بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
من ميزات الانفتاح الفكري والثقافي على الثقافات الاخرى، انها تصقل الفكر وتجعله قادر على حل الأزمات، هذا ما يحمله الجانب الايجابي من ذلك التقارب والمقاربة، من جانب اخر ربما ينقلب التقارب الى ذوبان فكري بتلك الثقافات، التي تكون بمثابة الدائرة المغلقة التي رسمناها حولنا، ونعجز عن الخروج منا، بحكم انها أم الثقافات وهي التحضر والتعددية وغيرها الظلامية والانغلاقية والظلامية.
هناك ثقافات مادية ترفض كل فكرة غيبية، وللأسف تعتبر عند البعض النموذج العالمي الأمثل والأروع، بعض الثقافات ترفض كل الافكار الدينية بإعتبارها خرافات تغلغلت للفكر عبر الأزمان المختلفة وكرد على التسلط الديني عبر التاريخ.
في مجتمعنا الديني اليوم هناك من يرفض قضية الامام المهدي عليه السلام بإعتبارها قضية دينية شابها الكثير من المثالية الطوباوية، أنه خلل في التفكير بل أزمة فكرية يعاني منها المجتمع الفكري العالمي، أن فكرة المخّلص هي أساس كل الديانات، فليس هناك دين لا يرجو وينتظر المخلص العالمي، فالمسيحية وغيرها من الديانات في أمل انتظار المخلص من الويلات والمبدد للظلام، وفكرنا اليوم بحاجة لإعادة إنعاش لفكره المحتضر تحت وطأة المادية العقيمة...
قال تعالى (ورحمتي وسعت كل شيء) الأعراف ١٥٦، ليس هناك من شيء في الوجود لا تشمله الرحمة الإلهية، وكما يقول العلماء الشيئية تساوق الوجود، فكل موجود شيء، وكل شيء فهو موجود، وكل ما ليس بموجود فليس بشيء، وكل ما ليس بشيء فليس بموجود، انها قواعد أربع تؤكد بأن المجودات تشملها الرحمة الإلهية العامة، وهذه الرحمة الإلهية العامة تنتهي لمنبع واحد هو وجود خاتم الأوصياء الإمام المهدي المنتظر عليه السلام، وقد روي أنه عليه السلام قال (إن رحمة ربكم وسعت كل شيء وأنا تلك الرحمة) بحار الأنوار
نحن بأمس الحاجة لوجود الإمام المهدي عجل الله فرجه، فهو مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية ومنبعها الذي من خلاله يشمل الجميع، وكما ورد عنه عليه السلام (طلب المعارف من غير طريقنا أهل البيت مساوق لإنكارنا وأنا الحجة بن الحسن).
مدى قربنا أو بعدنا عن الإمام عليه السلام يعتمد على ما نحمله من اعتقادات وافكار بل هو توفيق إلهي، فهو كالشمس وأن حجبتها الغيوم وكدورات الأجواء، فهو معنا ولكن هل نحن مؤهلين لذلك اللقاء العظيم، أنها أزمة فكر وعقيدة وحجاب سميك من الأفكار المتزاحمة الممزوجة بالتشويه وغسل الأدمغة..
ان أزمة البحث عن الغائب الذي لم يخلو منا يرتكز على جدية البحث، فهل بحثنا عنه كما نبحث عن ضالتنا ونجد فيها وندفع الغالي والنفيس من أجل استرجاعها؟
يقول علماء الأخلاق إن من أعدى أعداء الفرد الشعور بالاكتفاء، لأن الذي يشعر أنه مكتفٍ من الناحية العلمية أو الأخلاقية لا يرى مبرّراً للتحرك نحو التكامل الخلقي أو العلمي..
من اللازم استشعار النقص أمام وجود الإمام عليه السلام، فالإمام ولي نعمتنا ومصدر رحمة ربنا التي شملت كل شيء في الوجود، وما نعلم ومالا نعلم، وكما ورد في الزيارة الجامعة (وأولياء النعم) وكما ورد في الكافي الشريف (ولولانا ما عُبدالله) وكما في التوقيع الشريف عن صاحب الزمان عليه السلام (نحن صنائع ربنا والخلق بعد صنائعنا).
علينا اليوم إعادة صياغة فكرنا ليتوائم والمقام السامي للامام الحجة المنتظر عليه السلام، والاهتمام بالثقافة المهدوية بكل أبعادها، بمعنى أن نعيش القضية المهدوية كجزء من أساسيات حياتنا.