TODAY - 11 September, 2010
على خطى أجدادهم الفراعنة عيد الفطر بالأقصر بنكهة تاريخية
السباقات والمهرجانات الرياضية أبرز الأنشطة خلال يوم العيد بالأقصر
احتفل المصريون في محافظة الأقصر التاريخية بعيد الفطر بالخروج الجماعي للحدائق والشواطئ والشوارع والميادين في احتفالات لا تزال تحمل كثيرا من عادات وتقاليد موروثة عن الحضارات السابقة -في الاحتفال بالأعياد- وعلى رأسها الحضارة الفرعونية.
وإذا كانت عجلة الزمن قد دارت لتندثر معها تقاليد عديدة، فإن العديد من مظاهر الاحتفال القديمة بالأعياد لا تزال مستمرة في صعيد مصر حتى يومنا هذا.
فمنذ ليلة العيد، يسهر الناس ابتهاجا وسرورا بحلول عيد الفطر المبارك وقد أعدوا الكعك والحلوى لتقديمها للأهل والزوار.
ويُروى أن كعك العيد في مصر هو عادة ترجع للعصور الفرعونية حيث كانوا يضعونه مع الموتى داخل المقابر.
وكان الفراعنة ينقشون على الكعك رسم الشمس (آتون) التي عبدوها لزمن طويل حيث كانت المصريات يشكلن الكعك على هيئة عرائس.
وما زال هذا التقليد متبعا حتى اليوم في قرى مصر حيث تصنع الأم عددا من العرائس بعدد أطفالها. وفي طلعة العيد تحرص المصريات على تقديم كعك العيد على هيئة حلقات مغطاة بالسكر ليفرق على الفقراء، ففي معتقداتهن المتوارثة أن "ملاك الرحمة" يقوم بتعليقها في أحد فروع شجرة الحسنات
قوارب النقل الشراعية بالنيل تنشط في الأتجاهين خلال أيام العيد في الأقصر
يوم العيد
وفي صباح العيد، يأخذ رب كل الأسرة زينته ويصطحب أولاده للمسجد لأداء صلاة العيد.
وتتعزز في مثل هذه المناسبة الروابط الأسرية، فتحرص العائلات على تبادل زيارات الأقارب ومصافحة الأهل والجيران وتوزيع العيدية على الصغار.
ويتناول آخرون الإفطار في ديوان العائلة -أي دار المناسبات- ثم يتوجهون إلى المقابر لزيارة الموتى.
وضمن الأجواء الروحانية، يفضل البعض قضاء صبيحة العيد في حلقة ذكر بإحدى الساحات مثل ساحة أبو الحجاج والشيخ الطيب والساحة الرضوانية.
كما اعتاد الناس على زيارة المقابر للتصدق على أرواح موتاهم وإشعارهم بالأنس والمحبة، في حين يحرص الشباب على الخروج في جماعات للتنزه في النيل الذي يشهد زحاما شديدا.
وعلى مجرى نهر النيل، يمتلئ المكان بقوارب النقل الشراعية إذ يكثر خلال أيام العيد في الأقصر انتقال أهل قرى الغرب إلى الشرق للتنزه، أما أهل الشرق فيعبرون النيل إلى غرب المدينة راكبين الحمير والخيول حيث يتمتعون بزيارة الآثار ويتجولون بين الحقول الزراعية.
أما على المستوى الرياضي، فتُقام السباقات والمهرجانات الرياضية بمراكز الشباب وتنشط رحلات الحنطور (العربة التي يجرها حصان).
عرفة عبده علي:
ذاكرة تاريخ مصر تحتفظ بكثير من مشاهد الاحتفالات الرسمية والشعبية بالأعياد منذ عصر الدولة الفاطمية حيث كانت الاحتفالات الفاطمية الباذخة ترتكز على إظهار قوة الخليفة إلى جانب نفوذه الديني
تراكم حضاري
وقد توارثت الأمة الإسلامية عبر عصور تاريخية مختلفة ومتصلة الاحتفال بالأعياد الدينية والقومية
ويقول الباحث المصري في شؤون التراث عرفة عبده علي إن ذاكرة تاريخ مصر تحتفظ بكثير من مشاهد ومواكب الاحتفالات الرسمية والشعبية بالأعياد منذ عصر الدولة الفاطمية حيث كانت الاحتفالات الفاطمية الباذخة ترتكز على إظهار قوة الخليفة وسلطانه كحاكم إلى جانب نفوذه الديني.
وكان عيد الفطر من المناسبات التي يخرج فيها الخليفة من قصره في موكب مهيب وفي أبهى زينة بين كوكبة من الحاشية والحرس الخاص وأربعين من النافخين في الأبواق.
وكان يطلق على عيد الفطر في هذا الزمان "عيد الحلل" حيث كانت توزع "الخلع" والعمائم والملابس من "دار الكسوة على رجال البلاط وعامة الناس".
وفي عصر الإمبراطورية العثمانية كان الاحتفال الرسمي بعيد الفطر يبدأ عقب صلاة فجر أول أيام العيد حيث كان يصعد أمراء الدولة والقضاة في موكب إلى القلعة ويتوجهون إلى جامع الناصر محمد بن قلاوون داخل القلعة لأداء صلاة العيد ثم يصطفون لتهنئة "الباشا".
ويشير المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي إلى أن مدافع القلعة كانت تطلق طلقات طوال أيام العيد الثلاثة في أوقات الصلوات الخمس.
في العصور الفرعونية كان هناك عيد يُحتفل به لكل معبود
قدماء المصريين
واهتم قدماء المصريين بالأعياد التي كانت تعتبر بالنسبة لهم مناسبة لإقامة أفراح عظيمة، تُغنى فيها أناشيد جماعية تنشدها السيدات النبيلات المشتركات في المواكب مع أصوات القيثارات والأناشيد المصاحبة لحركات الرقص.
وكانت أعياد الفراعنة ترتبط بالظواهر الفلكية وعلاقتها بالطبيعة ومظاهر الحياة، ولذلك احتفلوا بعيد الربيع الذي حددوا ميعاده بالانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل.
وقد احتوت السنة المصرية القديمة على عديد من الأعياد التي ارتبطت بالتقويم مثل رأس السنة وأعياد كل شهرين وبدايات الفصول، بينما كانت في كل العصور أعياد جديدة تضاف فيحتفل بها المصريون.
ففي العصور الفرعونية كان هناك عيد يحتفل به لكل معبود حيث يحمل الكهنة في هذه الأعياد تمثال المعبود ويسيرون به في موكب مهيب يشارك فيه الجميع ويؤدي فيه المهرجون والمغنون والراقصون فنونهم.