من خطوات الشيطان
*
عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِيرِ (رَحِمَهُ اللَّهُ) أنَّهُ قَالَ :
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (أي الإمام الباقر عليه السلام) فَدَخَلَ عَلَيْهِ حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ وَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ ، فَلَمَّا هَمَّ حُمْرَانُ بِالْقِيَامِ قَالَ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : أُخْبِرُكَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ لَنَا وَأَمْتَعَنَا بِكَ ، أَنَّا نَأْتِيكَ فَمَا نَخْرُجُ مِنْ عِنْدِكَ حَتَّى تَرِقَّ قُلُوبُنَا وَتَسْلُوَ أَنْفُسُنَا عَنِ الدُّنْيَا وَيَهُونَ عَلَيْنَا مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ ، ثُمَّ نَخْرُجُ مِنْ عِنْدِكَ فَإِذَا صِرْنَا مَعَ النَّاسِ وَالتُّجَّارِ أَحْبَبْنَا الدُّنْيَا ؟!
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : إِنَّمَا هِيَ الْقُلُوبُ مَرَّةً تَصْعُبُ وَمَرَّةً تَسْهُلُ ، أَمَا إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَخَافُ عَلَيْنَا النِّفَاقَ ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَلِمَ تَخَافُونَ ذَلِكَ؟
قَالُوا إِذَا كُنَّا عِنْدَكَ فَذَكَّرْتَنَا وَرَغَّبْتَنَا وَجِلْنَا وَنَسِينَا الدُّنْيَا وَزَهِدْنَا حَتَّى كَأَنَّا نُعَايِنُ الْآخِرَةَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَنَحْنُ عِنْدَكَ ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ وَدَخَلْنَا هَذِهِ الْبُيُوتَ وَشَمِمْنَا الْأَوْلَادَ وَرَأَيْنَا الْعِيَالَ وَالْأَهْلَ يَكَادُ أَنْ نُحَوَّلَ عَنِ الْحَالِ الَّتِي كُنَّا عَلَيْهَا عِنْدَكَ ، وَحَتَّى كَأَنَّا لَمْ نَكُنْ عَلَى شَيْءٍ ! أَفَتَخَافُ عَلَيْنَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ نِفَاقاً ؟
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : كَلَّا ! إِنَّ هَذِهِ خُطُوَاتُ الشَّيْطَانِ فَيُرَغِّبُكُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَاللَّهِ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي وَصَفْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِهَا لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ وَمَشَيْتُمْ عَلَى الْمَاءِ ، وَلَوْ لَا أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ فَتَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَخَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً حَتَّى يُذْنِبُوا ثُمَّ يَسْتَغْفِرُوا اللَّهَ فَيَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ .
إِنَّ الْمُؤْمِنَ مُفَتَّنٌ تَوَّابٌ ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ .
وَقَوْله تَعَالَى : ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ .
*
المصدر : (الكافي : ج2، ص423.)