تحياتي الطيبة لك ولكافة الإخوة المتحاورين...
حاولت كثيراً وبذلت جهداً كبيراً منذ سنوات وكتبت عدة مقالات بهذا الشأن، في محاولة للوصول إلى جوهر المشكلة وعقدة الصراع المستفحل منذ عام 2003 ، والدائرحول تسميات شعبنا إستناداً إلى الحقب التاريخية التي مرَ بها ، بيد اني عجزت عن أدراك مكمن المشكلة، ووضع يدي على موطن الخلل وأبعاد الضير، لو قلت بأني أومن بأن قوميتي هي ( كلدانية أو أشورية أو سريانية ) ولكني بذات الوقت أحترم بقية هويات شعبنا الواحد وأعتز بكل التسميات الأخرى .
ما الإشكال الذي تحول إلى صراع معيب ومناكفات وإتهامات وتخوين وأحياناً شتائم مُخجلة ، حينما يذكر أحدنا عنوان هويته التي يحملها ويؤمن بها ؟ وما نوع الجريمة والتجاوز والذنب حينما يحمل ثلاثة أشقاء ثلاثة تسميات مختلفة في عنوانها ، وموحدة في جوهرها وأهدافها ، وكل منهم يعتز بإسمه ومقتنع بإختياره، ولكنه لا يهمش الأخر ولا يسلب حقوقه ولا يحاول إلغاء وجوده ولا تمزيق صفحة حضارته من سجلات التاريخ؟ أليس العكس هو الصحيح ؟ أليست قوة لنا جميعاً حين نتكاتف تحت سقف بيتنا المشترك الواسع ونعمل كرجل واحد لنيل حقوقنا الكاملة من ( الحاكم المتسلط ) الذي ينظر إلينا بإستخفاف بسبب تشتتنا ومعاركنا الإنترنيتية ، ونحن مسيحيون تجمعنا مبادئ السيد المسيح خالق الكون ومخلص البشرية في التسامح والمحبة والتواضع ونكران الذات .
لماذا يريد أحد الأشقاء الإستيلاء على كامل الميراث الحضاري والتاريخي والتراثي لجده ، ويحاول حرمان شقيقيه منه ؟ ولماذا نواصل سياسة " أنا أنا ، وأنت أنا ، ولا فرق بيننا ، ولكنك جزءٌ مني . أنت شقيقي ولكنك على أرض الواقع غير موجود لأن هويتك مزيفة ، وأنا مُخول بتمثيلك لأنك في الحقيقة وهم ووجودك خيال !!!!
لكل تسمية مصادرها التاريخية ومؤرخيها وإثباتاتها ووثائقها التي تنطلق منها وتستمد قوتها من صفحاتها، ولكن هل يظن أحدنا بنسبة جزء ضئيل من 1 %100، بأن بإمكانه إقناع الطرف الأخر ببراهينه وشواهده وكتاباته ومقالاته ومؤلفاته ووجهة نظره الثاقبة وبراعته و..... ؟ كلا وألف كلا ، وسنبقى لما تبقى من أعمارنا ونحن ندور في حلقة مفرغة، وسيرث أبناؤنا هذا الوضع المزري وربما عدد قليل من أحفادنا ، وبعدها سيكون كل شيء قد تلاشى وأمسى من ذكريات الماضي وكوابيس ليلة صيف عابرة لا تعنيهم بشيء وخاصة أجيال المهاجرين اللاحقة التي ستجرفها تيارات الحياة المعاصرة ....
نحن نحاول أن نطحن الهواء ونغير طبيعة الماء ، كفانا كبرياء ورفع هاماتنا إلى السماء، وتكرار هذا المسلسل الممل ، ونكف عن إجترار صراع التسميات لإبراز عضلاتنا والإصرارعلى أننا على حق وصواب والباقين على خطأ وضلال ، ونحن جالسون خلف الشاشات الصغيرة نحتسي المشروبات ( الساخنة) ونبتسم في أعماقنا من شدة ذكائنا وعمق ثقافتنا ونحن ننشر مقالاتنا ونتحدى غيرنا ونتطفل على شأن لا يخصنا .
لندع كل تربة ترتوي من مياه ينابيعها، وكل ساقية تنبت نوعية زرعها ، ونترك ما لقيصر لقيصر وما لله لله.... ونتفق على إحترام خصوصية وقناعة وحرية الأخر فما يختاره من تسمية، ويضع في جيبه من هوية ، لنُظهر ثقافتنا المتحضرة وعقليتنا المتطورة ، ثم نضع يداً بيدٍ ونسير نحو هدف واحد لننقل إلى أبناؤنا وأحفادنا هذه الظاهرة الحضارية وهذه المبادئ الراقية التي تليق بنا كأحفاد شعب الحضارات والأمجاد ، أولائك الرجال والأجداد العظام الذين شرعوا أول القوانين للبشرية ووضعوا تلك المسلة الخالدة ، وصنعوا العجلة، وعلموا الإنسان كتابة الحرف وإبتكروا الأبجدية ، ونبغوا في علم الفلك، وقسموا الزمن إلى أصغر وحداته الحالية...وعذراً على الإطالة...
مع كل التقدير لكافة أبناء شعبنا مهما كانت تسمياتهم والإعتزار بلكل
وتقبل تحياتي
الكاتب-صباح دمان