أخذت الفضيحة التي عاشتها الكرة الجزائرية، مؤخرا بمناسبة احتفالية الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، بخمسينية تأسيسها، والتي كانت أرضية ملعب 5 جويلية الأولمبي مسرحا لها، أبعادا كبيرة، حيث يحاول كل طرف استغلال المهزلة لأغراض سياسية بحتة.
كشفت أرضية ميدان 5 جويلية، التي أصبحت بين عشية وضحاها حديث العام والخاص، لفداحة ما شاهدناه طيلة الـ90 دقيقة، مدى تهاون المسؤولين ولامبالاتهم بمشاعر الشعب الجزائري الذي أصبح سخرية لكل العالم، لاسيما وأن المواجهة الكروية بين الجزائر والبوسنة نقلتها العديد من الفضائيات، وهي صور يندى لها الجبين، خاصة في ظل ''البحبوحة'' المالية التي تعيشها الجزائر في الوقت الراهن.
فضيحة ''المزرعة'' وبالرغم من نقمتها، تحولت إلى نعمة لممارسي الحملة الانتخابية، حيث أصبحت مادة دسمة في حملات العديد من المترشحين للمجالس الشعبية البلدية، فبعد أن كان كلام هواة الكرسي يقتصر فقط على ''نجيبولكم الزيت.. والسكر وما شابه ذلك..''، أصبح الحديث حاليا ''نجيبولكم أرضية ميدان من الطراز العالي''. ولم يكتف هؤلاء بذلك، بل يحاول العديد منهم تلفيق التهم لأطراف دون أخرى، في محاولة لتبرير الفضيحة التي شاهدها الجميع دون أن يجد أحدهم السبب الرئيسي وراء أفول نجم هذا المعلم الكروي التاريخي الذي كان في وقت غير بعيد تراثا يتغنى به المسؤولون، لمعايشته لأكبر إنجازات الكرة الجزائرية، بدءا بالميدالية الذهبية التي نالتها الجزائر في ألعاب البحر المتوسط عام 1975، وتاج كأس الأندية البطلة التي ظفرت بها مولودية الجزائر، ناهيك عن كأس أمم إفريقيا عام 1990، وإنجازات أخرى تحولت بين عشية وضحاها إلى سراب.
وبالرغم من تعاقب المسؤولين إلا أن الأرضية بقيت على حالها، فلا مولدي عيساوي، ولا محمد عزيز درواز ولا برشيش ولا فيدوم ولا جيار تمكنوا من إصلاح ما أفسده الدهر، لتأتي الكارثة يوم 14 نوفمبر 2012، والتي ستبقى وصمة عار في جبين الجميع دون استثناء.
فهل يعقل في مساحة تتعدى المليونين متر مربع، لا توجد أرضية صالحة لممارسة كرة القدم، أو على الأقل ميدان نحترم به ضيوفنا ونحترم به أنفسنا؟ هذا السؤال لم يجد له الوزير محمد تهمي، ولا رئيس الفاف محمد روراوة، ولا حتى المسؤول الأول عن البلاد جوابا له، في ظل سياسة ''انهب أروح'' التي تعيشها الجزائر في كل القطاعات وليس الرياضة فقط.
وما زاد الطين بلة تصريحات مدير المركب الأولمبي، نور الدين بلميهوب، الذي بعد تحميله ''الأمطار مسؤولية الفضيحة''، قال: ''كان بإمكاننا التخفيف من وقع المهزلة لو قمنا بتغطية أرضية الميدان، لكن للأسف لا نملك ذلك الغطاء''، وكان أهون لو صمت بلميهوب بعد ذلك، لكن تمادى في الجريمة، حيث راح يبرر عدم امتلاك الجزائر لغطاء بأمور تقنية، قائلا ''ليس أي غطاء يصلح لأرضية ميدان ملعب، فهناك غطاء خاص باهظ الثمن''.. فمن العيب والعار ألا تملك الجزائر برمتها وبشعبها وبتاريخها وبشهدائها غطاء مهما كان نوعه وثمنه.. وفي ظل التراشق بالتهم بين الجميع دون سواء، يبقى المناصر البسيط ينتظر فقط رؤية منتخبه الوطني يلعب فوق أرضية تصلح لممارسة كرة القدم وليس شيئا آخر.