كيف يتعامل أصحاب الذكاء العاطفي مع النقد ؟ إنهم لا يفعلون هذه الأمور



قام أحد المديرين بعد فترة وجيزة من وصوله إلى منصب قيادي مرموق باختبار تجربة غيرت كثيراً من أسلوبه وطريقته في القيادة فيما بعد. يوماً ما دعا موظفاً، فَلْنَدْعُهُ "آدم"، يعمل تحت رئاسته وانتقد أداءه وأسلوبه في القيام بالعمل.

وربما كان رأيه صائباً وصحيحاً، ولكنه كان بإمكانه إخباره بالأمر بطريقة أفضل كثيراً من ذلك، وقبل انتهاء اللقاء بلحظات قال آدم لمديره إنه ينتمي إلى نوعية المديرين المكروهين، الذين لن يحصلون على حب الموظفين أبداً. ربما كانت هذه العبارة من أقسى العبارات التي سمعها هذا المدير.

لا أحد منّا يُحب أن يتم انتقاده؛ فهي طبيعة بشرية، والكل يفضل أن يكون على صواب، ويشعر ببعض المرارة والحزن عندما يكون مُخطئاً، ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أننا جميعاً نحتاج إلى
النقد.

وعلى الرغم من أننا جميعاً نحب أن نكون رفقة الأشخاص الذين يشبهوننا في التفكير، ولكن في حقيقة الأمر فإن أولئك الذين يختلفون معنا يساعدوننا حقاً على النمو والازدهار الفكري؛ لأنهم يجعلونا نكتشف نقاط القوة والضعف ونتعرف إلى مشكلاتنا؛ ما يقودنا إلى حلها وتفادي الوقوع في مثلها مرة أخرى.

تأكد من الأشخاص الذين يتحدوننا يجعلوننا في نهاية المطاف أشخاصاً أفضل.


كيف يساعدنا الذكاء العاطفي؟
يتضمن الذكاء العاطفي القدرة على التعرف إلى عواطفك وفهمها، واستخدام هذه المعلومات والأفكار لمساعدتك على اتخاذ القرارات السليمة.

بالتأكيد هناك أوقات عليك ألا تستمع فيها إلى
النقد، خاصة في المرات التي يكون فيها مبنياً على الباطل أو تشعر بأن الشخص الذي ينتقدك لا يهدف إلى أي شيء من كلامه سوى تدميرك والقضاء عليك، بعيداً عن ذلك عليك أن تتعلم كيف تتقبل النقد البناء والمفيد.

عندما ينتقدنا الآخرون أو يقيمون أداءنا وأسلوبنا، فيجب أن يكون هدفنا من ذلك كله هو التعلم والاستفادة وتلافي الأخطاء وحل المشكلات، وألا ندع المشاعر تسيطر علينا وتغلق أذهاننا.
كيف يتعامل أصحاب الذكاء العاطفي مع النقد؟
أصحاب الذكاء العاطفي غالباً ما يكونون أكثر قدرة على التعامل مع النقد بطرق أكثر احترافية، وبخبرة أكبر، وفي ما يلي بعض الطرق التي يتعاملون بها مع النقد.
لا يستهينون بالمشكلة
عندما ينتقدك أحدهم، فإن أول شيء سوف تفكر فيه هو "هل الأمر بهذه الأهمية؟ هل هو بهذا التأثير؟".. ربما يكون كذلك فعلاً، ربما يحاول هذا الشخص مساعدتك وجذب انتباهك إلى شيء لم تكن تلاحظه منذ البداية.
لا يختلقون الأعذار
إذا كان لدى أحدهم الجرأة في إخبارك بأن أداءك في العمل سيئ، أو طريقتك في التعامل مع الآخرين فظة وغير لائقة، أو أنك ترتدي ملابس لا تتناسب مع بعضها بعضاً، فلا تضيع وقتك وأنت تختلق أعذاراً وتبرر تصرفاتك، وتدافع عن نفسك. فقط اعترف بأنك مُخطئ وسوف تصحح هذا الخطأ فيما بعد، وحاول الاستفادة من النقد والنصائح المُقدمة إليك.
لا يدافعون عن أنفسهم
الأشخاص أصحاب الذكاء العاطفي لا يدافعون عن أنفسهم أو يبررون تصرفاتهم التي قد يتعامل معها البعض باعتبارها أموراً خاطئة، ولا يتعاملون مع النقد الذي يلاقونه من الآخرين على أنه إهانة شخصية، ولكنهم يستقبلونه بصدر رحب، ويأخذون منه ما يفيدهم حقاً، ويتجاهلون الأمور غير البنَّاءة.
لا يتجاهلون المشكلة
السياسيون والدبلوماسيون بارعون تماماً في هذه الأمور، ولكن رفض مناقشة المشكلة أو التطرق إلى الأزمة ليس سيئاً فحسب، ولكنه يتسبب في شعور الإنسان بالانهزام والتقهقر. الخطوة الأولى في التخلص من العيوب وحل المشكلات تتمثل في أن تدرك أنها موجودة بالفعل.
لا يلقون باللوم على الآخرين
بالنسبة لبعض الناس، فإنه دائماً ما يكون الآخرون هم المُخطئين بينما لا يقترفون هم أي ذنب. ولكن في حقيقة الأمر فإن هؤلاء الأشخاص غالباً ما ينتهي بهم المطاف وحيدين؛ لأن الجميع يبتعد عنهم لأنهم أشخاص لا يتحملون المسؤولية. لا نستطيع التحكم في الآخرين، ولكننا نستطيع التحكم في أنفسنا. عندما نتقبل النقد ونحوله إلى أمور واقعية ملموسة، فإننا نستفيد كثيراً ونفيد غيرنا لأننا نصبح مثلاً أعلى يُحتذى به.


الدرس المستفاد
دعونا نعود إلى القصة التي طرحناها منذ البداية مرة أخرى، على الرغم من أن المدير تعلم درساً كبيراً في ذلك اليوم، فإنه تجدر الإشارة إلى أن آدم لم يتعامل مع النقد بالذكاء العاطفي المطلوب، ولكن مديره تعامل معه بصدر رحب، وسأله عن أسباب قوله هذه العبارة، وتعلم واستفاد من صدقه، ولأنه فعل ذلك تمكن من تدارك الأخطاء، وتوقف عن اتباع طريقة إدارة تجعل الموظفين يكرهونه.

والدرس المستفاد من قصة آدم والمدير هذه هي أن التحكم في نفسك وعواطفك سوف يمنحك فرصة للتعلم والنمو، والخروج من الأزمات وحل المشكلات بطرق مختلفة وأكثر إبداعاً.