّه يسمى رخواً كما في ﴿مَعَايِشَ﴾10 فإنك لو وقفت عليها وجدت صوت الشين جارياً تمدّه إن شئت.

مثال:
﴿بِضْعَ سِنِينَ﴾11.

﴿إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي﴾12.

40
وأمّا إذا لم يتم الانحصار ولا الجريان فيكون متوسّطاً بين الشدّة والرخاوة كما في (الظل) فإنّك لو وقفت عليه وجدت الصّوت لا يجري مثل جريان (معايشْ) ولا ينحصر مثل انحصار (الحجّ) بل يخرج على حد الاعتدال بينهما.
5ـ الاستعلاء:
لغةً: الارتفاع والعلو، واصطلاحاً: ارتفاع اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف، وحروفه سبعة يجمعها قول (خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ) وهي الخاء والصاد والضاد والغين والطاء والقاف والظاء وتسّمى أيضاً حروف التفخيم.

وسّميت بذلك لأنّ الحرف يفخّم عند مخرجه من الفم، أي يكون مشبعاً. وحروف الاستعـلاء لا يشترط أن تكون ساكنة، لكن يقلل من تفخيمها إذا جاءت مكسورة.

مثال:
﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ﴾13.

﴿خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾14.

6ـ الاستفال:
لغةً: الانخفاض، واصطلاحاً: انخفاض اللسان أي انحطاطه عن الحنك الأعلى إلى قاع الفم عند النطق بالحرف، وحروفه اثنان وعشرون وهي الباقية بعد حروف الإستعلاء جمعت في قول: (ثَبَتَ عِزُّ من يجُوِّد حَرْفهُ سلَّ إذ شَكا).

7ـ الإطباق (أو الانطباق):
لغةً: الإلصاق، واصطلاحاً: هو تلاقي اللسان والحنك الأعلى عند النطق بالحرف, أو هو تلاصق ما يحاذي اللسان من الحنك الأعلى على اللسان عند النطق بالحرف، وحروفه أربعة هي: الصاد، الضاد، الطاء، والظاء.

41
وأقوى حروف الإطباق الطاء وأضعفها الظاء المعجمة بينما الصاد والضاد متوسطتان في الإطباق، وحروف الإطباق لا تخرج من الفم إلا حين التصاق اللسان بسقف الحلق.

مثال: ﴿ضَلَّ عَن ...﴾15.

8ـ الانفتاح:
لغةً: الافتراق، واصطلاحاً: تجافي كل من اللسان والحنك الأعلى عن الآخر حتى يخرج النّفس من بينهما عند النطق بالحرف. وحروفه خمسة وعشرون وهي ما عدا حروف الإطباق.
9ـ الاذلاق:
لغةً: حدّة اللسان وبلاغته وطلاقته، واصطلاحاً: هو خفّة وسرعة النطق بالحروف لخروجه من ذلق اللّسان والشّفة (أي طرفيهما)، وحروفه ستة يجمعها قول: (فرَّ مِن لُبْ)، ثلاثة تخرج من ذلق اللسان هي الراء واللام والنون (لِنَرَ) وثلاثة تخرج من ذلقِ الشّفة وهي الباء والفاء والميم (بفم).

10ـ الإصمات:
لغةً: المنع، واصطلاحاً: نقل الحرف عند النطق به لخروجه بعيداً عن طرف اللسان والشفتين.

وصفتا الإذلاق والإصمات ليس لهما أثر في النطق لأنّهما من علم الصرف.

42
أسـئلـة الدرس
1- ما هي صفة الحرف؟

2- اذكر صفات الحروف ذوات الأضداد؟

3- ما هي حروف الهمس؟ ولماذا سميت بذلك؟

4- ما هي حروف الاستعلاء؟ وهل هناك شروط محددة لحروف الاستعلاء, اذكرها؟

5- استخرج من سورة "القارعة" صفتي الهمس والاستعلاء؟
تمارين
اقرأ النص القرآني وبيِّن ما فيه من الحروف الجهرية والحروف الرخوية.

قال تعالى: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ * وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ * وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ﴾16.

بيِّن ما في النص القرآني التالي من حروف الاستعلاء.

قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاء اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾17.
للمطالعة
أحكام القراءة القرآنية طبقاً لفتاوى الإمام السيد علي الخامنئي دام ظلّه18:

س(1): مع ملاحظة رأي سماحة الإمام دام ظله في تفسير - سورة الحمد المباركة - بأرجحية لفظ (مَلِك) على (مالك)، فهل تصحّ القراءة على كلا الطريقتين عند قراءة هذه السورة المباركة في الفرائض وغير الفرائض؟

ج: الاحتياط في هذا المورد لا إشكال فيه.

س(2): هل يصحّ للمصلّي أن يتوقف بدون العطف عند قراءة ﴿غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ﴾19 ثمّ يأتي بـ ﴿وَلاَ الضَّالِّينَ﴾20، وهل يصحّ الوقوف في التشهد عند كلمة "محمّد" صلى الله عليه وآله وسلم في قولنا: "اللهمّ صلّ على محمّد" ثمّ التلفظ بمقطع "وآل محمّد"؟

ج: لا يضرّ ما لم يصل إلى حدّ يخلّ بوحدة الجملة.

س(3): من كانت نيته من البداية أو عادته قراءة الفاتحة والإخلاص، وأتى بالبسملة ساهياً عن التعيين، هل يجب عليه الرجوع فيعيّن ثمّ يأتي بالبسملة؟

ج: لا يجب عليه إعادة البسملة، بل له الاكتفاء بما أتى به من البسملة لأية سورة أراد أن يقرأها بعد ذلك.

س(4): هل يجب الأداء الكامل للألفاظ العربية في الصلوات الواجبة؟ وهل الصلاة محكومة بالصحة في حالة عدم تلفّظ الكلمات بصورة عربية صحيحة وكاملة؟

ج: يجب أن تكون جميع أذكار الصلاة من قراءة الحمد والسورة وغيرهما على النحو الصحيح، ولو كان المصلّي لا يعرف الألفاظ العربية بالكيفية التي يجب أن تُقرأ بها وجب عليه التعلّم، وحينما يعجز عن التعلّم يكون معذوراً.

س(5): طبقاً لرأي بعض المفسرين فإنّ عدداً من سور القرآن الكريم - كسورة الفيل وقريش، والانشراح والضحى - لا تعدّ سورة واحدة كاملة، وهم يقولون: إن من يقرأ إحدى هذه السور، مثل سورة الفيل، فيجب عليه بصورة حتمية أن يقرأ بعدها سورة قريش، وكذلك بالنسبة لسورتي الانشراح والضحى اللتين يجب أن تُقرأ معاً، فلو أن شخصاً قرأ سورة الفيل وحدها، أو سورة الانشراح وحدها في الصلاة وهو جاهل بهذه المسألة، فما هي وظيفته؟

ج: إذا لم يكن مقصّراً في تعلّم هذه المسألة فصلواته الماضية محكومة بالصحة.

س(6): كنت أتلفّظ كلمات الصلاة كما تعلّمتها من أبويّ، وكما علّمونا في المرحلة المتوسّطة من المدرسة، وبعد ذلك علمت بأنّني كنت أتلفّظ تلك الكلمات بصورة خاطئة، فهل يجب عليّ - وطبقاً لفتوى الإمام (طاب ثراه) - إعادة الصلاة أو أن جميع الصلوات التي صليتها بتلك الكيفية صحيحة؟

ج: في مفروض السؤال، فإنّ جميع ما مضى من الصلوات محكومة بالصحة، ولا إعادة فيها ولا قضاء.