رجاءً شهرزاد توقفي عن الحكي للأبد
ألّفه أسامة الشاذلي الاثنين, 06/20/2016 - 10:59
"شهرزاد بداخلك. تلك المهتمة فقط بإسعاد الرجل، والتي تنحصر كل وظيفتها الحياتية على حكي القصص المسلية له حتى يداهمه النعاس".
كل رجل عربي “شهريار” أورثته ثقافته الذكورية رغبة فيالزواج بألف ألف امرأة، والخلاص منها حينما يريد، وفي داخل كل امرأة عربية "شهرزاد" صنعت وأسست لكل ذلك القهر الذي عانت منه المرأة لعقود طويلة.
نعم، عزيزتي المرأة، شهرزاد بداخلك. تلك المهتمة فقط بإسعاد الرجل، والتي تنحصر كل وظيفتها الحياتية على حكي القصص المسلية له حتى يداهمه النعاس.
هي نفسها أنتِ عندما فرّغتِ حياتكِ لتجهيز ملابسه والطبخ له، وانتظاره حتى يعود للمنزل كي تخدميه من جديد.
بل وزاد الطين بلة أنك عندما خرجتِ للعمل أعطيتِ للرجل راتبكِ، وأن هذا العمل مجرد عامل مساعد على الحياة بلا أي طموح أو أحلام، تماماً كشهرزاد التي كانت تعتبر بقاءها على الحياة ليلةً جديدةً فضلٌ وعدلٌ.
قطف روح...
أما الرجال “الشهريارات”، إن جاز التعبير، فكل منهم صنع مسروره الخاص ذلك السياف الذي يقطف الأرواح بأمر سيده، فاختار بعضهم أن يكون سيافه هو التنغيص على المرأة في كل ما تحبه، وآخر القطيعة مع أهلها، ومنعها والتضييق عليها في المال والعمل والبيت، وهكذا اختار كل منهم طريقة لإذعان المرأة واجبارها على الخضوع والقبول.
لم يكن صعباً على شهريار أن يتجّبر مع استسلام شهرزاد له، وكيف يمكن لطاغية ألا يقهر من ساعده على طغيانه.
المدهش، عزيزتي المرأة، أن الكتاب الذي تحول لعشرات الحلقات الدرامية، يصور شهرزاد على أنها امرأة شديدة الذكاء واسعة الحيلة، كأنه يقدم رسالة حقيقية للغاية عن قهر المرأة التي يعتبر مجرد بقائها على الحياة في مجتمعاتنا نجاحاً كبيراً ينسب الفضل فيه لذكائها وحنكتها.
Pexels
المرأة التي يطالبها المجتمع بالزواج من رجل غريب اختاره لها والداها، بل ويغضب عليها إن فشلت في إسعاده، وينبذها إن طالبت بالطلاق منه. شهرزاد لا تهجر فراش زوجها، ولا تستطيع التوقف عن الحكي لألف يوم ويوم بغض النظر عن حالتها النفسية أو ظروفها المرضية.
لم يذكر لنا الكتاب ماذا كانت شهرزاد تفعل في الوقت المتبقي من نهارها
حواديت مختزلة
لم يذكر لنا الكتاب ماذا كانت شهرزاد تفعل في الوقت المتبقي من نهارها. كل ما عرفناه أنها في نهاية الألف ليلة وليلة أنجبت طفلين. لم يهتم الكتاب إلا بالحواديت، فاقتنع المجتمع أن حياة المرأة ليست مهمة إلا بالقدر الذي توفره للرجل من تسلية. فما بالك بامرأة أنجبت طفلين فيما يقرب من ٣ سنوات قضتها تحكي لزوجها في كل ليلة حكاية دون أن يؤثر عليها حمل أو وضع أو رضاعة - ناهيك عن الاهتمامات الشخصية؟.