إنجيل القدّيس متّى ٦ / ١٦ – ٢١
قالَ الربُّ يَسوع: «مَتَى صُمْتُم، لا تُعَبِّسُوا كَالمُرَائِين، فَإِنَّهُم يُنَكِّرُونَ وُجُوهَهُم لِيَظْهَرُوا لِلنَّاسِ أَنَّهُم صَائِمُون. أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُم قَدْ نَالُوا أَجْرَهُم.
أَمَّا أَنْتَ، مَتَى صُمْتَ، فَٱدْهُنْ رَأْسَكَ، وَٱغْسِلْ وَجْهَكَ،
لِئَلاَّ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّكَ صَائِم، بَلْ لأَبِيكَ الَّذي في الخَفَاء، وأَبُوكَ الَّذي يَرَى في الخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيك.
لا تَكْنِزُوا لَكُم كُنُوزًا على الأَرْض، حَيْثُ العُثُّ والسُّوسُ يُفْسِدَان، وحَيْثُ اللُّصُوصُ يَنْقُبُونَ ويَسْرِقُون،
بَلِ ٱكْنِزُوا لَكُم كُنُوزًا في السَّمَاء، حَيْثُ لا عُثَّ ولا سُوسَ يُفْسِدَان، وحَيْثُ لا لُصُوصَ يَنْقُبُونَ ويَسْرِقُون.
فَحَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ، هُنَاكَ يَكُونُ أَيْضًا قَلبُكَ.
....
التأمل: اذكر يا إنسان أنك من التراب والى التراب تعود
....
في بداية الصوم الكبير يضع يرسم الكاهن علامة الصليب على جبين المؤمن مذكراً إياه أن جسده من التراب وسيعود اليه، أما روحه فهي من الله وستعود اليه..
هذا الرماد الذي هو من أغصان الزيتون التي استعملت في زياح الشعانين السنة الماضية، يرمز الى التوبة، فاليهود كانوا يذرون الرماد على رؤوسهم وينوحون على خطاياهم من اجل تطهير الجسد من الخطايا..
يصوم المؤمن عن الاكل والشرب كي يروض نفسه على الامتناع عن الرذائل ليس فقط في فترة الصوم بل في كل أيامه..
ينقطع المؤمن عن الطعام والشراب ليتطور في المحبة هكذا يقول الرب على لسان النبي يوئيل: «قدسوا صوماً نادوا باعتكاف… مزِّقوا قلوبكم لا ثيابكم»(يوئيل1: 14 و2: 13).
ان التطور في المحبة هو مسيرة طويلة وشاقة تستمر طوال الحياة دون انقطاع، حتى الانتصار النهائي على أنانيتنا بالعطاء، وعلى الحقد بالغفران، على الحرب بالسلام، على الحسد بالاجتهاد، على الكسل بالكد والالتزام… وعلى الموت بالقيامة..
ان التطور في المحبة يعني أن تفتح قلبك للآخرين كي يُفتح باب السماء لك، وأن تمد يدك للآخر صانعاً بينك وبينه جسور التواصل لا فواصل من إسمنت، أن تشارك الاخر مائدتك ليس بالضرورة المحتاج الى الطعام بل المحتاج الى لفتة إنسانية صادقة..
ان التطور بالمحبة يعني الأمانة في كل شيء، من صاحب الدكان الى صاحب الشركة الى صاحب السعادة والمعالي والدولة والفخامة.. من التلميذ الأمين الى الاستاذ الأمين الى الزوج الأمين والزوجة الأمينة..
اذا كان هدف الصوم ليس التطور في المحبة يكون فارغاً من مضمونه لا بل ” جوع عالفاضي”
«أليس هذا صوماً اختاره، حلَّ قيود الشر، فكّ عقد النير وإطلاق المسحوقين أحراراً… أليس أن تَكسِرَ للجائع خبزك وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك… حينئذ تدعو فيجيب الرب، وتستغيث فيقول ها أنا ذا».(أش58: 6 ـ 12)
...
م/