اللاجئون العراقيون.. مأساة إنسانية تنتظر الحل (3/ 4)
مركز دراسات البيئة والصحة
تقارير دولية: العراقيون حصلوا على القليل من المساعدة من الحكومة المصرية
وتأتي الإجراءات المصرية في تناقض واضح وصريح مع تأكيدات المسئولون المصريون أنفسهم حرص القاهرة على تقديم كافة التسهيلات الخاصة باللاجئين العراقيين فى مصر. وقال السفير محمد بدر الدين مساعد وزير الخارجية المصرى للشئون العربية أن هناك اتفاق تم التوصل إليه خلال الاجتماع الوزارى الموسع لدول الجوار مع العراق في اسطنبول مؤخرا على تأسيس آلية تضم دول جوار العراق الموسع والدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن والدول الثمان الصناعية الكبرى مشيرا الى أن هذه الآلية ستلتئم عقب اجراء مفاوضات بشأنها بين الدول الأعضاء فى الفترة القليلة القادمة.
مساعدات الحكومة المصرية للاجئين بالكاد تستطيع أن توفر الدعم حتى لمواطنيها
وأضاف السفير ان هناك عرضا من الأمم المتحدة لمساعدة الحكومة العراقية على انشاء وحدة أو آلية دعم تابعة لوزارة الخارجية العراقية موضحا أنه سيتم التباحث بشأن هذا العرض وبلورته خلال اجتماع يعقد قريبا بهدف مساعدة الحكومة العراقية من أجل التنسيق اللازم مع دول الجوار الموسع فيما يتعلق بالمجالات المختلفة التى ستعمل فيها اللجان الثلاث المنبثقة عن اجتماع دول الجوار الموسع مع العراق وهى النازحين والتنسيق الأمنى والطاقة.
هيومان رايتس ووتش: مئات الآلاف من العراقيين الذين يعيشون في الأردن يواجهون خطراً يومياً
الأردن
وفيما يتعلق بأوضاع اللاجئين في الأردن، قالت هيومن رايتس ووتش في تقريرهاٍ العام الماضي أن مئات الآلاف من العراقيين الذين يعيشون في الأردن يواجهون خطراً يومياً يتمثل في الاعتقال والغرامة والترحيل لأن الحكومة تعاملهم معاملة مهاجرين غير شرعيين بدلاً من معاملتهم كلاجئين.
فمنذ بدء الحرب في العراق عام 2003، نزح عن البلاد أكثر من مليون عراقي، لكن أياً من البلدان المجاورة لا يعترف بهم كلاجئين رغم أن المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة دعت هذه البلدان إلى توفير الحماية المؤقتة لهم. وكانت الحكومة الأردنية تبدي تسامحاً إزاء أكثر من 500 ألف عراقي يعيشون في الأردن حتى تفجيرات عمان في نوفمبر 2005، والتي دفعت الحكومة إلى اعتقال العراقيين الذين لا يتمتعون بإقامةٍ قانونية وتقوم بترحيلهم. وهي الآن ترفض دخول كثير من العراقيين عند الحدود.
ويتحدث العراقيون بقلق عن حافلات الشرطة البيضاء التي تسير في شوارع عمان العاصمة بحثا عن العراقيين المقيمين بشكل غير شرعي فيها، حيث يتم اعتقالهم ثم إرسالهم الى العراق ليواجهوا مصيرا مجهولا.
وقامت وزارة التخطيط والتعاون الدولي بتوقيع اتفاقية مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) وذلك لتأمين الاحتياجات الأساسية للمقيمين في مخيميّ الرويشد والكرامة الواقع ضمن المنطقة العازلة بين البلدين. وبقصد تحسين مستوى الخدمات المقدمة للاجئين وتوفير الحماية الأمنية فقد تم دمج مخيم الكرامة مع مخيم الرويشد الواقع ضمن الأراضي الأردنية.
ويقع مخيم الرويشد شرق مدينة الرويشد بحوالي ستة عشر كيلو متراً وبمساحة إجمالية 700 دونم، ويحاط بسياج عازل وحماية أمنية من قبل رجال البادية، وتبلغ طاقته الاستيعابية 5000 لاجئ، علماً بأن عدد المتواجدين حالياً في المخيم حوالي 138 بالإضافة إلى 743 لاجئ تم ترحيلهم من مخيم الكرامة.
معظم اللاجئين في الأردن يخشون الاعتقال والغرامة والترحيل لتتحول مخيماتهم إلى سجون مفتوحة
ورغم جهود السلطات الأردنية في توفير المتطلبات الأساسية للاجئين العراقيين، إلا أن أوضاعهم الإنسانية في تردي مستمر، حيث يخشى كثير من العراقيين، الذين وجدوا من الأردن ملاذا آمنا لهم ، خاصة انهم يعملون بدون تصاريح عمل من ان تعمد السلطات الأردنية الى إبعادهم الى بلدهم ، فهناك من العراقيين الفقراء او الذين يعملون في محال تجارية بدون تصريح عمل او يعملون في أعمال الإنشاءات او غيرها من الاعمال التي يعزف الاردنيون عنها حيث يعيش هؤلاء في مناطق فقيرة شرق عمان لان كلفة الحياة المعيشية مقبولة حيث اصبح هؤلاء ينافسون القوى العاملة المصرية المتواجدة في الاردن والتي تصل الى اكثر من 200 الف عامل.
وحسب القانون فان اقامة الغالبية العظمى من العراقيين في الاردن تعتبر غير شرعية، حيث لا يمنحون تصاريح عمل وسمحت لهم السلطات الاردنية اخيرا بتسجيل اطفالهم في المدارس والتمتع بالخدمات الصحية بعد ان كانت هذه الخدمة موقوفة عليهم.نتيجة لذلك يجد العراقيون صعوبات كبيرة في توفير لقمة العيش في بلد غريب، خصوصا عندما تبدأ مدخراتهم بالنفاد.
وتشير صحيفة الجارديان البريطانية في تقرير لها ان احياء في العاصمة الاردنية تزدحم بالاغنياء واللاجئين العراقيين، حيث تتسيد اللهجة العراقية الكثير من احياء العاصمة الراقية، ام اذينة وعبدون، والحي الاخير، يشير اليه السكان بنوع من المرح انه الاعظمية. ونقلت الصحيفة عن لاجئة عراقية قولها ان العراقيين الذين يعيشون في الاحياء الراقية معظمهم اثرياء او نهبوا اموالا من العراق وتعد نفسها محظوظة لانها حصلت علي اقامة وعمل، مقابل الآلاف من العراقيين الذين يعيشون حياة قاسية. وتقدر الإحصائيات عدد اللاجئين العراقيين في عمان بحوالي 700 الف، مع ان ارقاما تضعهم قريبا من المليون. ونقلت عن عدد من القادمين الجدد، الذين ينقلون اخبارا مثيرة عن العراق، حيث تقول عائلة عراقية انها حضرت لعلاج ابنها، لان وزارة الصحة، تسيطر عليها الجماعات الشيعية. وفي غرفة مظلمة في حي فقير يقابل صحافي الجارديان سيدة عراقية تعاني من مرض القلب وبناتها الثلاث المشلولات، حيث تشكو من قلة المال لعلاجهن وتقول انها تفكر بوضعهن امام السفارة البريطانية في عمان حيث ستقوم بارسالهن لرئيس الوزراء البريطاني في تعليق ساخر.
580 لاجئاً عراقياً في السجن منهم نحو 422 شخصاً أنهوا فترة العقوبة
أوضاع سيئة
وتقول عاملة اجتماعية ان السيدة العراقية وبناتها هن الضحايا المخفيون لكارثة العراق. وتقول ان الامريكيين لا يقولون ان التعليم والصحة كان مجانين في عهد صدام، فقد يقولون انه كان يقتل شعبه. ووضع اللاجئين العراقيين في الاردن يعكس الوضع الاجتماعي، فالاغنياء يستطيعون تدبير امورهم ومواصلة نشاطاتهم التجارية، والفقراء يمكنهم النجاة من خلال العمل في مهن متفرقة ولكن الذين يعانون هم المهنيون واصحاب الكفاءات والذين لا يستطيعون الحصول علي عمل ويواجهون خطر الترحيل. وتحكي الصحيفة قصصا كثيرة عن معاناة هذه الطبقة حيث يواجه من يعمل في مهن غير قانونية الترحيل. ومع ان الحكومة الاردنية تعاونت مع اللاجئين الا ان اوضاعهم ساءت ونظرة المجتمع لهم ايضا تغيرت خاصة بعد التفجيرات التي استهدفت عددا من الفنادق في العاصمة، عمان. وقالت الصحيفة ان موضوع اللاجئين حساس في الاردن، ولهذا السبب فان وكالة اللاجئين عبرت عن احباطها من الحكومة الاردنية التي لم تقم بدراسة ومسح اعداد اللاجئين العراقيين في الاردن. واشارت الي ان مستوى الضغوط الاقتصادية في تصاعد، مع زيادة اسعار المحروقات والبيوت، ومعظم ابناء اللاجئين العراقيين لا يذهبون للمدارس والذين يذهبون منهم يتعرضون للسخرية. ويخشي الكثير من سكان العاصمة ان يتم استيراد العنف الطائفي للاردن، كما ان عمليات التطهير المتزايدة في بغداد، قد تؤدي لموجـــات جديدة من المهاجرين.
ولاحظت ان درجات من الضيق تظهر من الجانبين فالكثير من الاردنيين يلقون باللائمة علي الاغنياء العراقيين الذين ساهموا في رفع اسعار البيوت، والعراقيون يقولون انهم كانوا يعاملون بطريقة جيدة ايام عهد صدام، اما الآن فالعراقيون يتعرضون للاهانة.
وتضيف الصحيفة أنه بالنسبة لمكتب مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين في عمان ، يعي مخاوف الاردنيين وهي مخاوف حقيقية ومشروعة على الامن في هذه البلاد، كما تخشى السلطات الاردنية من احتمال انفراط لحمة المجتمع الاردني. فمن غير المقبول – لا في الاردن ولا في غيره – ان يسمح لهذا العدد الهائل من اللاجئين الذي يعادل 15 %من مجموع سكان البلاد بالبقاء فيها بشكل دائم.” فبينما تنفق الولايات المتحدة مليارات الدولارات شهريا على الحرب في العراق، لا تتجاوز ميزانية المفوضية العليا للاجئين الـ 60 مليون دولار للعام الحالي – وهو ضعف ما كانت تتقاضاه في العام الماضي.
وحتى الآن، كان الاردن وحلفاؤه في الغرب يرون انه في مصلحتهم التقليل من وقع مشكلة اللاجئين. فالنزوح العراقي لم يسبب مشاكل جدية في الاردن، الامر الذي يسجل لصالح الطبيعة المضيافة لشعب هذا البلد. فالعراقيون، رغم مشاكلهم، يشعرون بالامتنان للملاذ الآمن الذي يوفره الاردن لهم. وبانعدام الامل في تحسن الحالة في العراق على المدى المنظور، يبدو ان اللاجئين العراقيين سيمكثون في الاردن لفترة قد تطول. وتقول المنظمات الإنسانية والناشطون في المجال الإنساني بأنهم على وعي بقضية اللاجئين العراقيين كما أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تعمل على عدد من المشاريع لتقديم المساعدات إلى أكثر اللاجئين حاجة إليها. وكانت الأمم المتحدة قد أطلقت مؤخراً نداء لجمع مبلغ 84.8 مليون دولار لمساعدة دول مثل الأردن على مواجهة الضغط الاقتصادي الذي يفرضه عليه اللاجئون العراقيون.
8 ملايين عراقي يواجهون مصيرا مجهولا بسبب تردي الأوضاع الأمنية
وتشمل بعض برامج المساعدات تقديم خدمات صحية في المناطق الفقيرة بالإضافة إلى برامج تغذية وخدمات خاصة بالمعاقين في المناطق التي تضم كثافة عالية من اللاجئين العراقيين مثل جبل التاج وماركا وغيرهما من المناطق في شرق عمان.
وفي ظل غياب أي بوادر لتحسن الوضع الأمني في بغداد في المستقبل القريب، يشعر العديد من اللاجئين العراقيين في الأردن بأنهم محتجزون كما يشعر من ينتظر منهم السفر إلى أستراليا وكندا والسويد بالإحباط لطول فترة الانتظار.
ويؤكد الخبراء أن النزوح العراقي إلى الأردن يختلف عن غيره بكونه غير مرئي، فلا معسكرات لاجئين، ولا تجمعات كبيرة للعراقيين – إلا إذا عرفت أين تبحث عنهم. وقد دأب الأردن على السماح للعراقيين بالدخول دون اعتراضات تذكر، ولكن النزوح الجماعي يشكل حملا ثقيلا لهذا البلد الصغير ذي الخمسة ملايين نسمة. وبعد مرور أربع سنوات على الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق من دون أن تظهر في الأفق أية إشارة إلى استتباب الأمن في العراق، فإن علامات الضيق والتبرم بدأت بالظهور في الأردن. وقانونا، تعتبر إقامة الغالبية العظمى من العراقيين في الأردن غير شرعية، حيث لا يمنحون أذون عمل ويصعب عليهم تسجيل أطفالهم في المدارس كما لا يتمتعون بالخدمات الصحية، نتيجة لذلك يجد العراقيون صعوبات كبيرة في توفير لقمة العيش في بلد غريب، خصوصا عندما تبدأ مدخراتهم بالنفاد. وهكذا تغيرت الأحوال، وأصبح اللاجئون العراقيون الذين يعيشون في الأردن يواجهون خطراً يومياً يتمثل في الاعتقال والغرامة والترحيل لأن الحكومة تعاملهم معاملة مهاجرين غير شرعيين بدلاً من معاملتهم كلاجئين. وقد كانت الحكومة الأردنية تبدي تسامحاً إزاء أكثر من 500 ألف عراقي يعيشون في الأردن حتى تفجيرات عمان في تشرين الثاني 2005، والتي دفعت الحكومة إلى اتخاذ إجراءات أمنية ضد العراقيين الذين لا يتمتعون بإقامة قانونية وتقوم بترحيلهم، وهي الآن ترفض دخول كثير من العراقيين عند الحدود. ويتحدث العراقيون بقلق عن حافلات الشرطة البيضاء التي تسير في شوارع عمان العاصمة بحثا عن العراقيين المقيمين بشكل غير شرعي فيها. كما يعاني الطلبة العراقيون مسألة معادلة سنوات دراستهم بالعراق، والمشكلة أكثر ظهورا في التعليم العالي أكثر منه في التعليم الأساس، وفي الكليات العملية أكثر من النظرية.
الولايات المتحدة وبريطانيا تنكران مسئوليتهما عن مأساة اللاجئين
لبنان
يشكل اللاجئون العراقيون في لبنان ما نسبته تسعين في المائة من اللاجئين باستثناء الفلسطينيين، حيث تشير الأرقام غير الرسمية الى وجود ما بين 20 – 40 ألف لاجئ عراقي في لبنان، يمرون بمأساة حقيقية جراء مجموعة من السياسات التي تنتهجها الحكومة تجاههم منها: عدم السماح للأولاد العراقيين بارتياد المدارس العامة إطلاقا، إلى جانب أن العديد منهم يعيشون في فقر مدقع، ناهيك عن غياب الرعاية الصحية.
وما يزيد من المأساة، أنه كان في السابق يحصل اللاجئون على وثائق وبطاقات من المفوضية العليا للاجئين، تسمح لهم بالإقامة في لبنان والحصول على مساعدة حتى يتمكنوا من الحصول على موافقة للهجرة إلى بلد آخر،أما الآن فالأحوال تغيرت واصبح من العسير الحصول على تلك البطاقات، بحجة عدم وجود تعاون رسمي بين الدولتين اللبنانية والعراقية لحل هذه المسألة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لم تعد تلك الدول المضيفة، في ظل الضغوط المتواصلة على مواردها المحدودة، قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين والتخفيف من معاناتهم، لذا تشرع هذه الدول بين الحين ولآخر بإغلاق حدودها في وجه النساء والأطفال الهاربين من جحيم العراق.وإزاء ذلك علينا طرح السؤال المتعلق بتحديد المسئولية عن هذه الكارية الإنسانية ؟؟؟. حيث قالت منظمة حقوق الإنسان الدولية أن كل من الولايات المتحدة وبريطانيا تتحملان مسؤولية خاصة لمساعدة المهجرين العراقيين داخل العراق وخارجه. وأوضح مدير شؤون اللاجئين بالمنظمة أن البلدين شنا حرباً أدت الى مقتل الآلاف، ونشر الخوف والمعاناة والتهجير.
ويؤكد محللون أنه على غرار باقي المشاكل في العراق، فقد فشلت الإدارة الأميركية مرة أخرى في إدراك الحجم الحقيقي لمعضلة اللاجئين والمبادرة إلى صوغ سياسة قادرة على معالجتها، لا سيما أن الولايات المتحدة لم تستقبل في العام الماضي سوى 202 لاجئ ، وتعتزم أن تستقبل نفس العدد في العام الحالي، وهي جهود لا تكفي أبداً للتخفيف من معاناة العراقيين.
القوى الكبرى تسعى لتوطينهم بدلا من المساعدة في تخفيف معاناتهم
ويؤكد مدير برنامج سياسات اللاجئين في منظّمة «هيومن رايتس ووتش» إنّ الاختيار بين مصيرٍ مروّع وآخر مروّعٍ مثله، ليس فيه أي تخيير. لكن هذا هو الخيار الذي يعرضه لبنان على 580 لاجئاً عراقيّاً قيل لهم أن «يختاروا» بين الشقاء في السجن لأجلٍ غير مسمّى ودون أي أمل في الخروج، أو العودة إلى العراق ومواجهة احتمال الموت.
وقال لاجئ عراقي محتجز في سجن رومية لباحثي المنظمة الدولية “لم يخبرني أحد كم سأبقى في السجن. وإذا لم أقدر على تنظيم وضعي فسوف أعود إلى العراق. وإذا عدت إلى العراق فسوف أُقتَل. لا أريد العودة، لكنّ الأفضل لي أن أعود على أن أقضي يوماً واحداً آخر هنا محبوساً مع المجرمين».