تَتمّيزُ لهجةُ توركمان كركوك بوَفرةِ الكِناية فيها ، إذ يتفّنن الكركوكلي في إستعمالِ الكِنايات والمُحسّناتِ اللفظية في كلامِه ،
ونظرة عابرة لأدبنا الشعبي مِن قَصصٍ وحكاياتٍ والخوريات ، كَفيلة بإماطةِ اللِثام عن كَمّ هائلٍ مِن صور البلاغةِ والبَيان والمُحسّنات اللفظيةِ المبثوثة في حَناياها ،
والتعريفُ المُبسّط للكناية التي هِي مَدار حديثنا اليوم ، هو ( لفظٌ يعتمد على مَعنيين، واحدٌ ظاهرٌ غير مقصود، وآخر مخفّي هو المقصود)
نتحدث اليوم عن عددٍ من الكنايات الدارجة في لهجةِ توركمان كركوك ،
( ألي يرتيغ ) ، كِناية عن الشخص المُسرفِ المُبذّر .
( گوزو قيّم ) كِناية عن الشخصِ العَنيد والذي يخوض الصِعاب ولا يَهاب المخاطر.
( بويو يره گيرمش ) ، يُطلق على الطفلِ الذي يتصّرف بتصرفاتٍ أكبر مِن عُمُرهِ وهي دُعاء على الشخص نفسه بالموت .
( ديلي شيميش )، الدعوة على الشخص بمرضٍ يُصيبه بإنتفاخٍ في لِسانه ، ويُطلق على شخصٍ أباحَ وأذاعَ سِرّاً كانَ من المفروضِ أنْ لا يُباح .
( شيطان شري) يُطلق على الاسلحةِ النارية مِثل البندقية أو المسدّس أو أي آلة يؤدّي إستعاملها الى إلحاق الاذى بالاخرين.
( آدام اوغلو ) يُطلق على الرجلِ بوجهٍ عام لكنه يختص بالرَجل القَويم والعَدل ذي الخُلق الكريم والشمائلِ العالية ،
وفي الحديث الشريف : ( كُلكم من آدم ، وآدم من تُراب )
وتقول إحدى الراباعيات ِالقديمة ( الخوريات ) اداما .. آدم بنزر آداما .. اكمه گي وير كوپه گة ويرمه سِفله اداما .. أي أن تُطعم خبزك للكلبِ خير مِن أن تُطعمه لِناكرِ جَميل.
( باشي بوزوق ) كِناية عن الشخص الذي يَمتهِن الاعمالَ الحُرّة ، والمعروف أن موظفي الدولة والعسكريين كانوا يرتدون أغطية خاصة على رؤوسهم وكان مِن المُعيب أن يتجّول شخص في الاماكن العامة او المجالس الخاصة ، حاسِر الرأس.
( باشي صاوغ ) كِناية عن الشخص اللابالي والبليدِ الذي لا يأبهُ للضروراتِ في حياته ،
( يخه سي يرتيخ ) كِناية عن الشخص المُشاكسِ الذي يتشاجر باستمرار،
( پاره پرست) كناية عن الشَحيحِ البَخيل الذي يعشق مَاله إلى حّدِ العبادة والسجود له
وفي الحديثِ الشريف ( تَعِس عبدُ الدِرهمِ والدينار )..
والپاره كانت أصغر فِئةٍ نقديةٍ عُثمانية متداوله في العراق تليها ( الآقڃه) ثم تأتي ( الورقة ) وتُساوي عشر پارات أي خمساً وعشرين آقچه ثم القمري والمته ليك والقرش.
وفي عام 1917 إحتلت بريطانيا العراقَ وفَرضَت إستخدام العُملة الهندية المتمّثلة بالعانة والروبية المعدنية واجزائهما ومضاعفاتِهما
والصادرة سنة 1912 والتي كانت تحمل على وجِهها صورةَ الملك (الامبراطور) البريطاني جورج الخامس ،
بعدها صَدر الدينارُ العراقي سنة 1921بقانونٍ مِن وزارة المالية.
( قزان ديبي ) كِناية عن آخر وَلد تلدهُ الام قبل دُخولِها سِأن اليأس وغالبا ما يكونُ مِن أعزِ الاولاد على الوالدين ويَحظى عِندهما بالأهتمام والدلالِ ، وتقابل المعنى باللهجة البغدادية كناية
( بَزر الگعدة ) ومِن ترنيماتهِم ( بزر الگعده وبزر الشيب لو دللته ماهُو عيب )..
(قره حسن بورجو) ، كِناية عن قَرضٍ أو دَيْن طويل الأمد ،
ومِن المفيد أن أذكر هِذه الحادثة التي حَدثّني بِها الاديبُ والموسوعي الراحل عطا ترزي باشي
، حيث أفاد ، أنه ( رحمه الله ) كان في مَجلسٍ ضّم لفيفاً مِن المُحامين في مَبنى دائرةِ المحاكمِ بكركوك ،
إذْ دَخلَ عليهِم الشخصيةُ الكركوكلية الفكِهة ( دللي بهجت ) وسألهم موّجِهاً كلامَه إلى الحاضرين :
أتعرِفونَ ما معنى لفظ ( قره حسن بورجو ) .؟
وَلمّا لَمْ يُجِبه أحدٌ على سؤالهِ ، أردَفَ قائلاً : أنه مُشتق مِن ( القَرضِ الحَسَن ) المذكورِ بالقران ،
وأضافَ المرحوم ( ترزي باشي ) أن الجميع إستحسنوا قَوْل ( دللي بهجت )
وعَدّوهُ إستنباطاً حسناً لهذه الكِناية
. والقَرضُ الحَسَن هُو ما يُعطيه المُقرضُ مِن المالِ إرفاقاً بالمُقترِضِ لِيّرُد إليهِ مِثله دون إشتراط إلزيادة