TODAY - September 10, 2010
البصرة تسعى لإعادة «شناشيلها» إلى سابق عزها
صاحب مبادرة لحمايتها: انطلقنا من قصر الشيخ خزعل
نموذج من «شناشيل» البصرة القديمة
البصرة
في الوقت الذي تعاني منه أغلب المؤسسات الحكومية من آفة التجاوز على ممتلكات الدولة من قبل مواطنين، تحاول بعض المؤسسات الثقافية في البصرة، جنوب العراق، إعادة 42 منزلا تراثيا في منطقة نظران (وسط البصرة القديمة) إلى سابق عهدها والمحافظة على الطراز المعماري الشهير «الشناشيل»، بينما يرى متجاوزون عليها بعد عام 2003 أن أزمة السكن وفقر الحال اضطرهم إلى ذلك.
وقالت زهرة البجاري، رئيسة لجنة السياحة والآثار في مجلس محافظة البصرة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن المجلس «توجه بطلب إلى لجنة رفع التجاوزات للإسراع بتنفيذ القرار القاضي بإخلاء الدور التراثية من المتجاوزين عليها». وأضافت أن «المتجاوزين شوهوا المعالم الجمالية لهذه الدور التراثية التي تشتهر بها البصرة». وتابعت: «هناك لجنة تم تشكيلها لغرض دراسة واقع هذه الدور بعد رصد الأموال اللازمة والوقت الكافي للاعتناء بها»، وزادت أن «هناك شركة عراقية قد أبرمت عقدا مع مجلس المحافظة، قبل أكثر من سنتين، لغرض صيانة هذه البيوت لكنها إلى الآن لم تباشر العمل».
وعرفت البصرة فن عمارة «الشناشيل» أيام الاحتلال العثماني في القرن الـ17 وهناك في منطقة نظران 42 بيتا تابعا لأملاك ديوان المحافظة ويستغلها مواطنون ومنهم أبو محمود الذي يقول إن الدولة «لم توفر السكن، فلو كان لدينا مكان لما لجأنا إلى التجاوز»، مبينا أن «أغلبنا نحن الذين نسكن تلك الأماكن، أو كما يسموننا، متجاوزين، ذهبنا في يوم انتخابات البرلمان العراقي وانتخبنا من تعهد بأنه لن يخرجنا من تلك البيوت».
من جانبه قال النجار أحمد سالم، صاحب محل نجاره في منطقة السيف، إنه في منطقته «لم يقم أحد ومنذ زمن طويل بترميم أو إعادة بناء دار تحتوي على (شناشيل)». وأضاف أن «أغلب بيوت المنطقة التي يوجد فيها (شناشيل) تشوهت بسبب الإهمال، بل إن هناك أناسا قاموا بهدم تلك الدور التراثية وبناء بيوت حديثة، وأتألم كثيرا وأنا أرى تلك (الشناشيل) تزول وتذهب معها ذكريات الطفولة».
وظهرت في البصرة مؤخرا مبادرة للحفاظ على البيوت التراثية من خلال تحويلها إلى مقرات خاصة بمؤسسات ثقافية. وبين مدير البيت الثقافي في البصرة وصاحب المبادرة، حسين إبراهيم، أن المبادرة «تقوم على أساس إعادة تأهيل تلك البيوت ثم تحويلها إلى مؤسسات ثقافية»، مشيرا إلى أن «العدد الفعلي لتلك البيوت هو 42 بيتا أغلبها في منطقة نظران بالبصرة القديمة وهي عائدة إلى أملاك الإدارة المحلية». وزاد: «من بيت الشيخ خزعل كانت البداية، وقد تم تحويله إلى مقر للبيت الثقافي البصري، وهناك بيت آخر تم تحويله إلى مقر لفرع اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين في البصرة». وقصر الشيخ خزعل هو أهم تلك البيوت، وكان مركزا ثقافيا في السابق وشهد الكثير من الفعاليات المهمة.
وطالب عدد من مثقفي محافظة البصرة بتحويل منزل الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب الى متحف ثقافي وسياحي يضم مقتنيات الشاعر وصوره ومخطوطاته واعماله الشعرية وتسجيلاته الصوتية والاعمال الدرامية التي قدمت عنه.
واوضح أحد أقرباء الشاعر الراحل، المسرحي عبدالحميد السياب في تصريح ان المنزل المهجور و الذي كان يسميه ببيت (جدي) بمنطقة جيكور ، يعده السياب توأما وعشيقا له، حتى انه احب ان يدفن فيه بعد موته كما نوه بذلك في عدد من قصائده.
الشاعر ثامر سعيد من جهته طالب بتحويل المنزل الى مكان سياحي يضم صالات للسينما ومسارح كبيرة إلى جانب متحف يحوي على جميع مقتنيات و دواوين السياب الشعرية لتعريف العالم به.
ويقع منزل الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب في قرية جيكور بقضاء ابي الخصيب في محافظة البصرة ، ودعاه الشاعر بـ"منزل الاقنان" والذي كان عنوانا لاحدى دواوينه الشعرية التي بلغت اكثر من 10 دواوين ، واصيب الشاعر بمرض عضال و ظل متنقلا في رحلة علاج طويلة بين لندن ودولا عربية مختلفة كان اخرها الكويت التي توفي فيها في اواخر كانون الاول/ديسمبر 1964، ويعد السياب رائد شعر التفعيلة الذي كسر نمطية القصيدة العربية التقليدية (العمود).