خطبة السجاد (ع ) في مسجد دمشق :.
وفـي فتوح ابن اعثم ومقتل الخوارزمي : ان يزيد امر الخطيب
ان يرقى المنبر ويثني على معاوية , ويزيد, وينال من الامام
علي والامام الحسين , فصعد الخطيب المنبر, فحمد اللّه واثنى
عليه , واكثر الـوقيعة في علي والحسين , واطنب في تقريظ
معاوية ويزيد, فصاح به علي بن الحسين : ويلك ايها الخاطب
لـي حـتـى اصـعد هذه الاعواد, فاتكلم بكلمات فيهن للّه رضا,
ولهؤلاء الجالسين اجر وثواب فابى يزيد, فقال الناس : يا امير
المؤمنين ائذن له ليصعد, فعلنا نسمع منه شيئا فقال لهم : ان
صعد المنبر هذا لم ينزل الا بفضيحتي وفضيحة آل ابي سفيان
, فقالوا:.
وما قدر ما يحسن هذا؟ فقال : انه من اهل بيت قد زقوا العلم
زقا ولم يزالوا به حتى اذن له بالصعود فصعد المنبر فحمد اللّه
واثنى عليه وقال :.
ايـهـا الـنـاس , اعطينا ستا وفضلنا بسبع : اعطينا العلم ,
والحلم , والسماحة والفصاحة , والشجاعة والـمـحـبـة فـي
قلوب المؤمنين , وفضلنا بان منا النبي المختار محمدا (ص ),
ومنا الصديق , ومنا الطيار, ومنا اسد اللّه واسد الرسول ,
ومنا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول , ومنا سبطي هذه
الامة وسيدي شباب اهل الجنة , فمن عرفني فقد عرفني ,
ومن لم يعرفني انباته بحسبي ونسبي :.
انا ابن مكة ومنى , انا ابن زمزم والصفا, انا ابن من حمل
الزكاة باطراف الرداء, انا ابن خير من ائتزر وارتدى ,
انا ابن خير من انتعل واحتفى , انا ابن خير من طاف وسعى
, انا ابن من حج ولبى , انا ابن من حمل على البراق في
الهواء, انا ابن من اسري به من المسجد الحرام الى المسجد
الاقصى , فسبحان مـن اسـرى , انا ابن من بلغ به جبرئيل الى
سدرة المنتهى , انا ابن من دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى
, انا ابن محمد المصطفى , انا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى
قالوا لا اله الا اللّه , انا ابن من بـايـع البيعتين , وصلى القبلتين
, وقاتل ببدر وحنين , ولم يكفر باللّه طرفة عين , يعسوب
المسلمين , وقـاتـل الناكثين والقاسطين والمارقين , سمح
سخي , بهلول زكي , ليث الحجاز وكبش العراق , مكي مدني
, ابطحي تهامي , خيفي عقبي , بدري , احدي , شجري
مهاجري , ابي السبطين , الحسن والحسين , علي بن ابي طالب
, انا ابن فاطمة الزهراء, انا ابن سيدة النساء, انا ابن بضعة الرسول .
قـال : ولم يزل يقول انا انا حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب
, وخشي يزيد ان تكون فتنة فامر المؤذن ان يؤذن فقطع عليه
الكلام وسكت , فلما قال المؤذن : اللّه اكبر قال علي بن
الحسين : كبرت كبيرا لا يقاس , ولا يدرك بالحواس , ولا شي
ء اكبر من اللّه , فلما قال : اشهد ان لا اله الا اللّه , قال علي :
شهد بها شعري وبشري , ولحمي ودمي ومخي وعظمي ,
فلما قال اشهد ان محمدا رسول اللّه التفت علي من اعلى المنبر
الى يزيد وقال : يا يزيد وان قـلـت انـه جـدي فـلم قتلت عترته
؟ قال وفرغ المؤذن من الاذان والاقامة فتقدم يزيد وصلى
الظهر