متابعة/ الغد برس:
سلطت وسائل إعلام ألمانية الضوء على شبكة عراقية بعد أن تبين أنها إحدى عصابات الجريمة المنظمة، على الرغم من أن اسمها يتقاطع تماماً مع العنف والجريمة، كما أنها تتخذ من أحد أقدس رموز المذهب الشيعي شعاراً لها.
موقع "DW عربية" الإخباري الألماني، كشف تفاصيل هذه العصابة التي تتخذ من السلام والمقدسات الشيعية شعاراً لها، لكن تبين أنها تخفي خلفه جرائم متعددة.
وينقل الموقع عن شخص لديه معلومات قوله بأنه مهدد من قبل مجموعة "قائدي الدراجات النارية" العراقية، التي تطلق على نفسها تسمية "السلام 313"، لأنه يعيش بأسلوب معيشة الغرب، ولأنه يعبر عن رأيه بكل حرية، وبإمكانه أيضا أن يوثق كل شيء، فجهازه المحمول معبأ برسائل التهديد بالقتل، ممن يطلقون على أنفسهم اسم "السلام".
الشخص المهدد بالقتل ينحدر من العراق أيضا وهرب من وطنه، ولأسباب أمنية لا يرغب في كشف اسمه في هذا التقرير، وهو بذلك يأخذ بنصيحة جهاز أمن الدولة، ويضيف أنه يعرف عراقيين آخرين يعيشون في المنفى تلقوا تهديدات مماثلة.
ولحد الآن لم يتجرأ أحد على الحديث في هذا الموضوع خوفا من أن تتحول تهديدات مجموعة قائدي الدراجات النارية العراقية إلى أفعال قاتلة.
ويشير الموقع الإخباري إلى أنه حاول الحصول على معلومات أكثر من جهاز الاستخبارات الداخلية في ولاية شمال الراين ويستفاليا، فجاء الرد هاتفيا يقول إنه لا يمكن كشف المعلومات علنا عن الجماعة، فقط خطط المداهمات الكبيرة بمشاركة أكثر من 500 عنصر شرطي كانت قد دخلت مرحلة حاسمة. فقد تم لاحقا تفتيش 49 منزلا في 11 مدينة وبلدة في أكبر ولاية ألمانية من حيث عدد السكان، ولاية شمال الراين ويتسفاليا.
وحسب معلومات وزير داخلية الولاية هيربرت رويل، استغرقت التحضيرات لشن المداهمات عدة أشهر. وأوضح الوزير أيضا أن المداهمات كانت تهدف لضبط أدلة واثباتات. فالتهم الموجهة ضد شبكة "السلام 313" العراقية متنوعة وكثيرة. وعمليا تجري التحريات ضد 34 مشتبها به عراقيا وسوريا.
والتهم متنوعة: خروقات لقانون رقابة أسلحة الحرب وتهريب البشر وتزوير جوازات السفر إلى جانب جنح تتعلق بالمخدرات. وتحدث الوزير رويل عن تحقيق نجاح كبير فيما يخص توجيه ضربة قاصمة للجريمة المنظمة. بيد أن الوزير لم تتوفر لديه معلومات عما إذا كانت للشبكة نشاطات خارج ولاية شمال الراين ويستفاليا أم لا.
المعلومات المتوفرة عن الشبكة تنحصر فيما نشرته المجموعة على الشبكة العنكبوتية، وهي معلومات قديمة تعود آخرها إلى شهر أيار 2017. ومنذ ذلك الوقت لم تجدد الجماعة دعايتها عن نفسها. وصفحة الجماعة على "فيسبوك" حافلة بمواد دعاية قديمة عن نفسها.
واشار "DW عربية" الى ان موقع "يوتيوب" فيجد الباحث شريط فيديو بطول سبع دقائق أو أكثر بقليل يظهر أفراد الجماعة في صور دراماتيكية بموسيقى قوية وهم يقودون الدراجات النارية الضخمة ويسيرون تارة في خط واحد وتارة يشكلون نصف دائرة حول قائدهم. وكلهم رجال بعضلات مفتولة ونظارات شمسية سوداء ويرتدون سترات جلدية.
وفي شريط فيديو يقدم رئيس جماعة "السلام 313" نفسه بالقول: السلام عليكم، أنا أبو مهدي. ويقدم اسمه الحقيقي بـ"محمد بنية" ويقف في مشهد الفيديو واضعا ساعدا على الآخر عند صدره ويتحدث عن جماعته ويقول إنها تأسست مطلع عام 2016.
ويوضح زعيم الجماعة أن أنشطة المجموعة لا تنحصر على ألمانيا فحسب، بل تتعداها إلى دول أوروبية أخرى مثل السويد والدنمارك وهولندا. ويعترف زعيم العصابة في شريط الفيديو بأن المجموعة "تتعامل بدون تأنيب ضمير مع أي شخص وأن الذين يأتون إلى أوروبا يجب أن يلتزموا بالأدب والأخلاق". ويقصد أبو مهدي بذلك العراقيين الهاربين إلى ألمانيا، حيث يقدم نفسه كشرطي آداب.
وحسب ادعائه، "فإن الجماعة موجودة للمساعدة وليس لخلق مشاكل". ولكن، والكلام ما زال لأبو مهدي، "البعض منكم يحتاج إلى جولة من الضرب المبرح على الطريقة العربية. وأنتم تعلمون جيدا ماذا اقصد بذلك". وفي مقطع آخر ينفي المدعو أبو مهدي أن تكون الجماعة بمثابة "مافيا عراقية" واصفا ذلك الكلام بالهراء.
يشار إلى أن زعيم الجماعة لم يختر اعتباطا كنية "أبو مهدي". فالمهدي عند المسلمين الشيعة يعتبر من أحفاد النبي محمد وسيظهر في نهاية الزمان ليقضي على الظلم والفساد على الأرض، حسب العقيدة الشيعية. كما أن الرقم 313 لم يأت اعتباطا، فهو يشير إلى عدد الرجال، الذين سيرافقون المهدي عند ظهوره على الأرض في آخر الزمان، حسب العقيدة الشيعية أيضا.
أما أرقام لوحة إحدى السيارات، التي تظهر في الفيديو وتبدأ بحرف "E"، فهي تشير إلى مدينة إيسن، وهي من مدن منطقة الرور الصناعية بولاية شمال الراين ويستفاليا بغربي ألمانيا، حيث يعيش ويقيم أبو مهدي. وفي إيسن نشرت صحيفة محلية أول مرة عن جماعة "السلام 313" في كانون الأول 2017. آنذاك تعرض مقهى زعيم الجماعة لاعتداء من قبل جماعة لبنانية منافسة، والسبب كان الصراع على مناطق النفوذ وجني الإتاوات من أصحاب المحلات والأشخاص.
تقرير المباحث الجنائية في ولاية شمال الراين فيستفاليا عن الجريمة المنظمة ووضع العصابات العائلية لا يشير بالاسم إلى جماعة "السلام 313"، لكنه ينوه بشكل خاص إلى وجود منافسة حادة ومساعي فعلية لإزاحة بعض الجماعات الإجرامية منها تركية ومنها لبنانية ومنها كردية، وذلك من قبل جماعة تتألف من عراقيين وسوريين.
ويصف التقرير أسلوب هذه الجماعة التي ينحدر أعضائها من بلدين مزقتهما الحروب في المشهد الإجرامي، بأنهم أولي قوة هيمنة كبيرة ويمارسون أقصى درجات العنف.
في هذا السياق أكد أحد العاملين في وزارة الداخلية بأن جماعة "السلام 313" يشتبه بمزاولتها لنشاطات على خلفية دينية وسياسية. وتحديدا يشتبه بقيام المجموعة بدعم "إخوانهم في المذهب المسلحين في العراق".
ويجري الحديث بتواتر عن وجود علاقات وصلات بين مجموعة قائدي الدراجات النارية وما يسمى بـ"جيش المهدي" التابع لرجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر. حيث تحمل المجموعة المسلحة في العراق في شعارها حمامة، كما هو الحال مع الحمامة الموجود في شعار جماعة "السلام 313" في ألمانيا.
واستنادا إلى معلومات الجانب الأمريكي، فإن جيش المهدي يتألف من عشرات الآلاف من المقاتلين جلهم من شيعة العراق. وتأسس جيش المهدي في العراق بعد الغزو الأمريكي للبلد في عام 2003. آنذاك تم حل الجيش العراقي وجهاز الشرطة ونتج عن ذلك فراغاً أمنيا ملئتها الميليشيات المسلحة مثل جيش المهدي.