مكة المكرمة- واع
تنشر وكالة الانباء العراقية "واع" نص كلمة رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح في مؤتمر القمة العربية الطارئة في المملكة العربية السعودية.
وفي ما يلي الكلمة:

"بسم الله الرحمن الرحيم
الأخْ العزيز، خادمَ الحرمين الشريفين، الملكْ سلمان بنْ عبدِ العزيز آل سعود
فخامةَ الرئيس الباجي قايد السبسي
أصحابُ الجلالةِ والفخامةِ والسمو،
معاليَ الأمينِ العامِّ لجامعةِ الدولِ العربية،
أصحابَ المعالي والسعادة،
بَدءاً اسمحوا لي أنْ أتقدمَ بالشكرِ والعرفانِ للأشقاءِ في المملكةِ العربيةِ السعودية، مَلِكاً، وحكومةً، وشعباً، لِحُسِنِ الاستقبالِ وكرمِ الضيافة، اللذين حَظِينا بهما منذُ وصولِنا الى هذا البلدِ المِضْيافِ الذي تأصّلَ الكرمُ في تأريخه.
نجتمع في مكة المكرمة، في هذا المكان المقدّس الطاهر، و في هذا الشهر الفضيل، و دعاؤنا في الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وفي جنب بيت الله الحرام، بان ينعم على شعوبنا بالأمن والسلام و الخير، وان نكون مثالاً حسناً للاقتداء بسمو واخلاق نبينا المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام في ترسيخ قيم السلام والمحبة والوئام.
سادتي..
نعاودُ اجتماعَنا في ظروفٍ بالغةِ التعقيد، و مع الاسف ان حالَ منطقتِنا اليوم ليس أفضلَ من الأمس، حيثُ تمر دولٌ عديدةٌ في العالم العربي بتحولاتٍ عصيبة،
قلوبنا مع اهلنا في السودان والجزائر وهم يتطلعون الى حل المشاكل والتحديات التي تواجههم، والأمور في ليبيا الشقيقة لا تسرُ صديقاً، بينما تمرُّ سوريا الغائبة عنا بمخاض عسير، وكذا الحال في اليمن، والأقصى الشريف ينادي ولا من مستجيب.
ولا أنسى- بالطبع– بلدي العراق، فعلى الرغمِ من التقدم الحاصل والتفاؤلِ السائدِ، إلا إنني أؤكد لكم لا تزال امامنا تحديات خطيرة.
إخواني،
في خِضَمِّ هذا الوضع المتأزم و التطورات المتلاحقة، وفي بيئةٍ دوليةٍ وإقليميةٍ محتدمةٍ بالاضطراباتِ والأخطارِ، نشهدُ تفاعلَ أزمةٍ إقليميةٍ ودوليةٍ أمامَ أعُينِنا، تنذرُ بالتحولِ الى حربٍ شاملةٍ لا تبق ولا تذر، إنْ لم نحسنْ إدارتَها، فاننا سنواجهُ حينئذٍ خطرَ مواجهةٍ إقليميةٍ ودوليةٍ و قد تجرُّ على بلداننا الويلاتِ والوَبال.
اننا في العراق، ننظر من واقعِ تجربةٍ قاسيةٍ من الحروب واستهداف الارهابِ لمقدراتنا، الذي جاء على أمنِنا الداخلي و امتدت اثارُهُ على أمنِ عمقِنا العربي، وجوارِنا الاسلامي، بل و على أمنِ واستقرارِ المجتمع الدولي.
إن أمنَ المملكة العربية السعودية الشقيقة هو أمنُ العراق، وأمنُ الامارات، وأمن دول الخليج هو امنُنا، ونحن في العراق حريصون على أمن المملكة ودول الخليج ، وأي استهداف لامنها هو استهداف لامننا، بل استهداف لامن الدول العربية والاسلامية جميعاً ، ونستنكر اي عمل عدائي موجه الى اشقائنا، لان واقعاً الاخلال بالامن في المنطقة هو اخلال بامن العراق واستقراه ايضاً.
ان جمهوريةَ ايران الاسلامية هي دولةٌ مسلمةٌ جارة للعراق و العرب، ويقيناً لا نتمنى ان يتعرض أمنُها الى الاستهداف، وتربطنا و اياها 1400 كم من الحدود، ووشائجُ و علاقاتٌ متعددة، و يقيناً ان أمنَ و استقرارَ دولةٍ اسلامية جارة هو من متبنياتِ ومصلحة الدول العربية والاسلامية.
المنطقة بحاجةٍ الى استقرار ٍ مبني على منظومةٍ للأمن المشترك، يعتمدُ احترامَ السيادة و عدمَ التدخلِ في الشؤون الداخلية، و نبذَ العنف و التطرف، فامننا مشتركٌ و متلازمٌ على صعيد المنطقة.
إن مساعينا لا تتجه فقط الى بناءِ منظومة اقتصادية وسياسية متكاملة مع اخوتنا في المملكةِ والخليجِ و عمقِنا العربي و جوارِنا الاسلامي، بل الى ان تسهمَ دولُنا عبر الممراتِ الدبلوماسية في تحقيق السلامِ والاستقرار الدائمين في المنطقة وحلِ الازمات المتراكمة فيها.
أصحابَ الجلالةِ والفخامةِ والسمو،
من هنا - ولأننا دونَ استثناء نؤثرِّ ونتأثرُ بمحيطِنا - أودُّ أن أتجاوزَ كلماتِ المجاملة، لأُعرِّجَ على الطروحاتِ العملية، كي نرتقيَ الى مستوى الحدثِ الذي تطلَّبَ عقدَ هذهِ القمةِ الاستثنائية، واذكركم واذكر نفسي بأن أمن العراق يعد مرتكزاً لأمن المنطقة، فالعنفُ و الاضطرابُ الامنيُ و السياسي في العراق قد أخل بموازين الامن في الشرق الاوسط، وهدد الامن والسلم الدوليين، وقاد وانتهى الى ما انتهى اليه من نتائجَ كارثية، اربكتِ المنظومةَ الامنية و السياسية في المنطقة، وايضا اصاب الامن القومي العربي في الصميم.
ترسيخَ الاستقرارِ في العراق يتطلب تعاوناً وتفهماً من الاشقاء والجيران والاصدقاء، مما يحتِّمُ على كلِ الأشقاءِ دعَمنا والوقوفَ إلى جانبنا لان العراق أحدُ أهمِّ ركائز المنطقة، فإن تعافى تعافت وإن وهنَ وهنت.
ونرى ان أيَّ تصادمٍ في منطقتِنا سيعرض امن العراق للتهديد، ومن هذا المنطلق، منطلقِ مصلحتنا العراقية، و منطلقِ حرصنا على أمنِ المنطقة، ومنطلق حرصنا على امن اشقائنا والامن القومي العربي، فالعراق سيعمل على بذل قُصارى جهدهِ لفتحِ بابِ الحوارِ البنّاء، ويشدّدُ على ضرورة تبنّي الحوار المباشر، ونبذِ العنفِ و الحرب، سبيلاً لحلِّ الأزمةِ المُحْدِقَة بنا، إذ إنّه من المهمّ أن يؤدي هذا الحوارُ إلى بلورةِ نظامٍ إقليميٍّ مستقر، يكونُ حجرَ الأساسِ في إنهاءِ الصِّبغةِ التي صُبِغَت بها منطقتُنا كمنطقةِ أزمات، لتكون منطقة تكاملٍ وتفاهم.
لابد ان نعيد التأكيد ايها السادةَ الكرام، بموقفِنا الثابت والداعمِ للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة في تأسيس دولتهِ و عاصمتِها القدس الشريف، كما نؤكد حرصنا على انهاء معاناة الشعب السوري و تمكينِهِ من حلٍ سياسيٍ مبنيٍ على مواجهة الارهاب واحترامِ ارادته في الحياة الحرة الكريمة، و نتطلع الى حلِ الازمة في اليمن و دعمِ الجهودِ المخلصة الساعية لانهاء معاناة الشعب اليمني الشقيق و بما يحقق له الامنَ و الاستقرار و الازدهار.
ختامًا، نحن في العراق نؤكد أنَّ أفضلَ طريقةٍ لِصَوْنِ أمنِنا القومي هو السلامُ و التكاتف في مواجهة الارهاب و التطرف، سبيل الامن المشترك الذي يحترمُ سيادةَ الدول و يرفض التدخل في الشأن الداخلي، ويطوِّرُ وشائجَ الصداقة، ويعمِّقُ العلاقاتِ الإقتصاديةَ والثقافية، فالسلامُ والوئامُ كفيلان بإطلاقِ مسيرةِ التنميةِ المطلوبة في ُبلدانِنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية
الجمعة 31-5-2019
==========