السهلاوي.. مقاتل ودع قلعته الصفراء
الرياض - عبدالرحمن عابد
قبل 32 عاماً في مدينة الهفوف السعودية، ووسط حي المطار المعروف، أوقدت الشموع في منزل كبير، حيث رفع أهل البيت من صوت الموسيقى ونفخوا البالون وارتدوا ثياب الفرح وقطّعوا الكعكة، مبتهجين ومحتفلين مع جيرانهم وأقاربهم بقدوم ابنهم الجديد إلى الحياة.
لم يحظى محمد السهلاوي منذ ولادته في 10 يناير 1987، بفرصة لعب كرة القدم في أحد أندية الأحساء، وهو ما ينطبق على شقيقيه فهد وماهر، إذ كان والدهم إبراهيم يطالب دوماً بتحقيق بعلامات مدرسية مرتفعة، ولكن بعد وفاته سمحت الأم لصغارها باللعب، واكتفت بالاعتناء بهم نهاراً والدعاء لهم ليلاً.
لم يعرف الناس محمد من خلال المباريات التي أقيمت فوق ملاعب ترابية، ومع بلوغه سن الخامسة عشرة، انتبه لموهبته كشّاف سعودي اسمه راشد المري، الذي طلب منه خوض تجربة قصيرة مدتها أسبوع في نادي الهلال، أمام أنظار الشرفي الهلالي الكبير الأمير بندر بن محمد، إلا أن مدرباً صربياً يدعى نيبوشا وقتها رفض التعاقد معه.
غادر السهلاوي الرياض باتجاه مسقط رأسه في منتصف 2002 والخيبة تقتله، فقد كان يحلم الانضمام إلى فريق جماهيري مثلما فعل مسبقاً شباب الأحساء، على غرار تيسير الجاسم وصاحب العبدالله وياسر المسيليم مع الأهلي، وأحمد الصويلح مع الهلال ومشعل السعيد مع الاتحاد، وأحمد المبارك مع النصر، وكل أولئك تركوا بصمة واضحة في بطولة الدوري السعودي.
بعد وفاة صديقه الشخصي عبد الله العيسى، وافقت والدة السهلاوي على انتقاله إلى القادسية، مقابل سيارة اقتصادية صغيرة ومبلغ 40 ألف ريال، وسط مباركة الشرفي أحمد الزامل، ومع أن المدرب التونسي أحمد العجلاني هو من أوصى بالتعاقد معه، إلا أنه طلب تحويله إلى فئة الشباب، نظراً لتواجد النجم الشهير ياسر القحطاني في خط الهجوم.
لم يعرف الهلاليون إطلاقا، أن المراهق «الحساوي» الذين أعادوه خائباً إلى الهفوف، سيعود مجدداً إلى الرياض بعد سبعة أعوام، ولكن هذه المرة مع جارهم النصر، حيث تعاقد معه الأمير فيصل بن تركي بقيمة 33 مليون ريال، ضمن صفقة صُنّفت بالأغلى في تاريخ الكرة السعودية آنذاك.
نسي النصراويون حسين هادي وعلي يزيد وعبد الرحمن البيشي وسعد الحارثي ومحمد الشهراني وريان بلال، بعد أن سجّل لهم السهلاوي 103 أهداف في الدوري من بينها 11 هدفاً في مرمى الهلال، بينما لم يمنعه كل ذلك من الالتزام بوصية والده، فقد حصل على بكالوريوس تربية بدنية من كلية المعلمين بالدمام، وماجستير إدارة رياضة من جامعة الملك سعود في الرياض.
قال حمزة إدريس مهاجم الاتحاد والمنتخب السعودي السابق عن السهلاوي: "إذا كان يطلق على جمهور النصر جمهور الشمس فإن السهلاوي هو بدر النصر"، بينما امتدحه محمد عبد الجواد قائد الأهلي ومدافع المنتخب السعودي سابقاً، بعد إحدى المباريات: "السهلاوي مخ يلعب السهل الممتنع، ويسجل ببساطة، إنه فعلا سهلاوي".