جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ، فَقَالَ لَهُ :
يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، هَلْ يُزَارُ وَالِدُكَ ؟ [يعني الإمام الحسين سلام الله عليه] .
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : نَعَمْ ، وَيُصَلَّى عِنْدَهُ ، وَ يُصَلَّى خَلْفَهُ وَلَا يُتَقَدَّمُ عَلَيْهِ .
قَالَ : فَمَا لِمَنْ أَتَاهُ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : الْجَنَّةُ ، إِنْ كَانَ يَأْتَمُّ بِهِ .
قَالَ : فَمَا لِمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : الْحَسْرَةُ يَوْمَ الْحَسْرَةِ .
قَالَ : فَمَا لِمَنْ أَقَامَ عِنْدَهُ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : كُلُّ يَوْمٍ بِأَلْفِ شَهْرٍ .
قَالَ : فَمَا لِلْمُنْفِقِ فِي خُرُوجِهِ إِلَيْهِ وَالْمُنْفِقِ عِنْدَهُ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : دِرْهَمٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ .
قَالَ : فَمَا لِمَنْ مَاتَ فِي سَفَرِهِ إِلَيْهِ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : تُشَيِّعُهُ الْمَلَائِكَةُ وَتَأْتِيهِ بِالْحَنُوطِ وَالْكِسْوَةِ مِنَ الْجَنَّةِ وَتُصَلِّي عَلَيْهِ إِذْ كُفِّنَ وَتُكَفِّنُهُ فَوْقَ أَكْفَانِهِ ، وَتَفْرُشُ لَهُ الرَّيْحَانَ تَحْتَهُ وَتَدْفَعُ الْأَرْضَ حَتَّى تَصَوَّرَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَعِنْدَ رَأْسِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَعِنْدَ رِجْلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى قَبْرِهِ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ رُوحُهَا وَرَيْحَانُهَا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ .
قَالَ : فَمَا لِمَنْ صَلَّى عِنْدَهُ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : مَنْ صَلَّى عِنْدَهُ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ .
قَالَ : فَمَا لِمَنِ اغْتَسَلَ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ ثُمَّ أَتَاهُ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ وَهُوَ يُرِيدُهُ تَسَاقَطَتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ .
قَالَ : فَمَا لِمَنْ يُجَهِّزَ إِلَيْهِ وَلَمْ يَخْرُجْ لِقِلَّةِ نَصِيبِهِ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : يُعْطِيهِ اللَّهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ أَنْفَقَهُ مِثْلَ أُحُدٍ مِنَ الْحَسَنَاتِ ، وَيُخْلِفُ عَلَيْهِ أَضْعَافَ مَا أَنْفَقَهُ وَيُصْرَفُ عَنْهُ مِنَ الْبَلَاءِ مِمَّا قَدْ نَزَلَ لِيُصِيبَهُ وَيُدْفَعُ عَنْهُ وَيُحْفَظُ فِي مَالِهِ .
قَالَ : فَمَا لِمَنْ قُتِلَ عِنْدَهُ ، جَارَ عَلَيْهِ سُلْطَانٌ فَقَتَلَهُ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : أَوَّلُ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهِ يُغْفَرُ لَهُ بِهَا كُلُّ خَطِيئَةٍ وَتُغْسَلُ طِينَتُهُ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَخْلُصَ كَمَا خَلَصَتِ الْأَنْبِيَاءُ الْمُخْلَصُونَ ، وَيَذْهَبُ عَنْهَا مَا كَانَ خَالَطَهَا مِنْ أَجْنَاسِ طِينِ أَهْلِ الْكُفْرِ ، وَيُغْسَلُ قَلْبُهُ وَيُشْرَحُ صَدْرُهُ وَيُمْلَأُ إِيمَاناً ، فَيَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ مُخْلَصٌ مِنْ كُلِّ مَا تُخَالِطُهُ الْأَبْدَانُ وَالْقُلُوبُ ، وَيُكْتَبُ لَهُ شَفَاعَةٌ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَلْفٍ مِنْ إِخْوَانِهِ ، وَتَوَلَّى الصَّلَاةَ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَعَ جَبْرَئِيلَ وَمَلَكِ الْمَوْتِ ، وَيُؤْتَى بِكَفَنِهِ وَحَنُوطِهِ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَيُوَسَّعُ قَبْرُهُ عَلَيْهِ ، وَيُوضَعُ لَهُ مَصَابِيحُ فِي قَبْرِهِ ، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَتَأْتِيهِ الْمَلَائِكَةُ بِالطُّرَفِ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَيُرْفَعُ بَعْدَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً إِلَى حَظِيرَةِ الْقُدْسِ ، فَلَا يَزَالُ فِيهَا مَعَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ حَتَّى تُصِيبَهُ النَّفْخَةُ الَّتِي لَا تُبْقِي شَيْئاً ، فَإِذَا كَانَتِ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ وَخَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ كَانَ أَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُهُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَأَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَالْأَوْصِيَاءَ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) يُبَشِّرُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ الْزَمْنَا وَيُقِيمُونَهُ عَلَى الْحَوْضِ فَيَشْرَبُ مِنْهُ وَيَسْقِي مَنْ أَحَبَّ .
قَالَ : فَمَا لِمَنْ حُبِسَ فِي إِتْيَانِهِ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : بِكُلِّ يَوْمٍ يُحْبَسُ وَيَغْتَمَّ فَرْحَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَإِنْ ضُرِبَ بَعْدَ الْحَبْسِ فِي إِتْيَانِهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ ضَرْبَةٍ حَوْرَاءُ ، وَبِكُلِّ وَجَعٍ يَدْخُلُ عَلَى بَدَنِهِ أَلْفُ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَيُمْحَى بِهَا عَنْهُ أَلْفُ أَلْفِ سَيِّئَةٍ وَيُرْفَعُ لَهُ بِهَا أَلْفُ أَلْفِ دَرَجَةٍ ، وَيَكُونُ مِنْ مُحَدِّثِي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحِسَابِ ، فَيُصَافِحُهُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَيُقَالُ لَهُ : ﴿سَلْ مَا أَحْبَبْتَ﴾ . وَيُؤْتَى ضَارِبُهُ لِلْحِسَابِ فَلَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ وَلَا يُحْتَسَبُ بِشَيْءٍ وَيُؤْخَذُ بِضَبُعَيْهِ حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى مَلَكٍ يَحْبُوهُ وَيُتْحِفُهُ بِشَرْبَةٍ مِنَ الْحَمِيمِ وَشَرْبَةٍ مِنَ الْغِسْلِينِ ، وَيُوضَعُ عَلَى مَقَالٍ فِي النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ : ﴿ذُقْ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ فِيمَا آتَيْتَ إِلَى هَذَا الَّذِي ضَرَبْتَهُ سَبَباً إِلَى وَفْدِ اللَّهِ وَوَفْدِ رَسُولِهِ﴾ . وَيَأْتِي بِالْمَضْرُوبِ إِلَى بَابِ جَهَنَّمَ وَيُقَالُ لَهُ : ﴿انْظُرْ إِلَى ضَارِبِكَ وَإِلَى مَا قَدْ لَقِيَ فَهَلْ شَفَيْتُ صَدْرَكَ وَقَدِ اقْتُصَّ لَكَ مِنْهُ﴾ . فَيَقُولُ : ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي انْتَصَرَ لِي وَلِوُلْدِ رَسُولِهِ مِنْهُ﴾ .
*
المصدر : (كامل الزيارات : ص123.)