وصف موت الكافروحاله بعد موته
*
عن الإمام الباقر محمد بن علي (صلوات الله وسلامه عليه) قال :
إِذَا أَرَادَ اللَّهُ قَبْضَ رُوحِ الْكَافِرِ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ :
يَا مَلَكَ الْمَوْتِ انْطَلِقْ أَنْتَ وَأَعْوَانُكَ إِلَى عَدُوِّي ، فَإِنِّي قَدِ ابْتَلَيْتُهُ فَأَحْسَنْتُ الْبَلَاءَ وَدَعَوْتُهُ إِلَى دَارِ السَّلَامِ فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَشْتِمَنِي وَكَفَرَ بِي وَبِنِعْمَتِي عَلَى عَرْشِي ، فَاقْبِضْ رُوحَهُ حَتَّى تَكُبَّهُ فِي النَّارِ .
فَيَجِيئُهُ مَلَكُ الْمَوْتِ بِوَجْهٍ كَرِيهٍ كَالِحٍ عَيْنَاهُ كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ وَصَوْتُهُ كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ ، لَوْنُهُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ نَفَسُهُ كَلَهَبِ النَّارِ رَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَرِجْلٌ فِي الْمَشْرِقِ وَرِجْلٌ فِي الْمَغْرِبِ وَقَدَمَاهُ فِي الْهَوَاءِ ، مَعَهُ سَفُّودٌ كَثِيرُ الشُّعَبِ مَعَهُ خَمْسُمِائَةِ مَلَكٍ مَعَهُمْ سِيَاطٌ مِنْ قَلْبِ جَهَنَّمَ ، تَلْتَهِبُ تِلْكَ السِّيَاطُ وَهِيَ مِنْ لَهَبِ جَهَنَّمَ وَمَعَهُمْ مِسْحٌ أَسْوَدُ وَجَمْرَةٌ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ ، ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مَلَكٌ مِنْ خُزَّانِ جَهَنَّمَ يُقَالُ لَهُ سَحْقَطَائِيلُ فَيَسْقِيهِ شَرْبَةً مِنَ النَّارِ لَا يَزَالُ مِنْهَا عَطْشَاناً حَتَّى يَدْخُلَ النَّارَ ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ شَخَصَ بَصَرُهُ وَطَارَ عَقْلُهُ ، قَالَ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ ارْجِعُونِي . فَيَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ‏ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها فَيَقُولُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ فَإِلَى مَنْ أَدَعُ مَالِي وَأَهْلِي وَوُلْدِي وَعَشِيرَتِي وَمَا كُنْتُ فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا ؟!!! فَيَقُولُ دَعْهُمْ لِغَيْرِكَ وَاخْرُجْ إِلَى النَّارِ ...
فَيَضْرِبُهُ بِالسَّفُّودِ ضَرْبَةً فَلَا يَبْقَى مِنْهُ شُعْبَةٌ إِلَّا أَنْشَبَهَا فِي كُلِّ عِرْقٍ وَمَفْصِلٍ ، ثُمَّ يَجْذِبُهُ جَذْبَةً فَيَسُلُّ رُوحَهُ مِنْ قَدَمَيْهِ بَسْطاً ، فَإِذَا بَلَغَتِ الرُّكْبَتَيْنِ أَمَرَ أَعْوَانَهُ فَأَكَبُّوا عَلَيْهِ بِالسِّيَاطِ ضَرْباً ، ثُمَّ يَرْفَعُهُ عَنْهُ فَيُذِيقُهُ سَكَرَاتِهِ وَغَمَرَاتِهِ قَبْلَ خُرُوجِهَا كَأَنَّمَا ضَرَبَ بِأَلْفِ سَيْفٍ ... فَلَوْ كَانَ لَهُ قُوَّةُ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَاشْتَكَى كُلُّ عِرْقٍ مِنْهُ عَلَى حِيَالِهِ بِمَنْزِلَةِ سَفُّودٍ كَثِيرِ الشُّعَبِ أُلْقِيَ عَلَى صُوفٍ مُبْتَلٍّ ... ثُمَّ يُطَوِّقُهُ فَلَمْ يَأْتِ عَلَى شَيْ‏ءٍ إِلَّا انْتَزَعَهُ .
كَذَلِكَ خُرُوجُ نَفْسِ الْكَافِرِ مِنْ عِرْقٍ وَعُضْوٍ وَمَفْصِلٍ وَشَعْرَةٍ فَإِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ‏ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ وَدُبُرَهُ وَقِيلَ‏ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ‏ ...
وَذَلِكَ قَوْلُهُ‏ تَعَالَى : ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى‏ يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً﴾ فَيَقُولُونَ حَرَاماً عَلَيْكُمُ الْجَنَّةُ مُحَرَّماً .
وَتَخْرُجُ رُوحُهُ فَيَضَعُهَا مَلَكُ الْمَوْتِ بَيْنَ مِطْرَقَةٍ وَسِنْدَانٍ ، فَيَفْضَخُ أَطْرَافَ أَنَامِلِهِ وَآخَرُ مَا يُشْدَخُ مِنْهُ الْعَيْنَانِ ، فَيُسْطَعُ لَهَا رِيحٌ مُنْتِنٌ يَتَأَذَّى مِنْهُ أَهْلُ السَّمَاءِ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ فَيَقُولُونَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهَا مِنْ رُوحٍ كَافِرَةٍ مُنْتِنَةٍ خَرَجَتْ مِنَ الدُّنْيَا ، فَيَلْعَنُهُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُ اللَّاعِنُونَ ...
فَإِذَا أُتِيَ بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا أُغْلِقَتْ عَنْهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ﴿لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ﴾ .‏ فَيَقُولُ اللَّهُ رُدُّوهَا عَلَيْهِ فَمِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ‏ تارَةً أُخْرى ...
فَإِذَا حُمِلَ سَرِيرُهُ حَمَلَتْ نَعْشَهُ الشَّيَاطِينُ ، فَإِذَا انْتَهَوْا بِهِ إِلَى قَبْرِهِ قَالَتْ كُلُّ بُقْعَةٍ مِنْهَا اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ فِي بَطْنِي حَتَّى يُوضَعَ فِي الْحُفْرَةِ الَّتِي قَضَاهَا اللَّهُ فَإِذَا وُضِعَ فِي لَحْدِهِ قَالَتْ لَهُ الْأَرْضُ لَا مَرْحَباً بِكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أُبْغِضُكَ وَأَنْتَ عَلَى مَتْنِي ، وَأَنَا لَكَ الْيَوْمَ أَشَدُّ بُغْضاً وَأَنْتَ فِي بَطْنِي ، أَمَا وَعِزَّةِ رَبِّي لَأَسِيئَنَّ جِوَارَكَ وَلَأُضِيقَنَّ مَدْخَلَكَ وَلَأُوحِشَنَّ مَضْجَعَكَ وَلَأُبْدِلَنَّ مَطْعَمَكَ ، إِنَّمَا أَنَا رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّيرَانِ ...
ثُمَّ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ وَنَكِيرٌ وَهُمَا مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يَبْحَثَانِ الْقَبْرَ بِأَنْيَابِهِمَا وَيَطَئَانِ فِي شُعُورِهِمَا حَدَقَتَاهُمَا مِثْلُ قِدْرِ النُّحَاسِ ، وَكَلَامُهُمَا مِثْلُ الرَّعْدِ الْقَاصِفِ وَأَبْصَارُهُمَا مِثْلُ الْبَرْقِ اللَّامِعِ ، فَيَنْتَهِرَانِهِ وَيَصِيحَانِ بِهِ فَيَتَقَلَّصُ نَفْسُهُ حَتَّى يَبْلُغَ حَنْجَرَتَهُ ، فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ وَمَا دِينُكَ وَمَنْ نَبِيُّكَ وَمَنْ إِمَامُكَ ؟؟؟ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي ! فَيَقُولَانِ شَاكٌّ فِي الدُّنْيَا وَشَاكٌّ الْيَوْمَ ! ، لَا دَرَيْتَ وَلَا هُدِيتَ ... فَيَضْرِبَانِهِ ضَرْبَةً فَلَا يَبْقَى فِي الْمَشْرِقِ وَلَا فِي الْمَغْرِبِ شَيْ‏ءٌ إِلَّا سَمِعَ صَيْحَتَهُ إِلَّا الْجِنُّ وَالْإِنْسُ ، فَمِنْ شِدَّةِ صَيْحَتِهِ يَلُوذُ الْحِيتَانُ بِالطِّينِ ، وَيَنْفِرُ الْوَحْشُ فِي الْخِيَاسِ ، وَلَكِنَّكُمْ لَا تَعْلَمُونَ ...
ثُمَّ يُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيْهِ حَيَّتَيْنِ سَوْدَاوَتَيْنِ زَرْقَاوَتَيْنِ تُعَذِّبَانِهِ بِالنَّهَارِ خَمْسَ سَاعَاتٍ وَبِاللَّيْلِ سِتَّ سَاعَاتٍ ، لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَخْفِي مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفِي مِنَ اللَّهِ‏ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ‏ ...ثُمَّ يُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكَيْنِ أَصَمَّيْنِ أَعْمَيَيْنِ ، مَعَهُمَا مِطْرَقَتَانِ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ نَارٍ ، يَضْرِبَانِهِ فَلَا يُخْطِئَانِهِ‏ وَيَصِيحُ فَلَا يَسْمَعَانِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ... فَإِذَا كَانَتْ صَيْحَةُ الْقِيَامَةِ اشْتَعَلَ قَبْرُهُ نَاراً فَيَقُولُ لِيَ الْوَيْلُ إِذَا اشْتَعَلَ قَبْرِي نَاراً ... فَيُنَادِي مُنَادٍ أَلَا الْوَيْلُ قَدْ دَنَا مِنْكَ وَالْهَوَانُ ، قُمْ مِنْ نِيرَانِ الْقَبْرِ إِلَى نِيرَانٍ لَا تُطْفَأُ ...
فَيَخْرُجُ مِنْ قَبْرِهِ مُسْوَدّاً وَجْهُهُ مُزْرَقَّةً عَيْنَاهُ قَدْ طَالَ خُرْطُومُهُ وَكُسِفَ بَالُهُ مُنَكَّساً رَأْسُهُ ، يُسَارِقُ النَّظَرَ فَيَأْتِيهِ عَمَلُهُ الْخَبِيثُ فَيَقُولُ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا كُنْتَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ مُبْطِئاً وَإِلَى مَعْصِيَتِهِ مُسْرِعاً ، قَدْ كُنْتَ تَرْكَبُنِي فِي الدُّنْيَا فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَرْكَبَكَ الْيَوْمَ كَمَا كُنْتَ تَرْكَبُنِي ، وَأَقُودُكَ إِلَى النَّارِ ...
ثُمَّ يَسْتَوِي عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَيَرْكَلُ قَفَاهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى عَجُزَةِ جَهَنَّمَ ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ قَدِ اسْتَعَدُّوا لَهُ بِالسَّلَاسِلِ وَالْأَغْلَالِ قَدْ عَضُّوا عَلَى شِفَاهِهِمْ مِنَ الْغَيْظِ وَالْغَضَبِ فَيَقُولُ يَا وَيْلَتَى‏ لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ‏ ... وَيُنَادِي الْجَلِيلُ جِيئُوا بِهِ إِلَى النَّارِ ...
فَصَارَتِ الْأَرْضُ تَحْتَهُ نَاراً وَالشَّمْسُ فَوْقَهُ نَاراً وَجَاءَتْ نَارٌ فَأَحْدَقَتْ بِعُنُقِهِ ، فَنَادَى وَبَكَى طَوِيلًا يَقُولُ وَااا عُقْبَاهُ ... فَتُكَلِّمُهُ النَّارُ فَتَقُولُ أَبْعَدَ اللَّهُ عَقِبَيْكَ عَقِباً مِمَّا أَعْقَبْتَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ...
ثُمَّ تَجِي‏ءُ صَحِيفَةٌ تَطِيرُ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ وَتَقَعُ فِي شِمَالِهِ ، ثُمَّ يَأْتِيهِ مَلَكٌ فَيَثْقُبُ صَدْرَهُ إِلَى ظَهْرِهِ ، ثُمَّ يَفْتِلُ شِمَالَهُ إِلَى خَلْفِ ظَهْرِهِ ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ‏ اقْرَأْ كِتابَكَ‏ . فَيَقُولُ أَيُّهَا الْمَلَكُ كَيْفَ أَقْرَأُ وَجَهَنَّمُ أَمَامِي ؟! فَيَقُولُ اللَّهُ دُقَّ عُنُقَهُ وَاكْسِرْ صُلْبَهُ وَشُدَّ نَاصِيَتَهُ إِلَى قَدَمَيْهِ ...
ثُمَّ يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ‏ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ‏ ... فَيَبْتَدِرُهُ لِتَعْظِيمِ قَوْلِ اللَّهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ‏ غِلاظٌ شِدادٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتِفُ لِحْيَتَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْطِمُ عِظَامَهُ ، فَيَقُولُ أَ مَا تَرْحَمُونِّي ...فَيَقُولُونَ يَا شَقِيُّ كَيْفَ نَرْحَمُكَ ؟ وَلَا يَرْحَمُكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ! أَ فَيُؤْذِيكَ هَذَا ؟ فَيَقُولُ أَشَدَّ الْأَذَى . فَيَقُولُونَ يَا شَقِيُّ وَكَيْفَ لَوْ قَدْ طَرَحْنَاكَ فِي النَّارِ ؟!
فَيَدْفَعُهُ الْمَلَكُ فِي صَدْرِهِ دَفْعَةً فَيَهْوِي سَبْعِينَ أَلْفَ عَامٍ ، فَيَقُولُونَ‏ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ... فَيَقْرِنُ مَعَهُ حَجَرٌ عَنْ يَمِينِهِ وَشَيْطَانٌ عَنْ يَسَارِهِ حَجَرُ كِبْرِيتٍ مِنْ نَارٍ يَشْتَعِلُ فِي وَجْهِهِ ، وَيَخْلُقُ اللَّهُ لَهُ سَبْعِينَ جِلْداً كُلُّ جِلْدٍ غِلْظَتُهُ أَرْبَعُونَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِ الْمَلَكِ الَّذِي يُعَذِّبُهُ ، وَبَيْنَ الْجِلْدِ إِلَى الْجِلْدِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعاً ، وَبَيْنَ الْجِلْدِ إِلَى الْجِلْدِ حَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ مِنْ نَارٍ ، وَدِيدَانٌ مِنْ نَارٍ ، رَأْسُهُ مِثْلُ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ ، وَفَخِذَاهُ مِثْلُ جَبَلِ وَرِقَانَ‏ وَهُوَ جَبَلٌ بِالْمَدِينَةِ ، مِشْفَرُهُ أَطْوَلُ مِنْ مِشْفَرِ الْفِيلِ ، فَيَسْحَبُهُ سَحْباً وَأُذُنَاهُ عَضُوضَانِ بَيْنَهُمَا سُرَادِقٌ مِنْ نَارٍ تَشْتَعِلُ ، قَدِ أَطْلَعَتِ النَّارُ مِنْ دُبُرِهِ عَلَى فُؤَادِهِ ، فَلَا يَبْلُغُ دُوَيْنَ بُنْيَانِهِمَا حَتَّى يُبَدَّلَ لَهُ سَبْعُونَ سِلْسِلَةً لِلسِّلْسِلَةِ سَبْعُونَ ذِراعاً مَا بَيْنَ الذِّرَاعِ إِلَى الذِّرَاعِ حَلَقٌ عَدَدَ الْقَطْرِ وَالْمَطَرِ ، لَوْ وُضِعَتْ حَلْقَةٌ مِنْهَا عَلَى جِبَالِ الْأَرْضِ لَأَذَابَتْهَا .
وَعَلَيْهِ سَبْعُونَ سِرْبَالًا مِنْ قَطِرانٍ‏ مِنْ نَارٍ ، وَتَغْشى‏ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ، وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ مِنْ نَارٍ ، وَلَيْسَ فِي جَسَدِهِ مَوْضِعُ فِتْرٍ إِلَّا وَفِيهِ حَلْقَةٌ مِنْ نَارٍ وَفِي رِجْلَيْهِ قُيُودٌ مِنْ نَارٍ ، عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ سِتُّونَ ذِرَاعاً مِنْ نَارٍ ، قَدْ نُقِبَ رَأْسُهُ ثَلَاثَ مِائَةٍ وَسِتِّينَ نَقْباً ، يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ النَّقْبِ الدُّخَانُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، وَقَدْ غَلَى مِنْهَا دِمَاغُهُ حَتَّى يَجْرِيَ عَلَى كَتِفَيْهِ يَسِيلُ مِنْهَا ثَلَاثُمِائَةِ نَهَرٍ وَسِتُّونَ نَهَراً مِنْ صَدِيدٍ يَضِيقُ عَلَيْهِ مَنْزِلُهُ ،كَمَا يَضِيقُ الرُّمْحُ فِي الزُّجِّ ، فَمِنْ ضِيقِ مَنَازِلِهِمْ عَلَيْهِمْ وَمِنْ رِيحِهَا وَشِدَّةِ سَوَادِهَا وَزَفِيرِهَا وَشَهِيقِهَا وَتَغَيُّظِهَا وَنَتْنِهَا اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ وَعَظُمَتْ دِيدَانُهُمْ ، فَيَنْبُتُ لَهَا أَظْفَارٌ كَأَظْفَارِ السِّنَّوْرِ وَالْعِقْبَانِ تَأْكُلُ لَحْمَهُ وَتَقْرِضُ عِظَامَهُ وَتَشْرَبُ دَمَهُ ، لَيْسَ لَهُنَّ مَأْكَلٌ وَلَا مَشْرَبٌ غَيْرُهُ ...
ثُمَّ يُدْفَعُ فِي صَدْرِهِ دَفْعَةً فَيَهْوِي عَلَى رَأْسِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ عَامٍ حَتَّى يُوَاقِعَ الْحُطَمَةَ ، فَإِذَا وَاقَعَهَا دَقَّتْ عَلَيْهِ وَعَلَى شَيْطَانِهِ ، وَجَاذَبَهُ الشَّيْطَانُ بِالسِّلْسِلَةِ ، كُلَّمَا وَقَعَ رَأْسُهُ نَظَرَ إِلَى قُبْحِ وَجْهِهِ كَلَحَ فِي وَجْهِهِ ، فَيَقُولُ‏ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ‏ وَيْحَكَ بِمَا أَغْوَيْتَنِي احْمِلْ عَنِّي مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ ... فَيَقُولُ يَا شَقِيُّ كَيْفَ أَحْمِلُ عَنْكَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ وَأَنَا وَأَنْتَ الْيَوْمَ‏ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ ؟! ثُمَّ يَضْرِبُ عَلَى رَأْسِهِ ضَرْبَةً فَيَهْوِي سَبْعِينَ أَلْفَ عَامٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى عَيْنٍ يُقَالُ لَهَا آنِيَةٌ . يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى‏ ﴿تُسْقى‏ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ . وَهِيَ عَيْنٌ يَنْتَهِي حَرُّهَا وَطَبْخُهَا وَأُوقِدَ عَلَيْهَا مُذْ خَلَقَ اللَّهُ جَهَنَّمَ كُلُّ أَوْدِيَةِ النَّارِ تَنَامُ وَتِلْكَ الْعَيْنُ لَا تَنَامُ مِنْ حَرِّهَا ، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ يَا مَعْشَرَ الْأَشْقِيَاءِ ادْنُوا فَاشْرَبُوا مِنْهَا . فَإِذَا أَعْرَضُوا عَنْهَا ضَرَبَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ بِالْمَقَامِعِ وَقِيلَ لَهُمْ‏ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ .
ثُمَّ يُؤْتَوْنَ بِكَأْسٍ مِنْ حَدِيدٍ فِيهِ شَرْبَةٌ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ فَإِذَا أُدْنِيَ مِنْهُمْ تَقَلَّصَتْ شِفَاهُهُمْ وَانْتَثَرَتْ لُحُومُ وُجُوهِهِمْ ، فَإِذَا شَرِبُوا مِنْهَا وَصَارَ فِي أَجْوَافِهِمْ‏ يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ ، ثُمَّ يُضْرَبُ عَلَى رَأْسِهِ ضَرْبَةٌ فَيَهْوِي سَبْعِينَ أَلْفَ عَامٍ حَتَّى يُوَاقِعَ السَّعِيرَ ، فَإِذَا وَاقَعَهَا سُعِّرَتْ فِي وُجُوهِهِمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ غُشِيَتْ أَبْصَارُهُمْ مِنْ نَفْحِهَا ثُمَّ يُضْرَبُ عَلَى رَأْسِهِ ضَرْبَةٌ فَيَهْوِي سَبْعِينَ أَلْفَ عَامٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى شَجَرَةِ الزَّقُّومِ‏ . شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ‏ عَلَيْهَا سَبْعُونَ أَلْفَ غُصْنٍ مِنْ نَارٍ فِي كُلِّ غُصْنٍ سَبْعُونَ أَلْفَ ثَمَرَةٍ مِنْ نَارٍ كُلُّ ثَمَرَةٍ كَأَنَّهَا رَأْسُ الشَّيْطَانِ قُبْحاً وَنَتْناً ، تَنْشِبُ عَلَى صَخْرَةٍ مُمَلَّسَةٍ سَوْخَاءَ كَأَنَّهَا مِرْآةٌ زَلِقَةٌ بَيْنَ أَصْلِ الصَّخْرَةِ إِلَى الصَّخْرَةِ سَبْعُونَ أَلْفَ عَامٍ أَغْصَانُهَا تُشْرَبُ مِنْ نَارٍ ثِمَارُهَا نَارٌ وَفُرُوعُهَا نَارٌ .
فَيُقَالُ لَهُ يَا شَقِيُّ اصْعَدْ .! فَكُلَّمَا صَعِدَ زَلِقَ وَكُلَّمَا زَلِقَ صَعِدَ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ سَبْعِينَ أَلْفَ عَامٍ فِي الْعَذَابِ ، وَإِذَا أَكَلَ مِنْهَا ثَمَرَةً يَجِدُهَا أَمَرَّ مِنَ الصَّبِرِ وَأَنْتَنَ مِنَ الْجِيَفِ وَأَشَدَّ مِنَ الْحَدِيدِ ، فَإِذَا وَاقَعَتْ بَطْنَهُ غَلَتْ فِي بَطْنِهِ‏ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ‏ ، فَيَذْكُرُونَ مَا كَانُوا يَأْكُلُونَ فِي دَارِ الدُّنْيَا مِنْ طِيبِ الطَّعَامِ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ تَجْذِبُهُمُ الْمَلَائِكَةُ فَيَهْوَوْنَ دَهْراً فِي ظُلَمٍ مُتَرَاكِبَةٍ ، فَإِذَا اسْتَقَرُّوا فِي النَّارِ سُمِعَ لَهُمْ صَوْتٌ كَصَيْحِ السَّمَكِ عَلَى الْمِقْلَى أَوْ كَقَضِيبِ الْقَصَبِ ، ثُمَّ يَرْمِي بِنَفْسِهِ مِنَ الشَّجَرَةِ فِي أَوْدِيَةٍ مُذَابَةٍ مِنْ صُفْرٍ مِنْ نَارٍ وَأَشَدَّ حَرّاً مِنَ النَّارِ ، تَغْلِي بِهِمُ الْأَوْدِيَةُ وَتَرْمِي بِهِمْ فِي سَوَاحِلِهَا وَلَهَا سَوَاحِلُ كَسَوَاحِلِ بَحْرِكُمْ هَذَا ، فَأَبْعَدُهُمْ مِنْهَا بَاعٌ وَالثَّانِي ذِرَاعٌ وَالثَّالِثُ فِتْرٌ فَتَحْمِلُ عَلَيْهِمْ هَوَامُّ النَّارِ الْحَيَّاتُ وَالْعَقَارِبُ كَأَمْثَالِ الْبِغَالِ الدُّلْمِ ، لِكُلِّ عَقْرَبٍ سِتُّونَ فَقَاراً فِي كُلِّ فَقَارٍ قُلَّةٌ مِنْ سَمٍّ وَحَيَّاتٌ سُودٌ زُرْقٌ مِثَالُ‏ الْبَخَاتِيِّ ، فَيَتَعَلَّقُ بِالرَّجُلِ سَبْعُونَ أَلْفَ حَيَّةٍ وَسَبْعُونَ أَلْفَ عَقْرَبٍ ، ثُمَّ كُبَّ فِي النَّارِ سَبْعِينَ أَلْفَ عَامٍ لَا تُحْرِقُهُ قَدِ اكْتَفَى بِسَمِّهَا ، ثُمَّ تُعَلَّقُ عَلَى كُلِّ غُصْنٍ مِنَ الزَّقُّومِ سَبْعُونَ أَلْفَ رَجُلٍ مَا يَنْحَنِي وَلَا يَنْكَسِرُ ، فَتَدْخُلُ النَّارُ أَدْبَارَهُمْ فَتَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ، تُقَلِّصُ الشِّفَاهَ وَتُطَيِّرُ الْجَنَانَ وَتُنْضِجُ الْجُلُودَ وَتُذَوِّبُ الشُّحُومَ وَيَغْضَبُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ . فَيَقُولُ يَا مَالِكُ قُلْ لَهُمْ ذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً ... يَا مَالِكُ سَعِّرْ سَعِّرْ قَدِ اشْتَدَّ غَضَبِي عَلَى مَنْ شَتَمَنِي عَلَى عَرْشِي وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّي ... وَأَنَا الْمَلِكُ الْجَبَّارُ ...
فَيُنَادِي مَالِكٌ : يَا أَهْلَ الضَّلَالِ وَالِاسْتِكْبَارِ وَالنِّعْمَةِ فِي دَارِ الدُّنْيَا ، كَيْفَ تَجِدُونَ‏ مَسَّ سَقَرَ ؟
فَيَقُولُونَ قَدْ أَنْضَجَتْ قُلُوبَنَا وَأَكَلَتْ لُحُومَنَا وَحَطَمَتْ عِظَامَنَا فَلَيْسَ لَنَا مُسْتَغِيثٌ وَلَا لَنَا مُعِينٌ .
فَيَقُولُ مَالِكٌ وَعِزَّةِ رَبِّي لَا أَزِيدُكُمْ إِلَّا عَذَاباً .
فَيَقُولُونَ إِنْ عَذَّبَنَا رَبُّنَا لَمْ يَظْلِمْنَا شَيْئاً .
فَيَقُولُ مَالِكٌ‏ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ . يَعْنِي بُعْداً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ .
ثُمَّ يَغْضَبُ الْجَبَّارُ فَيَقُولُ يَا مَالِكُ سَعِّرْ سَعِّرْ ، فَيَغْضَبُ مَالِكٌ فَيَبْعَثُ عَلَيْهِمْ سَحَابَةً سَوْدَاءَ تُظِلُّ أَهْلَ النَّارِ كُلَّهُمْ ثُمَّ يُنَادِيهِمْ فَيَسْمَعُهَا أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ وَأَدْنَاهُمْ فَيَقُولُ مَاذَا تُرِيدُونَ إِنْ أَمْطَرَكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ الْمَاءَ الْبَارِدَ ... وَااا عَطَشَاهْ ... وَااا طُولَ هَوَانَاهْ... فَيُمْطِرُهُمْ حِجَارَةً وَكَلَالِيبَ وَخَطَاطِيفَ وَغِسْلِيناً وَدِيدَاناً مِنْ نَارٍ ، فَيُنْضِجُ وُجُوهَهُمْ وَجِبَاهَهُمْ وَيُعْمِي أَبْصَارَهُمْ وَيَحْطِمُ عِظَامَهُمْ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُنَادُونَ وَا ثُبُورَاهْ ...
فَإِذَا بَقِيَتِ الْعِظَامُ عَوَارِيَ مِنَ اللُّحُومِ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ فَيَقُولُ يَا مَالِكُ اسْجُرْهَا عَلَيْهِمْ كَالْحَطَبِ فِي النَّارِ ، ثُمَّ يَضْرِبُ أَمْوَاجَهَا أَرْوَاحَهُمْ سَبْعِينَ خَرِيفاً فِي النَّارِ ثُمَّ يُطْبِقُ عَلَيْهِمْ أَبْوَابَهَا مِنَ الْبَابِ إِلَى الْبَابِ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، وَغِلَظُ الْبَابِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، ثُمَّ يَجْعَلُ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثِ تَوَابِيتَ مِنْ حَدِيدٍ مِنَ النَّارِ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ فَلَا يَسْمَعُ لَهُمْ كَلَاماً أَبَداً ، إِلَّا أَنَ‏ لَهُمْ فِيها شَهِيقٌ‏ كَشَهِيقِ الْبِغَالِ ، وَزَفِيرٌ مِثْلُ نَهِيقِ الْحَمِيرِ ، وَعُوَاءٌ كَعُوَاءِ الْكِلَابِ‏ ، صُمٌ‏ بُكْمٌ عُمْيٌ‏ ، فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهَا كَلَامٌ إِلَّا أَنِينٌ فَيُطْبَقُ عَلَيْهِمْ أَبْوَابُهَا وَيُسَدُّ عَلَيْهِمْ عَمَدُهَا فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ رَوْحٌ أَبَداً وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُمُ الْغَمُّ أَبَداً ... وَهِيَ‏ عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ يَعْنِي مُطْبَقَةٌ ، لَيْسَ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ شَافِعُونَ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ صِدِّيقٌ حَمِيمٌ ، وَيَنْسَاهُمُ الرَّبُّ ، وَيَمْحُو ذِكْرَهُمْ مِنْ قُلُوبِ الْعِبَادِ ، فَلَا يُذْكَرُونَ أَبَداً ...
فَنَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ الْغَفُورِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنَ النَّارِ وَمَا فِيهَا وَمِنْ كُلِّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ مِنَ النَّارِ ، إِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ جَوَادٌ كَرِيمٌ‏ .

*
المصدر : (الاختصاص للشيخ المفيد : ص 359 - 365.)