ولازال التأريخ حاضراً .. يا أبا الحسن
أحمد حسن العراقي
في هذه الليلة الكئيبة إنزويت في إحدى غرف الدار التي تضم مكتبتي .. وبين الكتب جلست وقد ضاقت بي الأرض كئيباً حزيناً .. لا تفارقني مشاهد رسمتها مخيلتي عن لحظة إغتيال الإمام علي .. وهو ساجد يصلي .. وكأني في عام 40 للهجرة وقد سافرت بخيالي 1400 عاماً ..
لكن لوهلة عدت حيث انا وقلت في نفسي ترى لِمَ أبقَ هناك .. فكل ما وقع قرأناه وسمعناه .. بالكتب بالمحاضرات بل حتى بالدراما من مسلسلات وأفلام ..
فقررت ان اكتب عارضاً حاضرنا على ماضينا .. كي أعرف هل لو قُدِّرَ لنا ان نكون في تلك المرحلة التأريخية العصيبة والمفصلية مع الإمام علي عليه السلام .. ترى ماذا ستكون مواقفنا .. هل نقع بفخاخ عمر بن العاص ؟ .. هل يستطيع معاوية ان يمزقنا بسياساته وإعلامه ويفرقنا عن معسكر الإمام علي عليه السلام كما حدث في صفين ؟
وهكذا أخذت الأسئلة تجرني سؤالاً .. بعد سؤال .. فقلت في نفسي لأحاكم الحاضر وفق منطق التأريخ والأحداث ..
• المحاكمة الأولى : الإمام علي عليه السلام رفع راية القرأن لم يساوم على عقيدته ولا على دينه .. كان مبدئياً بكل ما لكلمة المبدأية من مفهوم ومعنى .. لن يعطل حكماً من أحكام الدين ..يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر .. من دون وجل او تردد ..
• ولو كان بعض الناس الذين نراهم اليوم في زمان الإمام علي عليه السلام لخرجوا ضده واصطفوا مع معاوية ولقالوا : إن علياً يريد أن يقيم دولةً دينية .. !! ولرفعوا شعارات العلمانية والمدنية في وجهه .. وسلوا سيوفهم ..
• المحاكمة الثانية : كان الإمام علي عليه السلام يستصرخ الناس للجهاد ومواجهة قوى الإنحراف الاموي .. لأنه كان يعرف ان تلك القوى لو هيمنت على الامة سينتهي بها الامر الى ان رجلا مثل يزيد سيكون هو الحاكم على دين ودنيا هذه الامة .. لكن رغم ذلك كان الناس يتكاسلون ويجبنون عن القتال والجهاد والمقاومة حتى قال قائلهم : لقد أتعبتنا الحروب ماذا يريد علي منا ..!!
• واليوم لو كان بعض الناس في زماننا في تلك المرحلة التأريخية لقالوا بلهجة عامية ( عمي كافي ملينه نريد نعيش شعلينه بأمريكا واسرائيل خليهم يجون يحكمونه .. هله بيهم )!!
• المحاكمة الثالثة : في التأريخ ينقلون ان عمر بن العاص كان يستعمل سلاح الإعلام لتخريب وعي الكوفيين وجعلهم يتخلون عن مناصرة الإمام علي بعد ان يثير الأكاذيب والإشاعات لتشويه صورة أنصار نهج الإمام علي عليه السلام
• واليوم لا يختلف المشهد كثيرا فعمر بن العاص تحول الى فضائيات وصفحات ومواقع تبث تلك الأخبار للكوفيين ( العراقيين عموما ) .. وستجدهم يصفقون لامثال معاوية وعمر بن العاص في اسرائيل وامريكا ..حتى بات بعض الناس يشتم أخاه المسلم ويقف في معسكر الكفر ..بدعوى الوطنية ..!!
فالتأريخ حاضر ونحن لم نتغير كثيرا أيها الأصدقاء